فصل الباء مع الضاد
  كَانَ في الزَّمَن الأَوّلِ، عَقَرَ نَاقَتَهُ عَلَى ثَنِيَّة، وعند ابنِ قُتيْبَة: نَحَرَ بَعِيراً له على أَكَمَةٍ، فسَدَّ بِهَا الطَّريقَ ومَنَعَ النَّاسَ مِنْ سُلُوكِهَا. وقال المُفَضَّلُ: كَانَ ابنُ بَيْضٍ رَجُلاً من عَادٍ تاجِراً مُكْثِراً، فكانَ لُقْمَانُ بنُ عَادٍ يَخْفِره في تِجَارَته ويُجِيزهُ على خَرْجٍ يُعْطِيه ابنُ بَيْضٍ يَضَعُه له على ثَنِيَّةٍ، إِلى أَنْ يَأْتِيَ لُقْمَانُ فَيَأْخُذَهُ، فإِذَا أَبْصَرَهُ لُقْمَانُ قَد فَعَل ذلِكَ. قال: «سَدَّ ابنُ بَيْضٍ السَّبِيلَ»، أَي لم يَجْعَلْ لي سَبِيلاً على أَهْلِهِ ومَالِهِ. وذكر ابنُ قُتَيْبَةَ عن بَعْضِهِم: هو رَجُلٌ كانَت عليه إِتَاوَةٌ فَهَرَبَ بها فاتَّبَعه مُطَالِبُهُ، فلَمَّا خَشِيَ لَحَاقَهُ وَضَعَ ما يُطَالِبُه به على الطَّرِيقِ ومَضَى، فلَمَّا أَخَذ الإِتَاوَةَ رَجَعَ وقَال هذَا المَثَلَ، أَي مَنَعَنَا مِنِ اتِّبَاعِهِ حِينَ أَوْفَى(١) بِمَا عَليْه، فكَأَنَّهُ سَدَّ الطَّرِيقَ. وقَالَ بَشَامَة بن عَمْرو(٢):
  وإِنَّكُم وعَطَاءَ الرِّهَانِ ... إِذَا جَرَّت الحَرْبُ جُلاَّ جَلِيلَا
  كثَوْبِ ابْنِ بَيْضٍ وَقاهُمْ بِهِ ... فسَدَّ على السَّالِكِين السَّبِيلَا
  قال الصَّاغَانِيّ: الثَّوْبُ كِنَايَةٌ عن الوِقَايَة لأَنَّهَا تَقِي وِقَايةَ الثَّوْب.
  وقال ابنُ قُتَيْبة في قَوْلِ عمْرو بْن الأَسْوَد الطُّهَوِيّ السَّابِق: كَنَى الشّاعِرُ عن البَعِيِر، إِنْ كَانَ التَّفْسِيرُ على ما قَالَهُ الأصمَعِيّ، أو عَنِ الإتَاوَة إنْ كَانَ التَّفْسِيرُ على ما ذَكَرَه غيْرُهُ بالثَّوْب، لأَنَّهَما وَقَيَا، كما يَقِي الثَّوْبُ، كَذَا في تَارِيخ حَلب لابْنِ العَدِيم.
  وبِيضَات هكذا في النُّسَخِ بالتَّاءِ الفَوْقِيَّة، والصَّوابُ بِيضَانُ(٣) الزُّرُوبِ، بِالكَسْر والنّون: د قال أَبُو سَهْم أَسَامَةُ بنُ الحَارِث الهُذَلِيُّ:
  فلَسْتُ بمُقْسِمٍ، أوَدَدْتُ أَنِّي ... غَدَاتَئِذٍ ببِيْضَانِ الزُّرُوبِ.
