تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نصص]:

صفحة 370 - الجزء 9

  على مَعْنًى لا يَحْتَمِلُّ غيْرَهُ: وقِيلَ: نَصُّ القُرْآنِ والسُّنَّةِ: ما دَلَّ ظَاهِرُ لَفْظِهِمَا عَليْه مِن الأَحْكَام، وكذا نَصُّ الفُقَهَاءِ الَّذِي هو بمَعْنَى الدَّلِيلِ، بضَرْبٍ من المَجَازِ، كما يَظْهَرُ عِنْدَ التَّأَمُّلِ.

  وسَيْرٌ نَصٌّ، ونَصِيصٌ، أَي جِدٌّ رَفِيعٌ، وهو الحَثُ فيه، وهو مَجَازٌ. وأَصْلُ النَّصِّ: أَقْصَى الشَّيْءِ وغَايَتُهُ، ثُمَّ سُمِّيَ به ضَرْبٌ من السَّيْرِ سَرِيعٌ، كما قَالَه الأَزْهَرِيّ، وأَنْشَدَ أَبُو عُبَيْدٍ:

  وتَقْطَعُ الخَرْقَ بسَيْرٍ نَصِّ

  وقال الأَزْهَرِيّ مَرَّةً: النَّصُّ في السَّيْرِ: أَقْصَى ما تَقَدِرُ عليه الدَّابَّةُ. وفي الصّحاح: نَصُّ كُلِّ شَيْءٍ: مُنْتَهَاهُ.

  و في حَدِيثِ عَلِيٍّ، رَضِيَ الله تَعالَى عنه: «إِذا بَلَغَ النِّسَاءُ نَصَّ الحِقَاقِ - هذِه الرِّوَايَة المَشْهُورَةُ، أَو نَصَّ الحَقَائِقِ - فالعَصَبَةُ أَوْلَى» أَي بَلَغْنَ الغَايَةَ الَّتِي عَقَلْنَ فِيهَا وعَرَفْنَ حَقَائِقَ الأُمُورِ، أَو قَدَرْنَ فِيهَا على الحِقَاقِ، وهو الخِصَامُ، أَو حُوقَّ فِيهِنَّ، فقالَ كُلٌّ من الأَولِيَاءِ أَنَا أَحَقُّ. وقال الأَزْهَرِيّ: نَصُّ الحِقَاق إِنّمَا هُوَ الإِدْرَاكُ، وأَصْلُه مُنْتَهَى الأَشيَاءِ، ومَبْلَغُ أَقْصَاهَا. وقال المُبَرِّدُ: نَصُّ الحِقَاقِ: مُنْتَهَى الأَشيَاءِ، ومَبْلَغُ أَقْصَاهَا. وقال المُبَرِّدُ: نَصُّ الحِقَاقِ: مُنْتَهَى بُلُوغِ العَقْلِ، وبه فَسَّرَ الجَوْهَرِيُّ، أَيْ إِذا بَلَغَتْ من سِنِّهَا المَبْلَغَ الَّذِي يَصْلُحُ أَنْ تُحَاقِقَ وتُخَاصِمَ عن نَفْسها، وهو الحِقَاقُ، فعَصَبَتُهَا أَوْلَى بِهَا من أُمِّهَا. أَو الحِقَاقُ في الحَدِيثِ اسْتِعَارَةٌ مِنْ حِقَاقِ الإِبِلِ، أَيْ انْتَهَى صِغَرُهُنَّ، وهذا مِمّا يَحْتَجُّ به مَن اشْتَرَطَ الوَلِيَّ في نِكَاحِ الكبِيرَة.

  ورَوَى أَبُو تُرَابٍ عن بَعْضِ الأَعْرَاب: كَانَ نَصِيصُ⁣(⁣١) القَوْمِ وحَصِيصُهُم وبَصِيصُهُم، أَي عَدَدُهُمْ، بالنُّونِ والحَاءِ والباءِ.

  والنَّصَّةُ: العُصْفُورَةُ، نَقَلَهُ الصَّاغَانِيّ عن ابنِ عَبّادٍ.

