تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[مشش]:

صفحة 196 - الجزء 9

  والمَشَشُ مُحَرَّكَةً: شَيْءٌ يَشْخَصُ فِي وَظِيفِ الدّابَّةِ حَتَّى يَكُونَ لَهُ حَجْمٌ، يَشْتَدُّ ويَصْلُبُ دُونَ اشْتِدَادِ العَظْمِ. ونَصُّ الجَوْهَرِيِّ: حتّى يكونَ له حَجْمٌ ولَيْسَ له صَلابَةُ العَظْمِ الصَّحِيحِ. وفي المُحْكَم: المَشَشُ: وَرَمٌ يَأْخُذُ في مُقَدَّم عَظْمِ الوَظِيفِ، أَو باطِنِ السّاقِ في إِنْسِيِّهِ، قال الأَعْشَى:

  أَمِينِ الفُصُوصِ قَصِيرِ القَرَا ... صَحِيحِ النُّسُورِ قَلِيلِ المَشَشْ⁣(⁣١)

  وقَدْ مَشِشَتْ هِيَ، بالكَسْرِ، مَشَشاً، بإظْهارِ التَّضْعِيفِ، وهُوَ نادَرٌ، قالَ الجَوْهَرِيُّ: وهو أَحَدُ ما جاءَ على الأَصْلِ ولا نَظِيرَ لَهَا سِوَى لَحِحَتْ. وقالَ الأَحْمَرُ: لَيْسَ في الكَلَامِ مِثْلُه، وقال غَيْرُه: ضَبِبَ المَكَانُ، إِذا كَثُر ضِبَابُهُ، وأَلِلَ السِّقاءُ، إِذا خَبُثَ رِيحُه.

  والمَشَشُ: بَيَاضٌ يَعْتَرِي الإِبِلَ في عُيُونِهَا، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ، وهُوَ أَمَشُّ وهي مَشّاءُ، مِنْ ذلِكَ.

  والمُشَاشَةُ، بالضَّمِّ: رأْسُ العَظْمِ المُمْكِنِ المَضْغِ، وهو اللَّيِّنُ الَّذِي يُمْكِنُ مَضْغُه، ج مُشَاشٌ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وبه فُسِّر الحَدِيثُ «مُلِئَ عَمّارٌ إيماناً إِلَى مُشَاشِهِ» وقالَ أَبو عُبْيْد: المُشَاشُ: رؤُوسُ العِظَامِ مِثْل الرُّكْبَتَيْنِ والمِرْفَقَيْنِ والمَنْكِبَيْنِ. و فِي صِفَته، «أَنَّه كانَ جَلِيلَ المُشَاشِ» أَيْ عَظِيمَ رُؤُوس العِظَامِ كالمِرْفَقَيْنِ والكَتِفَينِ⁣(⁣٢) والرُّكْبَتَيْنِ، وقِيلَ: المُشَاشَةُ: مَا أَشْرَفَ مِنْ عَظْمِ المَنْكِب.

  والمُشَاشَةُ: الأَرْضُ الصُّلْبَةُ تُتَّخَذُ فِيهَا رَكَايَا، ويكونُ مِنْ وَرَائِهَا حاجِزٌ، فإِذا مُلِئَتِ الرَّكِيَّةُ شَرِبَت المُشَاشَةُ الماءَ، فكُلَّما اسْتُقِيَ مِنْهَا دَلْوٌ جَمَّ مَكَانَها دَلْوٌ أُخْرَى.

  وقِيل: المُشَاشَةُ: أَرْضٌ رِخْوَةٌ لا تَبْلُغُ أَنْ تَكُونَ حَجَراً، يَجْتَمِع فِيها ماءُ السَّمَاءِ، وفَوْقَها رَمْلٌ يَحْجِزُ الشَّمْسَ عن الماءِ، وتَمْنَع المُشَاشَةُ الماءَ أَنْ يَتَشَرّبَ⁣(⁣٣) في الأَرْضِ، فكُلَّمَا اسْتُقِيَتْ مُنْهَا دَلْوٌ جَمَّتْ أُخْرَى. قاله ابنُ دُرَيْدٍ.