  والبِيضَانُ، بالكسْرِ(٤): جَبَلٌ لبَنِي سُليْم. قال مَعْنُ بنُ أَوْسٍ المُزَنِيُّ، يَمْدَح بَعْضَ بَنِي الشَّرِيد السُّلَمِيِّين:
  لآلِ الشَّرِيدِ إِذْ أَصابُوا لِقَاحَنا ... بِبِيضَانَ والمَعْرُوفُ يُحْمَدُ فاعِلُهْ
  والْبِيضَانُ من النَّاسِ: ضِدُّ السُّودانِ، جَمْعُ أَبْيَضَ، وأَسْوَدَ.
  ومِنَ المَجَاز: البَيْضُ، بالفَتْح: وَرَمٌ في يَدِ الفَرَسِ، مِثْل النُّفَخِ والغُدَدِ، وفَرَسٌ ذُو بَيْضٍ. قال الأَصْمَعِيّ: هو من العيُوبِ الهَيِّنَةِ. وقد بَاضَتْ يَدُه تَبِيضُ بَيْضاً. وقَال أَبُو زيْد: البَيْضَةُ: وَرَمٌ في رُكْبَةِ الدَّابّةِ.
  وبَاضَتِ الدَّجَاجَةُ، ونَصّ الصّحاح: الطَّائِرَةُ، فَهِيَ بَائِضٌ: أَلْقَتْ بَيْضَهَا. ودَجَاجَةٌ بَيُوضٌ، كصَبورٍ: كَثِيرَةُ البَيْضِ.
  ج بُيُضٌ، بضَمَّتَيْن، وبِيضٌ، بالكَسْرِ، الأُولَي ككُتُبٍ، الأُوْلَى تَمْثِيلُهَا بصُبُرٍ في جمع صَبُور، والثَّانِيَةُ مِثْلُ مِيلٍ، في لُغَة مَنْ يَقُولُ في الرُّسُلِ، وإِنّمَا كُسِرَت الباءُ لِتَسْلَمَ الياءُ، قاله الجوْهَرِيّ وقال غَيْرُه: وقد قالوا: بُوضٌ. وقال الأَزهريّ: يقال دَجَاجَةٌ بَائِضٌ، بغير هاءٍ، لأَنَّ الدِّيكَ لا يَبِيضُ. وقال غَيْرُه: يُقَال دِيكٌ بَائِضٌ، كما يُقَال: وَالِدٌ، وكَذلِكَ الغُرَابُ، قال:
  بِحَيْثُ يَعْتَشُّ الغُرَابُ الْبَائِضُ
  قال ابنُ سِيدَهْ: وهو عنْدي عَلَى النَّسَبِ.
  ومن المَجَاز: بَاضَ الحَرُّ، أَي اشْتَدَّ، كما في الصّحاح، والأَساس، ووَهِمَ الصَّاغَانِيّ فَذَكَرَهُ في التَّكْمِلَة، وهو مَوْجُودٌ في نُسَخ الصّحاح كُلِّهَا.
  ومن المَجَازِ: بَاضَت البُهْمَى، أَي سَقَطَتْ نِصَالُهَا، كما في الصّحاح كأَبَاضَتْ وبَيَّضَتْ. والَّذِي في التَّكْمِلَة والعُبَابِ: أَبَاضَت البُهْمَى، مِثْلُ بَاضَتْ، وكَذلِكَ أَبْيَضَتْ.
  وبَاضَ فُلاناً يَبِيضُهُ: غَلَبَهُ في الْبَيَاضِ، ولا يُقَال
(١) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «أعفى».
(٢) في اللسان: «بسامة بن حزن» وفي المؤتلف والمختلف للآمدي ص ٦٦ بشامة بن الغدير وهو عمرو، وهو خال زهير بن أبي سلمى صاحب القصيدة المختارة والتي بها يصف الناقة فيقول - على نفس الروي -
كأن يديها إذا أرقلت ... وقد جرن ثم اهتدين السبيلا
وفي المؤتلف أيضاً: بشامة بن حزن النهشلي.
(٣) وهي عبارة نسخة أخرى من القاموس. وضبطت في معجم البلدان بالقلم بالفتح هنا وفي اللفظة التالية.
(٤) في معجم البلدان: بالفتح وبدون ألف ولام.