تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[غبض]:

صفحة 107 - الجزء 10

  قُلتُ: وهو قَوْلُ ابنِ دُرَيْد أَيضاً، ولم يُفَسِّرَا أَكْثرَ منْ ذَلك، وهو عَوْضُ بنُ الأَسْوَدِ بنِ عَمْرِو بن يَزِيدَ ذي الكَلَاعِ، مِنْ حِمْيَرَ، منْهُم أَبُو عَبْدِ الله سَلَمَةُ بنُ دَاوُودَ العَوْضِيّ. قال ابنُ أَبِي حاتِم: رَوَى عن أَبي المُلَيْحِ، صَالِحُ الحَدِيثِ.

  وعِيَاضٌ، بالكَسْرِ، في الأَعْلامِ وَاسِعٌ. قال ابنُ جِنِّي: إِنّمَا أَصْلُهُ منْ عِضْتُهُ، أَي أَعْطَيْتُه. والقَاضِي أَبو الفَضْل عِيَاضُ بنُ مُوسَى بن عِيَاض بن عَمْرُونَ بنِ مُوسَى بنِ عِيَاضٍ، الى، حْصَبِيُّ السَّبْتِيُّ، قاضِي سَبْتَةَ، مُحَدِّثٌ مَشْهُورٌ مُؤَلِّفُ الشِّفَاءِ وغَيْرِه، وحَفِيدُه أَبو عَبْد الله مُحَمَّدُ بنُ عِيَاضٍ، قاضِي دَانِيَةَ، تُوُفِّيَ سنةَ ٥٧٥ تَرْجَمَه الخَطِيبُ في الإِحَاطَةِ والمَقَّرِيّ في أَزْهَارِ الرِّيَاض.

  وعَوّاضٌ، كشدّادٍ: اسمٌ، وكذلِك مَعُوضَةُ، وعِوَضٌ، وعُوَيْضَةُ، كجُهَيْنَة.

  والعُوَيْضَانُ مُصَغَّراً: ذَكَرُ الرَّجُلِ، يَمَانِيَةٌ.

  وأَعْوَضُ، كأَحْمَدَ: شِعْبٌ لهُذَيْلٍ بتِهَامَةَ، نَقَلَه يَاقُوت.

فصل الغين مع الضاد

  [غبض]: التَّغْبِيضُ، أَهمله الجوْهرِيُّ. وقال اللَّيْثُ: هو أَنْ يُرِيدَ الإِنْسَانُ بُكَاءً فلا تُجِيبُه العَيْنُ. قال الأَزْهَريّ: هذَا الحَرْفُ لم أَجِدُه لغَيْره، وأَرْجُو أَنْ يَكُونَ صَحِيحاً. قال الصّاغَانِيّ: وأَنْشَدَ العَزِيزيّ في هذا التَّركِيبِ لِجَرِير:

  غَبَّضْنَ من عَبَرَاتِهِنَّ وقُلْنَ لي ... ماذَا لَقِيتَ من الهَوَى ولَقِينَا⁣(⁣١)

  والرِّوايَة: غَيَّضْن «باليَاءِ التحتيّة» لا غَيْر، كما في العُبَاب.

  [غرض] الغَرَض مُحَرِّكَة: هَدَفٌ يُرْمَى فيه، كما في الصّحاح والعُبَابِ وقال ابنُ دُرَيْدٍ: الغَرَضُ: ما امتَثَلْتَهُ للرَّمْي، ج أَغْرَاضٌ، كسَبَبٍ وأَسْبَابٍ، وكَثُرَ ذلكَ حَتَّى قيلَ: الناسُ أَغْرَاضُ المَنِيَّةِ، وجَعَلْتَنِي غَرَضاً لشَتْمِكَ. و في الحَديث: «لا تَتَّخِذُوا شَيْئاً فيه الرُّوحُ غَرَضاً».

  وفي البَصَائر: ثمّ جُعِلَ اسْماً لكُلِّ غَايَةٍ يُتَحَرَّى إِدْراكُهَا.

