تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[قمص]:

صفحة 347 - الجزء 9

  ابنُ أَبِي الرَّبِيع عن أَبِي عَليّ الفَارِسِيّ.

  قلتُ: وأَوْرَدَه صاحِبُ اللّسَان في «ق ر ص»، وفيه في حَدِيثِ ابن عُمَيْرِ: «لَقَارِصُ قُمارِصٌ يَقْطُرُ منه البَوْلُ» قَال: القُمَارِصُ: الشِّدِيدُ القَرْصِ، بزِيَادَة الميم، أَرادَ اللَّبَنَ الَّذِي يَقْرُصُ اللِّسَانَ من حُمُوضَته، وقال الخَطَّابِيّ: القُمَارِصُ إِتْبَاعٌ، وإِشْبَاعٌ، أَرادَ لَبَناً شَدِيدَ الحُمُوضَةِ، يُقْطِر بَوْلَ شارِبِهِ لشِدَّةِ حُمْوضَتِهِ.

  [قمص]: قَمَصَ الفَرَسُ وغَيْرُه يَقْمُصُ، بالضَّمّ، ويَقْمِصُ، بالكَسْرِ، قَمْصاً وقُمِاصاً بالضمَّ والكسر واقْتَصَر الجَوْهَرِيّ على الكَسْرِ، ومَنَعَ الضَّمَّ⁣(⁣١)، وهُمَا جمِيعاً في كِتَاب «يافِع ويَفَعَة» فَقَال: هو قُمَاصُ الدَّابَّةِ وقِمَاصُه، أَوْ إِذَا صَار ذلِك عادَةً له فبِالضَّمِّ، وهُوَ، أَي القَمْصُ والِقُمَاصُ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ ويَطْرَحَهُمَا مَعاً، ويَعْجِنَ برِجْلَيْهِ، وهو الاسْتِنَانُ أَيضاً.

  وقَمَصَ البَحْرُ بالسَّفِينة، إِذا حرَّكَهَا بالمَوْجِ، كما في الصّحاح، وهو مَجاز.

  ومن المَجازِ: القِمَاصُ ككِتَابٍ: القَلَقُ والنُّفُورُ، والوَثْبُ، ويُضَمُّ. يُقَالُ: هذِهِ دَابَّة فيهَا قِمَاصٌ وقُمَاصٌ.

  وزادَ في اللِّسَان الفَتْحَ أَيضاً، فهو مُثَلَّث، قال: والضَّمُّ أَفْصَحُ. وفي المَثَل: «ما بِالعيْرِ منْ قُمَاصِ» بالوَجْهَيْن، يُضْرَبُ لضَعِيفٍ لا حَرَاكَ بِهِ، ولِمَنْ ذَلَّ بَعْدَ عِزّ، نَقَلهما الصَّاغَانيُّ، وعَلَى الأَخِيرِ اقْتصَرَ الجَوْهَرِيّ، ويُروَى المَثَل أَيْضاً: «أَفَلَا قِمَاصَ بالبَعِيرِ»، وهذا حَكَاهُ سِيبَوَيْه. و في حَدِيث سُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ: «فَقَمَصَتْ بِهِ فصَرَعَتْه»، أَي وَثَبَتْ ونَفَرَت فأَلْقَتْهُ. و في حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «لتَقْمِصَنَّ بكم الأَرْضُ قُمَاصَ النُّفُرِ⁣(⁣٢)» يَعْني الزَّلْزَلَةَ.

  والقُمَاصُ، بالضَّمِّ⁣(⁣٣): أَن لا يَسْتَقِرَّ في مَوْضِعٍ، تَرَاه يَقْمِصُ فيَثِبُ منْ مَكَانِه مِنْ غَيْرِ صَبْرٍ. ويُقَال لِلْقَلِقِ: قد أَخَذَهُ القُمَاصُ. و في حديث عُمَرَ: «فقَمَصَ مِنْهَا قَمْصاً» أَي نَفَرَ وأَعْرَضَ. والقَمُوصُ، كصَبُورٍ: الدَّابَّةُ تَقمِصُ بصَاحِبِها، أَي تَثِبُ. قال امرُؤُ القَيْسِ يَصِفُ ناقَةً:

