تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نصص]:

صفحة 369 - الجزء 9

  وأَقَامَ القَوْمُ ما يَنْشُصُون وَتداً: ما يَنْزِعُونَ، وهذه مِنَ الأَساس.

  والنَّشَائصُ: جَمْعُ نَشَاص، بمَعْنَى السَّحَابِ، وأَنْشَدَ ثَعْلَب:

  يَلْمَعْنَ إِذْ وَلَّيْنَ بالعَصَاعِصِ ... لَمْعَ البُرُوق فِي ذُرَا النَّشَائِصِ

  قال ابنُ بَرِّيّ: هو كشَمَالٍ وشَمَائِل، وإِن اخْتَلَفَت الحَرَكَتَان، فإِنّ ذلِكَ غيْر مُبَالًى به. قال: وقد يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَوَهَّمَ أَنَّ وَاحِدَتَهَا نَشَاصَةٌ، ثُمَّ كَسَّرَهُ على ذلِكَ، وهو القِيَاسُ، وإِنْ كُنَّا لَمْ نَسْمَعْهُ.

  وعن ابنِ القَطّاع: نَشَصَ السَّحَابُ نَشَاصاً: هَرَاقَ مَاءَه.

  وأَنْشَصَتِ السَّنَةُ القَوْمَ عن مَوْضِعِهِمْ: أَزْعَجَتْهُم.

  [نصص]: نَصَّ الحَديثَ يَنُصُّه نَصّاً، وكَذَا نَصَّ إِليْه، إِذا رَفَعَهُ. قال عَمْرُو بنُ دِينَارٍ: مَا رَأَيْتُ رَجُلاً أَنَصَّ لِلْحَدِيث من الزُّهْرِيّ، أَي أَرْفَعَ له، وأَسْنَدَ، وهو مَجَازٌ. وأَصْلُ النَّصِّ: رَفْعُك لِلشَّيْءِ.

  ونَصَّ نَاقَتَهُ يَنُصُّها نَصّاً: إِذا اسْتَخْرَجَ أَقْصَى ما عِنْدَهَا من السَّيْرِ، وهو كَذلكَ مِنَ الرَّفْعِ، فإِنّه إِذا رَفَعَها في السَّيْرِ فقَد اسْتَقْصَى ما عِنْدَها من السَّيْرِ. وقال أَبُو عُبَيْد: النَّصُّ: التَّحْرِيكُ حَتَّى تَسْتَخْرِجَ من النَّاقَةِ أَقْصَى سَيْرِهَا. و في الحَدِيث: «أَنَّ النَّبِيَّ ، حِينَ دَفَعَ مِن عَرَفَاتٍ سَارَ العَنَقَ، فإِذا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ»، أَيْ رَفَعَ نَاقَتَهُ في السِّيْرِ. و في حَدِيثٍ آخَرَ: «أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ لِعَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُما: ما كُنْتِ قائِلَةً لَوْ أَنَّ رَسُولَ الله ، عارَضَكِ ببَعْضِ الفَلَواتِ نَاصَّةً قَلُوصَكِ مِنْ مَنْهَلٍ إِلى آخَرَ»، أَي رَافِعَةٌ لهَا في السَّيْرِ. وفي العُبَابِ: ولا يُقَالُ منه فَعَلَ البَعِيرُ، أَي لا يُبْنَى من النَّصِّ فِعْلٌ يُسْنَدُ إِلى البَعِير. ونَصَّ الشّيْءَ يَنُصُّهُ نَصًّا: حَرَّكَهُ، وكذلك نَصْنَصَهُ، كما سيَأْتِي. ومنه فُلانٌ، يَنُصُّ أَنْفَهُ غَضَباً، أَي يُحَرِّكُهَا، وهو نَصَّاصُ الأَنْفِ، ككَتَّانٍ، عن ابْنِ عَبَّادٍ.

  ونَصَّ المَتَاعَ نَصًّا: جَعَلَ بَعْضَه فَوْقَ بَعْض.

  ومن المَجَازِ: نَصَّ فُلاناً نَصًّا، إِذا اسْتَقْصَى مَسْأَلَتَهُ عن الشَّيْءِ، أَي أَحْفَاه فِيهَا ورَفَعَه إِلَى حَدِّ ما عِنْدَه من العِلْمِ، كما في الأَسَاس، وفي التَّهْذِيبِ والصّحاح: حَتَّى اسْتَخْرَجَ كُلَّ ما عِنْدَه.

