تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الكاف مع الشين

صفحة 183 - الجزء 9

  وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: كُرْشَانُ، بالضَّمِّ: وهو أَبُو قَبِيلَةٍ من العَرَبِ⁣(⁣١).

  قُلْت: هو كُرْشانُ بنُ الآمِرِيِّ بنِ مَهْرَةَ بنِ حَيْدانَ بنِ عَمْرو بن الْحافِ بنِ قُضاعَةَ. قال ابنُ دُرَيْد.

  وكُرَاشٌ، ككِتَابٍ، وضَبَطَه الصّاغَانِيُّ بالضّمّ: جَبَلٌ لهُذَيْلٍ، وقيل: ماءٌ بنَجْد لبَنِي دُهْمانَ، قال أَبو بُثَيْنَة العامِريُّ⁣(⁣٢) يَهْجُو سارِيَةَ بنَ زُنَيْمٍ:

  وأَوْفَى وَسْطَ قَرْنِ كُرَاشَ دَاعٍ ... فجَاؤُوا مثْلَ أَفْوَاجِ الحَسِيلِ⁣(⁣٣)

  والكُرّاشُ، كزُنَّارٍ: دُوَيْبَّةٌ تَلْكَعُ النّاسَ، تُوجَدُ في مَبارِكِ الإِبِلِ، وهي ضَرْب من القِرْدَانِ، وقِيلَ: هُو كالقَمْقَامِ، وَاحِدَتُه كُرّاشَةٌ.

  والتَّكْرِيشَةُ: الَّتِي تُطْبَخُ في الكُرُوشِ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو.

  وقال الأَزْهَرِيّ: المُكَرَّشَةُ، كمُعَظَّمَةٍ: طَعَام البادِينَ⁣(⁣٤)، يُعْمَلُ من اللَّحْمِ والشَّحْمِ، وذلِك أَنْ يُؤْخَذَ اللّحْمُ الأَشْمَطُ فيُهَرَّم تَهْرِيماً جيِّداً، ويُجْعَلَ معه من الشَّحْمِ المُقَطَّعِ مثلُه، ثمّ يُجْعَلَ في قِطْعَةٍ مُقَوَّرَةٍ من كَرِش البَعِيرِ بعد أَن يُغْسَل وينظَّف وَجْهُه الأَمْلَسُ الذِي لا خَمْلَ فيه ولا فَرْث [ويُجعل فيه اللَّحْمُ المهرّمُ]⁣(⁣٥) وتُجْمَعَ أَطْرَافُه، ويُخَلَّ عَلَيْهِ بخِلالٍ يُمْسِكُه، وتُحْفَرَ له إِرَةٌ على قَدْرِه، وتُطْرَح فيها الرِّضافُ، ويُوقَد عَلَيْهَا حَتَّى تَحْمَى وتَحْمَرَّ، فتَصِيرَ كالنّارِ، ثم يُنَحَّى الجَمْرُ عَنْهَا، وتُدْفَن المُكَرَّشَةُ فِيها، ويُجْعل فَوْقَها مَلَّةٌ حامِيَةٌ، ثُم يُوقَد فَوْقَها بِحَطَبٍ جَزْلٍ، ثُمَّ تُتْرَك حَتَّى تَنْضَجَ نُضْجاً جَيِّداً، فتُخْرَج وقَدْ طابَتْ، وقد صارَتْ كالقِطْعَةِ الوَاحِدَةِ، وقد ذابَ الشَّحْمُ باللَّحْمِ، فتُؤْكَل بالتَّمْرِ طَيِّبَةً، يُقَالُ: كَرِّشُوا لَنَا من لَحْمِ جَزُورِكُم تَكْرِيشاً.

  والمُكَرِّشَةُ، بكَسْرِ الرّاء: ما تَعَقَّفَ بَزْرُه مِنْ أَنْوَاعِ البِطِّيخِ، وهذِهِ عن الصّاغَانِيُ. وكَرَّشَ تَكْرِيشاً، قَطَّبَ وَجْهَهُ قال رُؤْبَةُ:

  وَارِي الزِّنادِ مُسْفِرُ البَشِيشِ ... طَلْقٌ إِذا اسْتَكْرَشَ ذُو التَّكْرِيشِ

  وهُوَ مَجَازٌ.

