تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الهمزة مع الصاد

صفحة 238 - الجزء 9

  اللهُمَّ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ بضَرْبٍ من المَجَازِ، فتَأَمَّلْ.

  والَّذِي تَمِيلُ نفْسِي إِليْهِ ما ذَكَرَهُ أَصحابُ السِّيَرِ أَنّها سُمِّيَتْ بأَصْبَهانَ بنِ فَلوُّج⁣(⁣١) بنِ لنطى بنِ يُونانَ بنِ يافِث، وقال ابنُ الكَلْبِيّ: سُمِّيَتْ بأَصْبَهانَ بنِ الفَلُوج⁣(⁣٢) بنِ سامِ بنِ نُوحٍ، وقدْ أَغْفَلَه المُصَنِّفُ قُصُوراً، ولمْ يَتنبَّه لِذلِكَ مَنْ تَكَلَّم في هذِه اللَّفْظة، كالبَكْرِيّ، والسُّهيْلِيّ، والمِزِّيّ وابنِ أَبي شَرِيفٍ، وشَيْخِنا وغيرِهِمْ، فاحْفَظْ ذلِكَ، والله أَعْلَم.

  قال ياقُوت: وقد خَرَجَ مِنْ أَصْبَهانَ مِنَ العُلمَاءِ والأَئمَّةِ في كُلِّ فَنٍّ ما لَمْ يَخْرُجْ من مَدِينَةٍ من المُدُنِ، وعَلى الخُصُوصِ عُلُوِّ الإِسْنادِ؛ فإِنَّ أَعْمَارَ أَهْلِها تَطُولُ، ولَهُمْ مَع ذلِكَ عِنايَةٌ وَافِرَةٌ لِسَمَاعِ الحَدِيثِ، وبها من الحُفّاظ خَلْقٌ لا يُحْصَوْنَ، ولها عِدّةُ تَوارِيخَ، وقَدْ فَشَا الخرَابُ في هذا الوَقْتِ وقَبْلَه في نَواحِيها، لِكثْرَةِ الفِتَنِ والتّعَصُّبِ بَيْنَ الشّافِعِيّة والحَنَفِيَّة، والحُرُوب المُتَّصِلَةِ بَيْنَ الحِزْبَيْنِ، فكُلَّمَا ظَهَرَتْ طائِفةٌ نَهَبَتْ مَحَلَّةَ الأُخْرَى وأَحْرَقَتها، وخَرَّبَتْها، لا يَأْخُذُهم في ذلِكَ إِلٌّ ولا ذِمَّة، ومع ذلِكَ فَقلَّ أَنْ تَدُومَ بِها دَوْلَةُ سُلْطانِ، أَوْ يُقِيمَ بِها فيُصْلِحَ فاسِدَها، وكذلِكَ الأَمْرُ في رَسَاتِيقِها وقُرَاهَا الَّتِي كُلّ وَاحِدَةٍ مِنْها كالمَدِينةِ.

  قُلْتُ: وهذا الَّذِي ذكرَه ياقُوت كان في سَنةِ سِتِّمِائَةٍ من الْهِجْرَةِ، وأَمَّا الآن وقَبْلَ الآنَ من عَهْدِ الثَّمانِمِائةِ قَدْ غَلَبَ عَلَى أَهْلِها

  الرَّفْضُ والتّشَيُّعُ، وطُمِسَت السُّنّةُ فِيها كأَسْترَاباذ، ويَزْدَ، وقُمَّ، وقاشانَ وقَزْوِين وغَيْرِهَا من البِلادِ، فلا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إِلاّ باللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ.

  وأَصَّ بَعْضُهُمْ بَعْضاً: زَحَمَ، ومِنْهُ الأَصِيصَةُ.

  والأَصُوصُ، كصَبُورٍ: النّاقةُ الحَائِلُ السَّمِينةُ، عن أَبِي عَمْرٍو، ومِنْهُ المَثَلُ «أَصُوصٌ عليها صُوصٌ» الصُّوصُ: اللَّئيمُ، يُضْرَبُ للأَصْلِ الكرِيمِ يَظْهرُ منه فرعٌ لئِيمٌ، وقال امْرُؤُ القيْسِ:

  فَدَعْها وسَلِّ الهَمَّ عَنْكَ بجَسْرَةٍ ... مُدَاخَلَةٌ صُمُّ العِظامِ أَصُوصُ⁣(⁣٣)

  وقِيلَ: هِيَ الَّتِي قد حُمِلَ عَلَيْها فلمْ تَلْقَحْ.