  وقال ابنُ شُمَيْل: المُشَاشَةُ: جَوْفُ الأَرْضِ، وإِنَّمَا الأَرْضُ مَسَكٌ، فمَسَكَةٌ كَذّانَةٌ، ومَسَكَةٌ حِجَارَةٌ غَلِيظَة، ومَسَكَةٌ لَيِّنةٌ، وإِنّمَا الأَرْضُ طَرَائِقُ، فكُلّ طَرِيقَة مَسَكَةٌ، والمُشَاشَةُ: هي الطَّرِيقَةُ الَّتِي فيهَا⁣(⁣٤) حجَارَةٌ خَوَّارَةٌ وتُرَابٌ.

  والمُشَاشَةُ: جَبَلُ الرَّكِيَّةِ الَّذِي فِيه نَبْطُهَا، وهو حَجَرٌ يَهْمِي مِنْهُ الماءُ، أَيْ يَرْشَح، فهي كمُشَاشَةِ العِظَامِ يَتَحَلَّبُ أَبَداً، يُقَالُ: إِنّ مُشَاشَ جَبَلِهَا لَيَتَحَلَّبُ، أَي يَرْشَحُ ماءً.

  والمُشَاشُ، كغُرَابٍ: الأَرْضُ اللَّيِّنَةُ، قالَهُ الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ للراجز⁣(⁣٥):

  راسِي العُرُوقِ في المُشَاشِ البَجْباجْ

  قُلْت: ويُقَال: رَمْلٌ بَجْبَاجٌ، أَيْ ضَخْمٌ مُجْتَمِع كما قالَه الأَزْهَرِيُّ.

  ومن المجازِ: فُلانٌ طَيِّب المُشَاشِ، أَي كَرِيمُ النَّفْس، قالَهُ الجَوْهَرِيُّ، قال: وقَوْلُ أَبِي ذُؤَيْبٍ يَصِفُ فَرَساً:

  يَعْدُو بهِ نَهِشُ المُشَاشِ كَأَنَّه ... صَدَعٌ سَلِيمٌ رَجْعُه لا يَظْلَعُ

  يَعْنِي أَنَّه خفِيفُ النَّفْسِ أَو العِظامِ أَوْ كنى به عن القوَائِمِ.

  ومِنَ المَجَازِ أَيْضاً قَوْلُهم: فُلانٌ لَيِّنُ المُشَاشِ، إِذا كانَ طَيِّبَ النَّحِيزَةِ، أَي الطَّبِيعَة، عَفِيفاً عن الطَّمَعِ.

  وقِيلَ: إِنَّهُ لَكَرِيمُ المُشَاشِ، أَي الأَصْل، عَن ابنِ عَبّادٍ.

  وقِيلَ: المُشَاشُ: الخَفِيفُ النَّفْسِ، وبه فُسِّر قَوْلُ أَبِي ذُؤَيْبٍ كَما تَقَدَّم، أَو الخَفِيفُ المَؤُونِة عَلَى مَنْ يُعَاشِرُه.

  وقِيلَ: هُوَ الظَّرِيفُ في الحَرَكَاتِ.

  وقِيلَ: خَفِيفُ المُشَاشِ: الخَدّامُ في السَّفَرِ والحَضَرِ، عن ابنِ عبّادٍ.

  وأَمَشَّ العَظْمُ إِمْشَاشاً، أَيْ صَارَ فِيه ما يُمَشُّ، أَيْ أَمَخَّ حَتَّى يُتَمَشَّشَ.

  وأَمَشَّ السَّلَمُ: خَرَجَ ما يَخْرُجُ مِنْ أَطْرَافِهِ ناعِماً رَخْصاً كالمُشَاشِ، وقد جاءَ في حَدِيثِ مَكّةَ شَرَّفَهَا الله تعَالَى: «وأَمَشَّ سَلَمُها» قَال ابنُ الأَثِيرِ: والرِّوَايَةُ أَمْشَرَ، بالراء.


(١) بالأصل «أمين النصوص» والمثبت عن المطبوعه الكويتية.

(٢) في اللسان «دار المعارف»: والكفين.

(٣) في الجمهرة ١/ ٩٩ يتسرب.

(٤) في التهذيب واللسان: هي.

(٥) بالأصل «وأنشد الراجز».