تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[غمض]:

صفحة 114 - الجزء 10

  وفي الكَلِمَات القُدْسِيَّة: «إِن أَغْبَطَ أَوْلِيَائي عِنْدي لَمُؤْمِنٌ حَفِيفَ الحَاذِ، ذُو حَظٍّ من الصَّلاةِ أَحسَنَ عِبَادَة رَبِّه وأَطاعَه في السِّرِّ، وكان غامِضاً في النَّاس، لا يُشَارُ إِلَيْه بالأَصَابع، وكانَ رِزْقُهُ كَفَافاً فصَبَرَ عَلَى ذلِك».

  والغَامِضُ: الحَسَبُ الغَيْرُ المَعْرُوفِ جَمْعُه: أَغْمَاضٌ، كصَاحبٍ وأَصْحَابٍ. وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّيّ والصَّاغَانِيّ لرُؤْبَةَ:

  بِلالُ يا بنَ الحَسَبِ الأَمْحَاضِ ... لَيْسَ بأَدْناسٍ ولا أَغْمَاضِ⁣(⁣١)

  ويُقَال: إِنَّه جَمْعُ غَمْضٍ.

  والغَامِضُ: الغَاصُّ⁣(⁣٢) من الخَلَاخِل في السّاقِ، وقد غَمَضَ في السّاقِ غُمُوضاً: غَضَّ. وفي اللّسَان: غاصَ. والغَامِضُ مِنَ الكُعُوبِ: ما وَارَاهُ اللَّحْمُ. ومن السُّوقِ: السَّمِينُ.

  وغَمَضَ يَغْمِضُ، من حَدّ ضَرَبَ، من قَوْلهمْ غَمَضَ عنه في البَيْعِ أَو الشِّرَاءِ يَغْمِضُ، إِذَا تَسَاهَل عليه، كأَغْمَضَ، كَذَا في العُبَاب والصّحاح. ومن الباب الأَوَّلِ قِرَاءَةُ الجَمّاعَة {إِلاّ أَنْ} تُغْمِضُوا {فِيهِ}⁣(⁣٣) كما سَيَأْتي قَريباً.

  وفي الحَديث: «لم تَأْخُذْه إِلاَّ على إِغْمَاضٍ» الإِغْمَاضُ: المُسَامَحَةُ والمُسَاهَلَة.

  ويقال: غَمَضَ عَنْه، إِذا تَجَاوَزَ.

  وغَمَضَ في الأَمْرِ⁣(⁣٤)، هكذا في سَائِر الأُصُول، وهو غَلَطٌ، والصَّوابُ كما في نَوَادِرِ اللّحْيَانيّ غَمَضَ في الأَرْضِ يَغْمِضُ ويَغْمُضُ، من حَدّ نَصَرَ وضَرَبَ، غُمُوضاً، إِذا ذَهَبَ فيها، إِلى هُنَا نَصّ النَّوَادر، وسارَ، وهو بمَعْناه. وفي الأَسَاسِ واللّسَان: غَابَ، بَدَلُ: سارَ، وهو نَصُّ اللِّحْيَانيّ أَيْضاً في اللّسَان⁣(⁣٥).

  وغَمَضَ السَّيْفُ في اللَّحْمِ يَغْمُضُ، من حَدّ نَصَرَ: غَابَ عن ابْنِ عَبّادٍ. وفي الأَسَاس: ضَرَبْتُه بالسَّيْفِ فغَمَضَ في اللَّحْمِ غَمْضَةً.

  ودَارٌ غَامِضَةٌ: غَيْرُ شَارِعَةٍ، وقد غَمَضَتْ تَغْمُضُ غُمُوضاً، قالَهُ اللَّيْثُ. وفي اللِّسَان: إِذَا لَمْ تَكُنْ على شَارِعٍ. وفي الأَسَاسِ: وهي الَّتي تَنَحَّتْ عن الشَّارِع.

  وما اكْتَحَلْت غَمَاضاً، بالفَتْح ويُكْسَر، ولا غُمْضاً، بالضَّمِّ، ولا تَغْمَاضاً، ولا تَغْمِيضاً، بفَتْحِهما، ذَكَرَهُنَّ الجَوْهَرِيّ، ولم يَذْكُرِ الصَّاغَانِيُّ الأَخِيرَ. وزاد ابنُ سِيدَه ولا إِغْمَاضاً، بالكَسْرِ، وأَهمَلَه الجَوْهَرِيّ والصَّاغَانِيّ، أَي ما نِمْتُ. وقال ابنُ بَرّيّ: الغُمْضُ والغُمُوضُ والغِمَاضُ: مَصْدَرٌ لِفِعْل لم يُنْطَقْ به، مثل الفَقْر، قال رُؤْبةُ:

  أَرَّق عَيْنَيْك عَنِ الغِمَاضِ ... بَرْقٌ سَرَى في عَارِضٍ نَهَّاضِ

  ويُقَالُ: ما لي في هذا الأَمْر غَمِيضَةٌ، وغَميزَة، أَي عَيْبٌ، كما في العُبَاب والصّحاح.

  واغْمِضْ⁣(⁣٦) لي فيمَا بِعْتَنيِ، هو من حَدّ ضَرَبَ في سائر النُّسَخ، والصَّوَاب أَغْمِضْ، كأَكْرِمْ، كما هُوَ مَضْبُوطٌ في الصّحاح والعُبَاب، وغَمِّضْ، من باب التَّفْعِيل، نَقَلَه الصَّاغَانِيُّ وابنُ سِيدَه، كأَنَّكَ تُريدُ الزِّيادَةَ منه لرَدَاءَتِهِ والحَطِّ من ثَمَنِهِ، فاستعمل التَّغْمِيض هُنَا في غَيْرِ النَّوْمِ.

  يقال: أَغْمَضَ في السِّلْعَةِ، إِذَا اسْتَحَطَّ من ثَمَنِهَا لرَدَاءَتِهَا، ويَقُولُ الرَّجُل لبَيِّعِهِ: غَمِّضْ لي في البِيَاعَة، مثل أَغْمِضْ لي، أَيْ زِدْنِي، لمَكَانِ رَدَاءَتِهِ، أَو حُطَّ لي من ثَمَنِه. وقال الزَّمَخْشَرِيّ: هو مَجَازٌ. وقال ابنُ الأَثِيرِ: يقال: أَغْمَضَ في البَيْع يُغْمِضُ، إِذَا اسْتزادَهُ من المَبِيعِ واسْتَحَطَّه من الثَّمَنِ فوَافَقَهُ عليه. وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّيّ لِأَبِي طالِبٍ:

  هُمَا أَغْمَضَا لِلْقَوْمِ في أَخَوَيْهِمَا ... وأَيْدِيهِمَا من حُسْنِ وَصْلِهِمَا صِفْرُ

  قال: وقال المُتَنَخِّل الهُذَلِيّ:

  يَسُومُونَه أَنْ يُغْمِضَ النَّقْدَ عِنْدَهَا ... وقد حَاوَلُوا شِكْساً عليها يُمَارِسُ


(١) في التهذيب: لسن بنحسات ولا أَغماضِ

(٢) في القاموس: العاضُّ.

(٣) سورة البقرة الآية ٢٦٧.

(٤) على هامش القاموس عن نسخة أَخرى: وفي الأَرض.

(٥) الذي في اللسان: «ذهب فيها» وفي الأَساس: إِذا ذهب وغاب.

(٦) في القاموس: وأَغْمِضْ.