  وعن ابنِ عَبّادٍ: الأَصُوصُ: اللِّصُّ، يُقال: أَصُوصٌ عَليْها أَصُوصٌ، ج أُصُصٌ، بِضَمَّتَيْنِ.

  والأَصُّ مُثَلَّثَةً عن ابنِ⁣(⁣٤) مالِكٍ، الكَسْرُ عن الجَوْهَرِيِّ⁣(⁣٥)، والفَتْحُ عن الأَزْهَرِيّ: الأَصْلُ، وقِيل: الأَصْلُ الكَرِيمُ، ج: آصَاصٌ، بالمَدّ، كحِمْلٍ وأَحْمَالٍ، وأَنْشد ابنُ دُرَيْدٍ:

  قِلالُ مَجْدٍ فَرَعَتْ آصَاصَا ... وعِزَّةٌ قعْسَاءُ لنْ تُناصى

  وكذلِك العَصُّ بالعَيْنِ، كمَا سَيأَتي.

  والأَصِيصُ، كأَمِيرٍ: الرِّعْدَةُ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.

  والأَصِيصُ الذُّعْرُ، يُقال: أَفْلَتَ ولَهُ أَصِيصٌ، أَي رِعْدَةٌ، ويُقال: ذُعْرٌ وانْقِبَاضٌ.

  والأَصِيصُ أَيْضاً: مَا تَكَسَّرَ من الآنِيَةَ، أَوْ، وفي الصّحاحِ، وهُوَ نِصْفُ الجَرَّةِ، أَوِ الخابِيَةِ تُزْرَعُ فِيهِ الرَّياحِينُ، وأَنْشدَ قَوْلَ عَدِيِّ بنِ زَيْدٍ:

  يا ليْت شِعْرِي وأَنا ذُو عَجَّةٍ ... مَتى أَرَى شَرْباً حَوالَيْ أَصِيصْ⁣(⁣٦)

  وفي رواية ... ذُو ضجَّةٍ، وفي أُخْرَى⁣(⁣٧): وآنَ ذُو عَجَّةٍ. قُلْتُ: وهِي لُغَةٌ في أَنا، وهي أَرْبَعُ لُغاتٍ: يُقال: أَنّ قُلْتُ، وأَنا قُلْتُ، وآنَ قُلْتُ، وأَنْ قُلْت، كذا وَجَدْتُه في بَعْضِ حَوَاشِي الصّحاح. قال الجَوْهَرِيُّ، يَعْنِي به أَصْلَ الدَّنِّ.

  وقِيل: الأَصِيصُ: مِرْكَنٌ أَو بَاطِيَةٌ شِبْهُ أَصْلِ الدَّنِّ يُبَالُ فِيهِ. وقال خالِدُ بنُ يَزِيدَ: الأَصِيصُ: أَسْفَلُ الدَّنِّ، كانَ يُوضَعُ ليُبالَ فِيهِ، وأَنْشَدَ قولَ عَدِيٍّ السابق، وقال أَبُو الهَيْثَمِ: كانُوا يَبُولُون فِيه إِذا شَرِبُوا، وأَنْشَدَ:

  تَرَى فِيهِ أَثْلامَ الأَصيصِ كأَنَّهُ ... إِذا بالَ فِيهِ الشَّيْخُ جَفْرٌ مُغَوَّرُ

  وقَالَ عَبْدَةُ بن الطَّبِيبِ:

  لَنَا أَصِيصٌ كَجِذْم⁣(⁣٨) الحَوْضِ هَدَّمَه ... وَطْءُ الغَزَالِ لَدَيْهِ الزِّقُّ مَغْسُولُ


(١) ضبطت عن معجم البلدان.

(٢) في معجم البلدان: «فَلُّوج».

(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: فدعها الخ أنشده في اللسان:

فهل تسلين الهم عنك شملة

(٤) في القاموس «ابني» وعلى هامشه عن نسخة أخرى: ابن.

(٥) في الصحاح المطبوع ضبطت الهمزة بالقلم بالفتح والضم. وفي اللسان: الأص والإص والأُص: الأصل.

(٦) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وأنا ذو عجة، الذي في اللسان: ذو غنى، وعليه يستقيم الشطر.

(٧) بهامش المطبوعة المصرية: «قول الشارح وفي أخرى: وآن، غير مستقيم الوزن إلا أن تحذف الواو.

(٨) في اللسان «صادر»: كجزم بالزاي تحريف.