تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[خلبص]:

صفحة 273 - الجزء 9

  وخَلْصٌ، بالفَتْح: ع، بآرَةَ، من دِيَارِ مُزَيْنَةَ، قَال ابنُ هَرْمَةَ:

  كأَنَّكَ لم تَسِرْ بجُنُوبِ خَلْصٍ ... ولَمْ تَرْبَعْ على الطَّلَلِ المُحِيلِ

  وخُلَيْصٌ كزُبَيْرٍ: حِصْنٌ بَيْنَ عُسْفانَ وقُدَيْد، عَلَى ثَلاثِ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ، شَرّفَها الله تَعَالَى.

  وكُلُّ أَبْيَضَ خُلَيْصٌ، كالخَالِصِ.

  وخَلْصَا الشَّنَّةِ - مُثَنّى خَلْص بِالْفتْحِ، والشَّنَّةُ بفتْحِ الشِّينِ وتشْدِيدِ النّونِ -: عِرْقاهَا، هكذا في سَائرِ الأُصُولِ، وصَوَابُه: عِرَاقاهَا، وهو ما خَلَصَ من الماءِ مِنْ خَلَلِ سُيُورِهَا، عن ابنِ عَبّادٍ.

  ويُقالُ: هُوَ خِلْصُكَ، بالكسْرِ، أَيْ خِدْنُكَ، ج: خُلَصاءُ، بالضَّمِّ والمدّ، تَقُولُ: هؤُلاءِ خُلصَائِي، إِذا كانُوا مِنْ خاصَّتِك، نقَلَه ابنُ دُرَيْدٍ.

  وخُلَاصَةُ السَّمْنِ، بالضَّمِّ، وعَليْه اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ، والكَسْر، نقَلَهُ الصاغَانِيُّ عَن الفَرّاءِ: ما خَلَصَ منْهُ، لِأَنَّهُمْ إِذَا طَبَخُوا الزُّبْدَ ليتَّخذُوه سَمْناً طَرحُوا فيه شَيْئاً من سَوِيقٍ وتَمْرٍ وأَبْعَارِ غزْلانٍ، فإِذا جاد وخَلَصَ من الثُّفْل فذلكَ السَّمْنُ هو الخُلاصةُ.

  والخِلاصُ، بالكَسْرِ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ عَنْ أَبِي عُبيْدٍ: الإثْرُ، بكَسْرِ الهَمْزَة، وقَالَ أَبُو زَيْدٍ: الزُّبْدُ حِينَ يُجْعَلُ في البُرْمَةِ لِيُطْبَخَ سَمْناً فهُو الإِذْوَابُ والإِذْوَابَةُ، فإِذا جادَ⁣(⁣١) وخَلَصَ اللَّبَنُ من الثُفْلِ فذلِك اللَّبَنُ الإِثْرُ والإِخْلاصُ، وقَال الأَزْهَرِيُّ: سَمِعْتُ العَرَبَ تقُولُ لِمَا يُخْلَصُ بِهِ السّمْنُ في البُرْمَةِ مِن الماءِ واللَّبَنِ والثُفْلِ: الخِلَاصُ، وذلِك إِذا ارْتجَن واخْتَلَطَ اللّبَنُ بالزُّبْدِ، فيُؤْخذُ تَمْرٌ أَو دَقِيقٌ أَو سَوِيقٌ فيُطْرَحُ فِيه ليَخْلُصَ السَّمْنُ منْ بَقيَّة اللَّبَن المُخْتلط به، وذلِكَ الَّذِي يَخْلُصُ هو الخِلَاصُ، بالكَسْرِ، وأَمَّا الخُلَاصَةُ فهو ما بَقِيَ في أَسْفلِ البُرْمَة من الخلَاصِ وغيْرِهِ من ثُفْلٍ أَوْ لبَنٍ⁣(⁣٢) وغيْرِه، وقال أَبُو الدُّقَيْشِ: الزُّبْدُ: خِلَاصُ اللَّبَنِ، أَيْ منْهُ يُسْتخْلصُ، أَيْ يُسْتَخْرَجُ. والخلَاصُ: ما أَخْلَصَتْهُ النّارُ من الذَّهَبِ والفضَّة والزُّبْد، وكذلك الخُلَاصَة، حَكاهُ الهَرَوِيّ في الغَرِيبَيْنِ، وبِهِ فُسِّر حَدِيثُ سَلْمَانَ «أَنَّه كاتَبَ أَهْلَهُ عَلى كَذَا وكَذَا، وعَلى أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةَ خِلَاصٍ». والخُلاَّصُ، كرُمّانٍ: الخَلَلُ في البَيْتِ، بِلُغَةِ هُذَيْلٍ، نَقَلَه ابنُ عَبّادٍ.