  ونَصَّ العَرُوسَ يَنُصُّهَا نَصًّا: أَقْعَدَها على المنَصَّةِ، بالكَسْر، لِتُرَى، وهي ما تُرْفَعُ عَليْهِ، كسَرِيرِهَا وكُرْسيِّهَا، وقد نَصَّهَا فانْتَصَّتْ هي. والمَاشِطَةُ تَنُصُّ العَرُوسَ فتُقْعدُهَا على المِنَصَّةِ، وهي تَنْتَصُّ عَليْهَا لِتُرَى مِنْ بَيْنِ النِّسَاءِ.

  ونَصَّ الشَّيْءَ: أَظْهَرَه وكُلُّ ما أُظْهِرَ فقَدْ نُصَّ. قِيلَ: ومنهُ مِنَصَّةُ العَرُوسِ، لأَنَّهَا تَظْهَر عليها.

  ونَصَّ الشِّوَاءُ يَنِصُّ نَصِيصاً من حَدِّ ضَرَبَ: صَوَّتَ على النَّارِ، نَقَلَهُ الصَّاغانِيّ عن ابنِ عَبَّادٍ. ونَصَّت القِدْرُ نَصِيصاً: غَلَتْ، نَقله الصَّاغانِيّ عن ابْنِ عَبَّادٍ.

  والمَنَصَّةُ، بالفَتْح: الحَجَلَةُ على المِنَصَّةِ⁣(⁣١)، وهي الثِّيَابُ المُرَفَّعَةُ، والفُرُشُ المُوَطَّأَةُ⁣(⁣٢). وتَوَهَّمَ شيخُنَا أَنّ المِنَصَّة والمَنَصَّةَ وَاحِدٌ فقال: مالَ بهَا أَوَّلاً إِلى أَنَّهَا آلَةٌ فكَسَرَ المِيمَ، ومَالَ بِهَا ثانِياً إِلَى أَنَّهَا مَكَانٌ، والمَكَانُ بفَتْح كما هو ظَاهِرٌ.

  قال: وضَبَطَه الشَّيْخُ يس الحِمْصِيّ - في أَوائلِ حَوَاشِيه على شَرْحِ الصُّغْرَى - بالكَسْرِ، عَلَى أَنَّهَا آلَةُ النَّصِّ، أَي الرَّفْعِ والظُّهُورِ، ولَعَلَّه أَخَذَ ذلكَ من كَلَامِ المُصَنِّفِ السّابِقِ، لأَنَّهُ كَثِيراً ما يَعْتَمدُه. انْتَهَى. وأَنْتَ خَبِيرٌ بأَنَّهُما لَوْ كَانَا وَاحداً لَقَالَ - بعد قَوْله على المَنَصَّة - بالكَسْرِ ويُفْتَح، عَلَى عَادَتِه، فالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ المِنَصَّةَ والمَنَصَّةَ وَاحِدٌ على قَوْلِ بَعْضِ الأَئِمَّةِ. ومنهم مَنْ فَرَقَ بَيْنَهُمَا بأَنَّ السَّرِيرَ والكُرْسِيَّ بالكَسْرِ، والحَجَلَة عليها بالفَتْحِ، وإِليْه مالَ المُصَنِّف، والدَّلِيلُ على ذلِكَ قولُه: هُوَ مَأْخُوذٌ من قَوْلهم: نَصَّ المَتَاعَ يَنُصُّهُ نَصًّا، إِذا جَعَلَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضِ، ولا يَخْفَى أَنَّ الحَجَلَةَ غيْرُ الكُرْسِيّ والسَّرِير، فتَأَمَّلْ.

  وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ: النَّصُّ: الإِسْنَادُ إِلى الرَّئِيسِ الأَكبَر. والنَّصُّ: التَّوْقِيفُ. والنَّصُّ: التَّعْيِينُ على شَيْءٍ ما، وكُلُّ ذلِكَ مَجَازٌ، من النَّصِّ بِمَعْنَى الرَّفْعِ والظُّهُورِ.

  قلْتُ: ومنه أُخِذَ نَصُّ القُرْآنِ والحَدِيثِ، وهو اللَّفْظُ الدَّالُّ


(١) في اللسان: وبفتح الميم، الحجلة عليها. وبهامشه: قوله عليها، هكذا في الأصل، ولعله: الحجلة عليها العروس.

(٢) في اللسان: والمِنَصّة، ضبطت بالقلم بالكسر، الثياب المرفعة والفرش الموطّأة.