[بعض]:
  ولا تَدْخُلُهُ اللاَّمُ، أَي لامُ التَّعْرِيف لِأَنَّهَا في الأَصْلِ مُضَافَةٌ، فهي مَعرفةٌ بالإِضَافَةِ لَفظاً أَو تَقْدِيراً، فلا تَقْبَل تَعْرِيفاً آخَرَ خِلافاً لابْنِ دَرَسْتَوَيْه والزّجَاجِيِّ فإِنَّهما قَالا: الْبَعْضُ والكُلُّ. قال ابنُ سِيدِه: وفِيه مُسَامَحَة، وهُو في الحَقِيقَةِ غَيْرُ جَائِزٍ، يَعْنِي أَنَّ هذا الاسْمَ لا يَنْفَصِلُ عن الإِضَافَةِ. وفي العُبَابِ: وقد خَالَفَ ابنُ دَرَسْتَوَيْهِ النَّاسَ قاطِبَةً في عَصْرِه، وقال النَّاقِدِيّ:
  فَتَى دَرَسْتَوِيّ إِلى خَفْضِ ... أَخْطَأَ في كُلٍّ وفي بَعْضٍ
  دِمَاغُه عَفَّنَه نَوْمُه ... فصارَ مُحْتاجاً إِلى نَفْضِ
  قال أَبُو حَاتم: قلت للأَصْمَعِيّ: رَأَيْت في كِتَابِ ابنِ المُقَفَّع: العِلْم كَثِير، ولكِنَّ أَخْذَ البَعْضِ خيْرٌ من تَرْكِ الكُلِّ، فأَنْكَرَهُ أَشَدَّ الإِنْكَارِ وقال: الأَلِفُ والَّلامُ لا يَدْخُلَان في بَعْضٍ وكُلٍّ لِأَنَّهُمَا مَعْرِفَةٌ بِغَيْرِ أَلفٍ ولَامٍ. وفي القُرْآنِ العَزِيز: {وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ}(١). قال أَبو حاتِمٍ: لا تَقُولُ العَرَبُ الكُلَّ ولا البَعْضَ، وقد اسْتَعْمَلَها النَّاسُ حَتَّى سِيبَويْه والأَخْفَشُ في كِتَابَيْهِما لِقِلَّة عِلْمِهِما بِهَذا النَّحْوِ، فاجْتَنِبْ ذلِكَ، فإِنَّهُ ليْسَ من كَلامِ العَرَب. انْتَهَى. قال شيْخُنَا: وهذا من العَجَائِب، فلا يَحْتَاج إِلى كَلَامٍ. قُلتُ: وقالَ الأَزْهَرِيُّ: النَّحْوِيُّون أَجَازُوا الأَلِفَ واللاَّمَ في بَعْضٍ وكُلٍّ، وإِنَّ أَبَاهُ الأَصْمَعِيُّ. قال شيْخُنَا أَيْ بِناءً على أنَّها عِوَضٌ عن المُضَافِ إِليْه، أَو غيْرِ ذلِكَ، وجَوَّزَهُ بَعْضٌ. على أَنَّهُ مُؤَوَّلٌ بالجُزْءِ، وهو يَدْخُلُ عَليْه «ال» فَكَذَا ما قَامَ مَقَامَه، وعُورِضَ بأَنَّه لَيْسَ مَحَلَّ النِّزَاعِ.
  والبَعُوضَةُ: البَقَّةُ، ج بَعُوضٌ، قاله الجَوْهَرِيّ، وقد وَرَدَ في الحَدِيث، وهكذا فُسِّرَ، وقال الشَّاعِرُ:
  يَطِنُّ بَعُوضُ المَاءِ فَوْقَ قَذَالِهَا. ... كمَا اصْطَخَبت بَعْدَ النَّجيِّ خُصُومُ
  وأَنْشَدَ مُحَمَّدُ بنُ زِيَادٍ الأَعْرابِيُّ:
  ولَيْلَةٍ لَمْ أَدْرِ ما كَرَاهَا ... أَسَامِرُ البَعُوضَ في دُجَاهَا
  كُلّ زَجُولٍ يُتَّقَى شَذَاهَا ... لا يَطْرَبُ السَّامِعُ مِنْ غِنَاهَا.
  وقال المُصَنِّف في البَصَائِر: إِنّما أُخِذَ لَفْظُه من بَعْضٍ، لصِغَرِ جِسْمه بالإِضَافَةِ إِلى سائر الحَيَوانات.
  والبَعُوضَةُ: مَاءٌ لبَنِي أَسَدٍ، قَرِيبُ القَعْرِ، كانَ لِلْعَرَب فيه يَوْمٌ مَذْكُورٌ. قال مُتَمِّمُ بنُ نُوَيْرَةَ يَذْكُرُ قَتْلَى ذلِكَ اليَوْمِ(٢).
  على مِثْلِ أَصْحَابِ البَعُوضَةِ فاخْمِشِي ... لَكِ الوَيْلُ حُرَّ الوَجْهِ أَوْ يَبْكِ مَن بَكَى
  ورَمْلُ البَعُوضَةِ: مَوْضِعٌ في البَادِية، قالَهُ الكسَائِيّ.
  وبُعِضُوا، بالضَّمِّ، آذَاهُم، وفي الأَساسِ: أَكَلَهُمُ البَعُوضُ.
  ولَيْلَةٌ بَعِضَةٌ، كفَرِحَة ومَبْعُوضَةٌ، وأَرْضُ بَعِضَةٌ، أَي كَثِيرَتُه. وأَبْعَضُوا فهم مُبْعِضُونَ: صَارَ في أَرْضِهِمْ الْبَعُوضُ، أَو كَثُرَ، كما في الأَسَاس.
  ومن المَجَاز: كَلَّفَنِي فُلانٌ مُخَّ الْبَعُوضِ، أَي مَا لا يَكُون، كما في التَّكْمِلَةِ. وفي الأساسِ: أَي الأَمْرَ الشَّدِيدَ.
  وقال اللَّيْثُ: البُعْضُوضَةُ، بالضَّمِّ: دُوَيْبَّة كالخُنْفَساءِ، تَقْرِضُ الوِطَابَ، وهي غيْرُ البُعْصَوصَةِ، بالصادِ، الّتي تَقَدَّم ذِكْرُها.
  والْغِرْبَانُ تَتَبَعْضَضُ، أَي يَتَنَاوَلُ بَعْضُهَا بَعْضاً، نقله الصّاغَانِيّ.
  وبَعَّضْتُهُ تَبْعِيضاً: جَزَّأْتُهُ، فتَبَعَّضَ، أَيْ تَجَزَّأَ، نقله الجَوْهَرِيّ. ومنه: أَخَذُوا مالَه فَبَعَّضُوه، أَي فَرَّقُوهُ أَجْزاءً.
  وبَعَضَ(٣) الشَّاةَ وبَعَّضَهَا.
  قال الصَّاغَانِيُّ: والتَّرْكِيب يَدُلُّ على تَجْزِئَةِ الشَّيْءِ، وقد شَذَّ عَنْهُ البَعُوض.
  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه:
  البَعْضُ: مَصْدَرُ بَعَضَهُ البَعُوض يَبْعَضُه بَعْضاً: عَضَّهُ،
(١) سورة النمل الآية ٨٧.
(٢) وكان فيمن قُتل ذلك اليوم أخوه مالك بن نويرة اليربوعي، قتلهم خالد بن الوليد، انظر قصتهم في معجم البلدان «البعوضة» والبيت من أبيات فيه على رويّ الألف.
(٣) عن الأساس وبالأصل «وعضّ».