  وكَرَّشَ تَكْرِيشاً: عَمِلَ المُكَرَّشَةَ، قالَهُ الأَزْهَرِيّ.

  وتَكَرَّشُوا: إِذا تَجَمَّعُوا، نَقَلَهُ الصّاغَانِيُّ.

  وقال الجَوْهَرِيُّ: تَكَرَّشَ وَجْهُهُ: تَقَبّضَ. وزادَ غَيْرُه: جِلْدُه، وقِيلَ: جِلْدُ وَجْهِهِ. هكَذا في بَعْضِ النُّسَخِ، وَقَدْ يُقَال ذلِكَ في كلِّ جِلْدٍ، ويُقَالُ: كَلَّمْتُه بِكَلامٍ فتَكَرَّشَ وَجْهُه، وتَكَرَّشَ جِلْدُه، أَيْ تقَبَّضَ، وهو مَجازٌ، وزادَ ابنُ فارِسٍ: فصارَ كالكَرِشِ.

  واسْتَكْرَشَتِ الإِنْفَحَةُ: صارَتْ كَرِشاً، وذلِكَ إِذا رَعَى الجَدْيُ النَّباتَ، قالَ الجَوْهَرِيُّ: لِأَنّ الكَرِشَ تُسَمَّى إِنْفَحَةً ما لَمْ يَأْكُلِ الجَدْيُ، فإِذا أَكَلَ تُسَمَّى كَرِشاً، وقد اسْتَكْرَشَتْ.

  وقالَ غَيْرُه: اسْتَكْرَشَ الصَّبِيُّ والجَدْيُ: عَظُمَتْ كَرِشُه، وقِيلَ: المُسْتكْرِشُ بَعْدَ الفطِيمِ، واسْتِكْرَاشُه: أَنْ يَشْتَدَّ حَنَكُه ويَجْفُرَ بَطْنُه، وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيّ: اسْتَكْرَشَت البَهْمَةُ: عَظُم بَطْنُه⁣(⁣٦)، وقَالَ الأَزْهَرِيُّ: يُقَالُ لِلْصَبِيّ إِذا عَظُمَ بَطْنُه، وأَخَذَ في الأَكْلِ: قد اسْتَكْرَشَ، وأَنْكَرَ بَعْضُهم ذلِكَ في الصَّبِيِّ فقال: يُقَالُ للصَّبِيِّ قد اسْتَجْفَرَ، وإِنَّمَا يُقَالُ: اسْتَكْرَشَ الجَدْيُ، وكُلُّ سَخْلٍ يَسْتَكْرِشُ، يَعْنِي⁣(⁣٧) يَعْظُم بَطْنُه، ويَشْتَدُّ أَكْلُه.

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه:

  جَمْعُ الكَرِش أَكْرَاشٌ وكُرُوشٌ، وإِذا كانَت الأَرْضُ جَدْبَةً يُقَال: اغْبَرَّتْ جِلْدَتُهَا ورَقَّت كَرِشُها، وهو مَجَازٌ.

  ويُقَال لِلدَّلْوِ العَظِيمَةِ المُنْتَفِخَةِ النَّوَاحِي: كَرْشاءُ، وهو من مَجازِ المَجَازِ: نَقَلَهُ الزّمَخْشَرِي.

  ورَجُلٌ أَكْرَشُ، أَيْ عَظِيمُ البَطْنِ، وقِيلَ: عَظِيمُ المالِ، وهُوَ مجازٌ.


(١) الجمهرة ٢/ ٣٤٨.

(٢) في معجم البلدان: أبو بثينة بن أبي زنيم.

(٣) معجم البلدان «كراش»، وقبله ثلاثة أبيات.

(٤) الأصل والتهذيب، وفي اللسان نقلا عن أبي منصور: البادية.

(٥) زيادة عن التهذيب.

(٦) نص اللسان: استكرش البهمة عظمت إنفحته.

(٧) التهذيب: حين.