تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الواو مع الشين

صفحة 222 - الجزء 9

  وأَوْحَشَ الأَرْضَ: وَجَدَها وَحْشَةً، عن الأَصْمَعِيّ، وأَنْشَدَ للْعَبّاسِ بنِ مِرْدَاسٍ:

  لِأَسْمَاءَ رَسْمٌ أَصْبَحَ اليَوْمَ دَارِسَا ... وأَوْحَشَ مِنْهَا رَحْرَحَانَ فرَاكِسَا

  هكَذا أَنْشَدَه الجَوْهَرِيُّ، وقالَ ابنُ بَرِّيّ، ويُرْوَى:

  وأَقْفَرَ إِلاَّ رَحْرَحانَ فرَاكِسَا⁣(⁣١)

  وأَوْحَشَ المَنْزِلُ مِنْ أَهْلِه: صَارَ وَحْشاً، وذَهَبَ عنه النّاسُ، كتَوَحَّشَ. وطَلَلٌ مُوحِشٌ، قالَ كُثَيِّرٌ:

  لِعَزَّةَ مُوحِشاً طَلَلٌ قَدِيمٌ ... عَفَاهَا كُلُّ أَسْحَمَ مُسْتَدِيمُ

  وأَوْحَشَ الرَّجُلُ: جاعَ فهو مُوحِشٌ، عن أَبِي زَيْدٍ، وقالَ غَيْرُه: من النّاسِ وغَيْرِهِمْ؛ لخُلُوِّه عن الطَّعَامِ.

  ويُقَالُ: قَدْ أَوْحَشَ مُنْذُ لَيْلَتَيْنِ، إِذا نَفِذَ زادُه.

  وتَوَحَّشَ الرَّجُلُ: خَلَا بَطْنُه، من الجُوعِ، فهُوَ مُتَوَحِّشٌ.

  واسْتَوْحَشَ مِنْهُ: وَجَدَ الوَحْشَةَ ولَمْ يَأْنَسْ بهِ، فكَانَ كالوَحْشِيِّ.

  ويُقَال: تَوَحَّشْ يا فُلانُ، أَيْ أَخْلِ مَعِدَتَكَ، وفي الصّحاح: جَوْفَكَ من الطَّعَامِ والشَّرَابِ لِشُرْبِ الدَّواءِ لِيَكُونَ أَسْهَلَ لِخُرُوجِ الفُضُولِ من عُرُوقِه، ولَيْسَ في الصّحاحِ ذِكْرُ الشّرَابِ.

  * وممّا يُسْتَدْرك عَلَيْه:

  اسْتَوْحَشَ الرَّجُلُ: لَحِقَ بالوَحْشِ، ومنه حَدِيثُ النَّجَاشِي: «فنَفَخَ في إِحْلِيلِ عُمَارَةَ فَاسْتَوْحَشَ» ذَكَرَهُ السُّهَيْلِيُّ في الرَّوضِ⁣(⁣٢).

  وتَوَحَّشَتِ الأَرْضُ: صَارَتْ وَحْشَةً.

  ووحشَ المَكَانُ، بالضَّمِّ: كَثُر وَحْشُه، عن ابنِ القَطّاعِ.

  وقَدْ أَوْحَشْتُ الرّجُلَ فاسْتَوْحَشَ، ومِنْهُ قَوْلُ أَهْلِ مَكَّةَ: أَوْحَشْتَنَا، وأَنْشَدَنا عن وَاحِدٍ من الشُّيُوخِ، عن البَدْرِ الدَّمَّامِينِيِّ:

  يا ساكِنِي مَكَّةَ لا زِلْتُمُ ... أُنْساً لَنَا إِنِّيَ لَمْ أَنْسَكُمْ

  ما فِيكُم عَيْبٌ سِوَى قَوْلِكُمْ ... عِنْدَ اللِّقَاء أَوْحَشَنَا أُنْسُكُمْ

  وقد رَدَّ عَلَيْهِ الإِمَامُ عَبْدُ القَادِرِ الطَّبَرِيُّ، وَحَذَا حَذْوَه وَلَدُه الإِمَامُ زَيْنُ العَابِدِينَ بما هو مُودَعٌ في تارِيخِ شَيْخِ مَشايِخِنَا مُصْطَفَى بنِ فَتْحِ الله الحَمَوِيّ.

  ومَشَى فِي الأَرْضِ وَحْشاً، أَيْ وَحْدَه لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُه.

  وبِلادٌ حِشُونَ: قَفْرَةٌ خَالِيَةٌ، عَلَى قِيَاسِ «سِنُون»، وفي مَوْضِعِ النَّصْبِ⁣(⁣٣) حِشِينَ مِثْل سِنِينَ، قالَ الشاعِر:

  فأَمْسَتْ بعْد ساكِنِهَا حِشِينَا

  قال الأَزْهَرِيُّ: هو جَمْعُ حِشَةً، وهو من الأَسْمَاءِ النّاقِصَةِ، وأَصلُهَا وِحْشَةٌ، فنُقِصَ منها الواو، كما نقَصُوهَا من زِنَةٍ وصِلَةٍ وعِدَةٍ، ثمّ جَمَعُوهَا عَلَى حِشِينَ، كما قَالُوا في عِزِينَ وعِضِينَ من الأَسْمَاءِ الناقِصَةِ، و في الحَدِيثِ: «لَقَدْ بِتْنَا وَحْشِينَ ما لَنَا طَعَامٌ» وجاءَ في رِوَايَة التِّرْمِذِيّ: «لَقَدْ بِتْنَا لَيْلَتَنَا هذِهِ وَحْشَى⁣(⁣٤)» قال ابنُ الأَثِيرِ: كَأَنّه أَرادَ جَماعَةً وحْشَى.

  وتَوَحَّشَ الرّجُلُ: رَمَى بثَوْبهِ، أَوْ بِمَا كانَ.

  والوَحْشِيُّ مِنَ التِّينِ: ما يَنْبُتُ في الجِبَالِ وشَوَاحِطِ الأَوْدِيَةِ، ويَكُونُ من كلِّ لَوْنٍ: أَسْوَد وأَحْمَر وأَبْيَض، وهو أَصْغَرُ من التِّينِ، ويُزَبَّبُ، نَقَلَه أَبُو حَنِيفَةَ.

  ووَحْشِيَّةُ: اسْمُ امْرَأَةٍ، قَالَ الوَقّافُ، أَو المَرّارُ الفَقْعَسِيُّ:

  إِذا تَرَكَتْ وَحْشِيَّةُ النَّجْدَ لَمْ يَكُنْ ... لِعَيْنَيْكَ مِمَّا تَشْكُوانِ طَبِيبُ

  ومُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ صَدَقَةَ الحَرّانِيُّ المَعْرُوفُ بابنِ وَحِشٍ، ككَتِفٍ، سَمِعَ عن الفرَاوِيّ.

  وعَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى الوَحْشِيُّ التُّجِيبِيّ الإِقْلِيليّ أَبُو


(١) رحرحان وراكس: موضعان.

(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: ومنه حديث النجاشي الخ عبارة اللسان: وفي حديث النجاشي: فنفخ في إحليل عمارة، فاستوحش، أي سحر حتى جنّ فصار يعدو مع الوحش في البرية حتى مات، وفي رواية: فطار مع الوحش» ومثله في النهاية.

(٣) في التهذيب واللسان: موضع النصب والجرّ.

(٤) ضبطت بفتح الشين عن النهاية.