  والنُّصَّةُ، بالضَّمِّ: الخُصْلَةُ من الشَّعرِ، مِثْلُ القُصَّةِ منه، أَو الشَّعرُ الَّذِي يَقَعُ عَلَى وَجْهِهَا مِنْ مُقَدَّمِ رَأْسِهَا، عن ابنِ دُرَيْدٍ. ولَوْ قال: أَوْ مَا أَقبَلَ على الجَبْهَةِ منه، كان أَخْصَرَ، والجَمْعُ نُصَصٌ ونِصَاصٌ، وقد أُغْفِل عَنْه المُصَنِّف قُصُوراً. وحَيَّةٌ نَصْنَاصٌ: كَثِيرَةُ الحَرَكَةِ، وهُوَ من نَصْنَصَ الشَّيْءَ، إِذا حَرَّكَهُ.

  ونَصَّصَ الرَّجُلُ غَرِيمَهُ تَنْصِيصاً، وكَذَا نَاصَّهُ مُنَاصَّةً، أَي اسْتَقْصَى عَليْهِ ونَاقَشَه. ومِنْهُ ما رُوِيَ عن كَعْبٍ، رَضِيَ الله تَعَالَى عنه، أَنَّهُ قَالَ: «يَقُول الجَبَّارُ: احْذَرُونِي فإِنّي لا أُنَاصُّ عَبْداً إِلاّ عَذَّبْتُهُ»، أَي لا أَسْتَقْصِي عَليْه في السُّؤَالِ والحِسَابِ إِلاَّ عَذَّبْتُهُ، وهِيَ مُفَاعَلَةٌ من النَّصِّ.

  وانْتَصَّ الرَّجُلُ: انْقبَضَ، عن ابنِ عَبَّادٍ. وقالّ الَّليْثُ: انْتَصَّ السَّنَامُ: انْتَصَبَ، وقال غيْرُه: ارْتَفَعَ، ومَعْنَى انْتَصَبَ. اسْتَوَى واسْتَقَامَ. وأَنشد اللَّيْثُ للعَجَّاجِ:

  فبَاتَ مُنْتَصًّا وما تَكَرْدَسَا

  ونَصْنَصَهُ: حَرَّكَهُ وقَلْقَلَهُ، وكُلُّ شَيْءٍ قَلْقَلْتَهُ فَقَدْ نَصْنَصْتَهُ. وقال شَمِرٌ: النَّصْنَصَةُ والنَّضْنَضَةُ: الحَرَكَةُ. و قال الجَوْهَرِيّ: وفي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ حِينَ دَخَلَ عَليْهِ عُمَرُ رَضِيَ الله تَعالَى عنهما وهُوَ يُنَصْنِصُ لِسَانَهُ ويَقُولُ: «هذَا أَوْرَدَنِي المَوَارِدَ» قال أَبُو عبَيْدٍ: هو بالصَّادِ لا غيْرُ. قالَ: وفيهِ لُغَةٌ أَخْرَى ليْسَت في الحَدِيث: «نَضْنَضْتُ»، بالضَّادِ، انْتَهَى. قلت: والصّادُ فيه أَصل ليْسَتْ بَدَلاً من الضَّادِ، كما زَعَمَ قَوْمٌ، لِأَنَّهما ليستَا أُخْتيْنِ فتبَدَل إِحداهُمَا من صاحِبَتِهَا.

  ونَصْنَصَ البَعِيرُ، مِثْل حَصْحَصَ، كما في الصّحاح.

  وقال اللَّيْثُ: أَي أَثْبَتَ رُكْبَتَيْهِ في الأَرْضِ وتَحَرَّكَ، إِذا هَمَّ للنَّهُوض. وقال غيْرُه: النَّصْنَصَةُ: تَحَرُّكُ البَعِيرِ إِذا نَهَضَ من الأَرْضِ. ونَصْنَصَ البَعِيرُ: فَحَصَ بصَدْرِه في الأَرْضِ لِيَبْرُكَ.

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عَليْه:

  نَصَّت الَّظبْيَةُ جِيدَهَا: رَفَعَتْهُ.

  ومن أَمْثَالِهِم: «وُضِعَ فُلانٌ على المِنَصَّةِ» إِذا افْتَضَحَ وشُهِرَ.

  ونَصُّ الأَمْرِ: شِدَّتُهُ، قال أَيُّوبُ بنُ عُباثَةَ⁣(⁣٢):

  ولا يَسْتَوِي عِنْدَ نَصِّ الأُمُو ... رِ باذِلُ مَعْرُوفِهِ والبَخيلُ


(١) عن القاموس وبالأصل «نصص».

(٢) ضبطت عن اللسان دار المعارف.