  تَظَاهَرَ فيها النَّيُّ لا هِيَ بَكْرَةٌ ... ولا ذَاتُ ضَفْرٍ في الزِّمَام قَمُوصُ

  وقال عَدِيُّ بنُ زَيْد:

  ومُرْتَقَى نِيقٍ عَلَى نَقْنَق ... أَدْبَرَ عَوْدِ ذِي لِكَافٍ قَمُوصْ

  كالقَمِيصِ أَيضاً، كأَمِيرٍ، وهو البِرْذَوْنُ الكَثِيرُ القُمَاصِ.

  والقَمُوصُ: الأَسَدُ، عن ابن خالَوَيْه، وهو القَلِقُ الَّذِي لا يَسْتَقِرّ في مَكَانٍ، لأَنّه يَطُوفُ في طَلَبِ الفَرَائسِ، وهو مَأْخوذٌ من القُمَاصِ.

  والقَمُوصُ: جَبَلٌ بخَيْبَرَ، عليه حِصْنُ أَبِي الحُقَيْقِ اليَهُوديّ.

  والقَمِيصُ: الَّذي يُلْبَس، مُذَكَّر، وقَدْ يُؤَنَّث - إِذا عُنِيَ به الدِّرْعٌ. وقد أَنَّثَهُ جَرِيرٌ حينَ أَرادَ به الدِّرْعَ:

  تَدْعُو هَوَازِنَ والقَمِيصُ مُفَاضَةٌ ... تَحْتَ النِّطَاق تُشَدُّ بالأَزْرارِ⁣(⁣٤)

  فإِنَّهُ أَراد: وقَمِيصُه دِرْعٌ مُفَاضَةٌ. ويُرْوَى: تَدْعُو رَبِيعَةَ، يَعْنِي به رَبِيعَةَ بْنَ مَالِكِ بن حَنْظَلَة -: م، معروفٌ. وذَكَرَ الشَّيْخُ ابنُ الجَزَريّ وغَيْرُه: أَنَّ القَمِيصَ ثَوْبٌ مَخِيطٌ بكُمَّيْنِ غَيْرُ مُفرجٍ يُلْبَسُ تَحْتَ الثِّيَاب، أَوْ لَا يَكُونُ إِلاَّ مِن قُطْنِ، أَو كَتّانٍ. وفي بَعْضِ النُّسَخ: ولا يَكُون بالواو، وأَمَّا مِنَ الصُّوفِ فَلا نقَلَه الصّاغانِيّ.

  وفي شَرْحِ الشَّمَائِلِ لابْنِ حَجَرٍ المَكِّيّ بعد ما نَقَلَ عِبَارَةَ المُصَنِّف، وكَأَنَّ حَصْرَهُ المَذْكُور لِلْغَالِب.

  قال شَيْخُنا: وقال قَوْمٌ: ولَعَلَّه مَأْخُوذٌ مِن الجِلْدَة الَّتِي هِيَ غِلَافُ القَلْبِ، وقِيلَ: مَأْخُوذٌ من التَّقَمُّصِ وهو التَّقَلُّب.

  ج قُمُصٌ، بضَمَّتَيْن، وأَقْمِصَةٌ، وقُمْصَانٌ، بالضَّمِّ.

  والقَميصُ: المَشِيمَةُ، نَقَلَه الصَّاغَانيّ.


(١) الذي في الصحاح المطبوع: قمص الفرسُ ... قمصاً وقُماصاً ... يقال هذه الدابة فيها قِماصٌ.

(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: النفر، كذا بالنسخ، وهو مضبوط ببعضها كحمرٍ، والذي في اللسان: البقر» وفي النهاية أيضاً: البقر.

(٣) في اللسان دار المعارف ضبطت هنا بالقلم وفيما سيأتي بالكسر. ومثله في التهذيب.

(٤) في التهذيب: «يدعو» بدل «تدعو» وروايته في الديوان:

تدعو ربيعة والقميص مفاضة ... تحت النجاد تشد بالأزرار