  والخُلُوصُ، بالضَّمِّ: القِشْدَةُ والثُّفْلُ، والكُدَادَةُ والقِلْدَةُ: الَّذِي يَبْقَى في أَسْفَلِ خُلاصَةِ السَّمْنِ، والمَصْدَرُ مِنْهُ الإِخْلَاصُ، نقلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وقد أخْلَصْت السَّمْنَ.

  وذُو الخَلَصَةِ، مُحَرّكَةً، وعَلَيْه اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ، ويُقَالُ بضَمَّتَيْنِ، حَكاهُ هِشامٌ، وحَكَى ابنِ دُرَيْدٍ فتْحَ الأَوَّلِ وإِسْكانَ الثّانِي، وضَبَطَه بَعْضُهُم بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وضَمِّ ثانِيه، والأَوَّلُ الأَشْهُرُ عِنْدَ المُحَدِّثِينَ: بَيْتٌ كان يُدْعَى الكَعْبَةَ اليَمَانِيَّة، ويُقَالُ لهُ: الكَعْبَةُ الشّامِيةُ أَيْضاً، لِجَعْلِهِم بَابَه مُقَابِل الشَّامِ، وصَوَّبَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ اليَمَانِيّة، كما نَقَلَه شَيْخُنَا.

  قُلْتُ: وفي بَعْضِ الأُصُولِ: كانَ يُدْعَى كعْبَةَ اليَمامَةِ، وهُوَ الَّذِي في أُصُولِ الصّحاحِ، وقوْلُه: لِخثْعَمٍ، هُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَليْه الجَوْهَرِيّ، فلا تقْصِيرَ في كَلامِ المُصَنّفِ، كمَا زَعَمَهُ شيْخُنَا، لِأَنَّه تَبعَ الجَوْهَرِيَّ فيما أَورَدَه، وزادَ غَيْرُه: ودَوْسٍ وبَجِيلَةَ وغَيْرِهم، ومِنه الحَدِيثُ: «لا تَقُوم السّاعَةُ حَتَّى تَضْطَرِبَ أَلْيَاتُ نِساءِ دَوْس عَلَى ذِي الخَلَصَة» والَّذِي يَظْهَرُ مِنْ سياقِ الحافظِ، في الفَتْحِ، أَنَّ المَذْكُورَ فِي هذا الحَدِيثِ غيْرُ الَّذِي هَدَمَه جَرِيرٌ؛ لِأَنَّ دَوْساً رَهْطُ أَبِي هُرَيْرَةَ من الأَزْد، وخَثْعَمُ وبَجِيلَةُ من بنِي قَيْسِ، فالأَنْسَابُ مُخْتَلِفَة، والبِلادُ مُخْتَلِفةٌ، والصَّحِيحُ أَنَّهُ صَنَمٌ كانَ أَسْفَلَ مَكَّةَ نَصَبَهُ عَمْرُو بنُ لُحَيٍّ، وقَلَّدَه القَلائدَ، وعَلَّقَ بِه بَيْضَ النَّعامِ، وكانَ يُذْبَحُ عِنْدَه، فتأَمَّلْ ذلِك.

  كانَ فيهِ صَنَمٌ اسْمُه الخَلَصَةُ، فأَنْفَذَ إِليْهِ رَسُولُ الله، جَرِيرَ بنَ عَبْدِ الله، رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُ، فهَدَمَه وخَرَّبَه.

  وقِيلَ: ذُو الخَلَصَةِ: الصَّنَمُ نَفْسُهُ، قال ابنُ الأَثِيرِ: وفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ «ذُو» لا تُضَافُ إِلاَّ إِلَى أَسْمَاءِ الأَجْنَاسِ: أَو لِأَنَّه كانَ مَنْبتَ الخَلَصَةِ، النّبَاتِ الَّذِي ذُكِرَ قريباً.

  وأَخْلَصَ لله الدِّينَ: أَمْحَضَهُ وتَرَكَ الرِّيَاءَ فِيهِ، فهُوَ عَبْدٌ


(١) في التهذيب: «جاء» والأصل كاللسان.

(٢) في التهذيب: ثفل ولبن وغيره.