تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[وحش]:

صفحة 220 - الجزء 9

  [وحش]: الوَحْشُ، من حَيَوان البَرِّ، كُلُّ ما لا يُسْتَأْنَسُ، مُؤنّثٌ، كالوَحِيشِ، كأَمِيرٍ، عن ابنِ الأَعْرابِيِّ، ونَصُّه: الجَانِبُ الوَحِيشُ كالوَحْشِيِّ، وأَنْشَد:

  لِجَارَتِنَا الشِّقُّ الوَحَيشُ ولا يُرَى ... لِجَارَتِنَا مِنَّا أَخٌ وصَدِيقُ

  ج: وُحُوشٌ، لا يُكَسَّرَ عَلَى غَيْرِ ذلِك، وقِيل وُحْشَانٌ أَيْضاً، وهو بالضَمّ، نقله الصاغَانِيُّ، قَالَ ابنُ شُمَيْلٍ: والجماعَة⁣(⁣١) هِي الوَحْشُ والوُحُوشُ والوَحِيشُ، قالَ أَبو النَّجْمِ:

  أَمْسَى يَباباً والنَّعَامُ نَعَمُه ... قَفْراً وآجالُ الوَحِيشِ غَنَمُهْ

  قال الصّاغَانِيُّ: هو جَمْعُ وَحْشٍ، مِثْل ضَئِينٍ في جمع ضَأْنٍ، الوَاحِدُ وَحْشِيٌّ، كزَنْجٍ وزَنْجِيٍّ، ورُومٍ ورُومِيٍّ ويُقَالُ: حِمَارُ وَحْشٍ، بالإِضافَةِ، وحِمَارٌ وَحْشِيٌّ، عَلَى النّعْتِ، وقالَ ابنُ شُمَيْلٍ: يُقَال لِلْوَاحِدِ من الوَحْشِ: هذا وَحْشٌ ضَخْمٌ، وهذه شاةٌ وَحْشٌ، وقالَ غيرُه: كُلُّ شيءٍ يَسْتَوْحِشُ فهو وَحِيشٌ. وقال بَعْضُهم: إِذا أَقْبَلَ اللَّيْلُ اسْتَأْنَس كلُّ وَحْشِيٍّ وَاسْتَوْحَشَ كلُّ إِنْسِيٍّ.

  وَأَرْضٌ مُوحِشَةٌ، هكذا في سائرِ النُّسَخِ، والصَّوابُ مَوْحُوشَةٌ: كَثِيرَتُهَا، أَيْ الوُحُوشِ، ومِثْلُه في الأَسَاسِ، وفي الصّحاحِ، ونَصُّه: أَرْضٌ مَوْحُوشَةٌ: ذاتُ وُحُوشٍ⁣(⁣٢)، عن الفَرّاءِ.

  والوَحْشِيُّ: الجَانِبُ الأَيْمَنُ مِن كُلِّ شَيْءٍ، قال الجَوْهَرِيُّ.

  وهذا قَوْلُ أَبِي زَيْدٍ وأَبي عَمْروٍ، قال عَنْتَرَةُ:

  وكأَنَّمَا تَنْأَى بجَانِبِ دَفِّها الْ ... وَحْشِيِّ من هَزَجِ العَشِيِّ مُؤَوَّمِ.

  وإِنّما تَنْأَى بالجانِبِ الوَحْشِيِّ لأَنَّ سَوْطَ الرّاكِب في يَدِه اليُمْنَى، قال الرّاعِي:

  فمَالَتْ عَلَى شِقِّ وَحْشِيِّها ... وقَدْ رِيعَ جَانِبُهَا الأَيْسَرُ⁣(⁣٣)

  ويُقَالُ: لَيْسَ مِنْ شَيْء يَفْزَع إِلا مَالَ على جانِبِه الأَيْمَن؛ لِأَنّ الدّابَّةَ لا تُؤْتَى من جَانِبِهَا الأَيْمَن، وإِنَّمَا تُؤْتَى في الاحْتِلابِ والرُّكُوبِ من جانِبِها الأَيْسَر، فإِنَّما خَوْفُه مِنْه، والخَائِفُ إِنَّمَا يَفِرُّ من مَوْضِعِ المخافةِ إِلى موضعِ الأَمْنِ⁣(⁣٤)، هذا نصُّ الجَوْهَرِيِّ.