  والغَرَضُ: الضَّجَرُ، والمَلَاكُ. ومنه حَديثُ عَدِيٍّ: «فسِرْتُ حَتَّى نَزَلْتُ جَزيرَةَ العَرَبِ فأَقَمْتُ بها حتَّى اشْتَدَّ غَرَضِي» أَيْ ضَجَرِي ومَلَالِي. وأَنْشَدَ ابْنُ بَرّيّ لحُمَامِ بنِ الدُّهَيْقِينِ:

  لَمَّا رَأَتْ خَوْلَةُ مِنِّي غَرَضا ... قامَتْ قِيَاماً رَيِّثاً لتَنْهَضَا

  ومن سَجَعَاتِ الأَسَاس: إِذا فَاتَهُ الغَرَض، فَتَّهُ الغَرَضُ.

  أَي الضَّجَرُ.

  والغَرَضَ أَيْضاً: شِدَّةُ النِّزَاعِ نَحْوَ الشَّيْءِ والشَّوْقُ إِلَيْه، غَرِضَ، كفَرِحَ، فيهِما. أَمَّا في مَعْنَى الضَّجَرِ فإِنَّه يُعَدَّى بمِنْ، يُقَالُ: غَرِضَ مِنْه غَرَضَاً، فهو غَرِضٌ، أَي ضَجِرَ وقَلِقَ. ومنه الحَديثُ: «كَانَ إِذَا مَشَى عُرِفَ مَشْيُه أَنَّه غَيْرُ غَرِضٍ أَي غَيْرُ قَلِقٍ. وأَمّا الغَرَضُ بمعْنَى الشَّوْقِ فإِنَّهُ يُعَدَّى بِإِلى، يُقَالُ: غَرِضَ إِلى لِقَائهِ غَرَضاً، فهو غَرِضٌ: اشتَاقَ إِليه. قال ابنُ هَرْمَةَ، كما وَقَع في التَّهْذيب والإِصْلاح، ولَيْس (لابن هَرْمة) كما في العُبَاب:

  مَنْ ذَا رَسُولٌ ناصِحٌ فمُبَلِّغٌ ... عَنِّي عُلَيَّةَ غَيْرَ قِيلِ الكَاذِبِ

  أَنِّي غَرِضْتُ إِلى تَنَاصُفِ وَجْهِهَا ... غَرَضَ المُحِبّ إِلى الحَبيبِ الغَائبِ

  ونَقَل الجَوْهَرِيّ عن الأَخْفَش في مَعْنَى غَرِضْتُ إِلَيْهِ، أَي اسْتَقْتُ إِلَيْه، تَفْسِيرُهَا، غَرِضْت من هؤُلاءِ إِليه، لأَنَّ العَرَبَ تُوصِلُ بهذِهِ الحُرُوفِ كُلِّهَا الفِعْلَ، قال الشّاعرُ وهو أَعْرَابِيٌّ من بَني كِلاب:

  فمَنْ يَكُ لَمْ يَغْرَضْ فإِنِّي ونَاقَتِي ... بحَجْرٍ إِلَى أَهْلِ الحِمَى غَرِضَانِ

  تَحِنُّ فتُبْدِي ما بِهَا من صَبَابَةٍ ... وأُخْفِي الَّذي لَوْلَا الأَسَى لقَضَانِي

  أَي لقَضَى عَلَيَّ. وقال الزَّمَخْشَريّ: إِنَّمَا عُدِّيَ بإِلَى لتَضَمُّنهِ مَعْنَى اشْتَقْتُ وحَنَنْتُ. قال شَيْخُنَا: وقد أَوْرَدَ ابنُ السِّيدِ الغَرَضَ بمَعْنَى المَلَالِ والشَّوْقِ، وعَدَّه من الأَضْدادِ، لمُنَاقَضَةِ المَحَبَّةِ والشَّوْقِ للمَلَالِ والضَّجَرِ، قال: وهو مَنْصُوصٌ أَيْضاً للمُبَرِّد في الكامِلِ. قُلْتُ: ومثْلُه في كِتَابِ ابْنِ القَطّاع.


(١) ديوانه وفيه غيّضن.