  أَو الوَحْشِيُّ: الجَانِبُ الأَيْسَرُ من كُلِّ شيْءٍ، وهو قَوْلُ الأَصْمَعِيِّ، كما نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وقَالَ اللّيْثُ: وَحْشِيُّ كُلِّ دابَّةٍ: شِقُّه الأَيْمَنُ، وإِنْسِيُّه: شِقُّه الأَيْسَر، قالَ الأَزْهَرِيُّ: جَوَّدَ اللَّيْثُ في هذا التّفْسِير في الوَحْشِيِّ والإِنْسِيّ، ووَافَقَ قَوْلَ الأَئِمَّةِ المُتْقِنِين.

  ورُوِيَ عن المُفَضَّلِ وعَنِ الأَصْمَعِيّ وعَنْ أبي عُبَيْدَة قالُوا كُلُّهُم: الوَحْشِيُّ مِنْ جَمِيعِ الحَيَوَانِ، لَيْسَ الإِنْسَان: هُوَ الجَانِبُ الَّذِي لا يُحْلَبُ مِنْهُ ولا يُرْكَبُ⁣(⁣٥)، والإِنْسِيُّ: الجانِبُ الَّذِي يَرْكَبُ مِنْهُ الراكِبُ، ويَحْلُبُ مِنْهُ الحالَبُ، قال أَبُو العَبّاس: واخْتَلَف النّاسُ فِيهِمَا من الإِنْسَانِ، فبَعْضُهم يُلْحِقُه في الخَيْلِ والدَّوَابِّ والإِبِلِ، وبَعْضُهم فَرَّقَ بَيْنَهُمَا، فقالَ: الوَحْشِيّ: ما وَلِيَ الكَتِفَ، والإِنْسِيُّ: ما وَلِيَ الإِبِطَ، قَالَ: وهذا هُوَ الاخْتِيَارُ، لِيَكُونَ فَرْقاً بَيْنَ بَنِي آدَمَ وسَائِرِ الحَيَوانِ.

  وقِيلَ الوَحْشِيُّ: الَّذِي لا يُقْدَرُ على أَخْذِ الدّابَّة إِذا أَفْلَتَتْ [منه]⁣(⁣٦) وإِنَّمَا يُؤْخَذُ من الإِنْسِيِّ، وهو الجَانِبُ الذِي تُرْكَبُ منه الدّابّةُ.

  والوَحْشِيُّ مِن القَوْسِ الأَعْجَمِيَّةِ: ظَهْرُهَا، وإِنْسِيُّهَا: ما أَقْبَلَ عليكَ مِنْهَا، وكذلِكَ وَحْشِيُّ اليَدِ والرِّجْلِ وإِنْسِيُّهما، نقله الجَوْهَرِيُّ وقِيل: وَحْشِيُّ القَوْسِ: الجانِبُ الَّذِي لا يَقَعُ عَلَيْه السَّهْمُ. لَمْ يَخُصَّ بذلِكَ أَعْجَمِيَّةً مِنْ غَيْرِهَا، وكَذلِكَ الجَوْهَرِيُّ، وأَطْلَقَ القَوْسَ.

  وقَالَ بَعْضُهم: إِنْسِيُّ القَدَمِ: ما أَقْبَلَ مِنْهَا عَلَى القَدَمِ الأُخْرَى، ووَحْشِيُّهَا ما خَالَفَ إِنْسِيَّهَا.

  ووَحْشِيُّ بنُ حَرْبٍ الحَبَشِيُّ، من سُودانِ مَكَّةَ، صَحَابِيٌّ،


(١) بالأصل: «ويقال الجماعة» والمثبت عن التهذيب واللسان.

(٢) في التهذيب: كثيرة الوحش.

(٣) ديوانه ص ١٠١ وانظر تخريجه فيه.

(٤) في المطبوعة الكويتية: «والخائف إنما يفر من موضع الأمن» وهو خطأ ظاهر.

(٥) في التهذيب: الذي لا يركب منه ولا يحلب.

(٦) زيادة عن اللسان.