فصل النون مع الضاد
  والَّذِي قَرَأْتُه في الدِّيوان:
  «إِذا أَنْفَضَ الحَيُّ» ... (١)
  ويُرْوَى: «لم يُنْفِضِ.
  وفي الحَدِيث: «كُنَّا في سَفَرٍ فأَنْفَضْنَا» أَي، فَنِيَ زَادُنا، كأَنَّهم نَفَضُوا مَزاوِدَهم لخُلُوِّها، وهو مِثْلُ أَرْمَلَ وأَقْفَرَ.
  أَو أَنْفَضُوا زَادَهُم: أَفْنَوْهُ وأَنْفَدُوه، قاله ابنُ دُرَيْدٍ، وجَعَلَه مُتَعَدِّياً(٢)، والاسمُ: النّفاضُ، كسَحَابٍ وغُرَابٍ، الفَتْحُ عن ثَعْلَبٍ، وكانَ يَقُولُ: هو الجدْبُ، ومنه المَثَلُ: النُفَاضُ يُقَطِّرُ الجَلَب»، فعَلَى قولِ منْ قال: النُّفَاضُ: فَنَاءُ الزّادِ، يقولُ في مَعْنَى المَثَلِ: إِذا ذَهَبَ طَعَامُ القَوْمِ أَو مِيرَتهُم قَطرُوا إِبِلَهم الَّتِي كانُوا(٣) يَضِنُّونَ بها، فجَلَبُوها للبَيْعِ، فبَاعُوها واشْتَرَوْا بثَمَنِهَا مِيرَةً. وعلَى قوْلِ ثَعْلَبٍ: أَي إِذا جَاءَ الجَدْبُ جُلِبَت الإِبِلُ قِطَاراً قِطَاراً لِلْبَيْعِ، ومآلُهما وَاحِدٌ.
  وأَنْفَضَت الجُلَّةُ: نُفِضَ جميع ما فِيها من التَّمْرِ.
  وانْتَفَضَ الكَرْمُ: نَضُرَ وَرَقُه، قال أَبو النَّجْمِ:
  وانْشَقَّ عن فُطْحٍ سَوَاءٍ عُنْصُلُهْ ... وانْتفَضَ البَرْوقُ سُوداً فُلْفُلُهْ
  وانْتَفَضَ الذَّكَرَ: اسْتَبْرَأَهُ ممّا فيه من بَقِيَّةِ البوْلِ، ومنه حدِيثُ ابنِ عُمَرَ: «أَنَّه كان يَمُرُّ بالشَّعْبِ من مُزْدَلِفَةَ فيَنْتَفِضُ ويَتَوضَأُ»، كاسْتَنْفَضَهُ.
  والنِّفَاضُ، ككِتَابٍ: إِزارٌ للصِّبْيَانِ، قاله الجَوْهَرِيُّ، وأَنشدَ للرّاجِزِ:
  جارِيَةٌ بَيْضَاءُ في نِفَاضِ ... تَنْهَضُ فيه أَيَّمَا انْتِهَاضِ
  كنَهَضانِ البَرْقِ ذِي الإِيماضِ
  وقال ابنُ عَبّادٍ: يُقَالُ: أَتَانَا وما علَيْهِ من نِفَاض، أَي شَيء من الثِّيَابِ، وجَمْعُه النُّفُضُ.
  والنِّفَاض: بِساطٌ يَنْحَتُّ عليه وَرَقُ السَّمُرِ ونَحْوِه، وذلِك أَنْ يُبْسَطَ له ثُوْبٌ، ثمّ يُخْبَطُ بالعَصَا، فذلِك الثَّوْبُ نِفَاضٌ.
  وج: نُفُضٌ، بضَمَّتين.
  والنِّفَاضُ أَيضاً: ما انْتَفَضَ عليهِ من الوَرَقِ، كالأَنافِيضِ، نقله الصّاغانِيُّ، ووَاحِدَةُ الأَنَافِيضِ أَنْفُوضَةٌ.
  وقال الزَّمَخْشَرِيُّ: الأَنَافِيضُ: ما تَسَاقَطَ من الثَّمَرِ في أُصولِ الشَّجَرِ.
  ومن المَجاز: النُّفُوضُ: البُرْءُ من المَرَضِ، وقد نَفَضَ من مَرَضِه.
  والنَّفِيضَةُ، كسَفِينَةٍ: نحو الطَّلِيعَة، نَقَلَه الجَوْهَريُّ.
  قال: والنَّفَضَةُ، مُحَرَّكَةً: الجَمَاعَةُ يُبْعَثُون في الأَرْضِ مُتَجسِّسِينَ؛ لِيَنْظُرُوا هلْ فيهَا عَدُوٌّ أَمْ لا، زاد اللَّيْث: أَو خوف، وأَنْشَدَ الجَوْهَريُّ لسَلْمَى الجُهَنِيَّةِ تَرْثِي أَخاها أَسْعَدَ، قال ابنُ برِّيّ: صوابُه سُعْدَى الجُهَنِيَّة(٤)، قلتُ: وهي سُعْدَى بِنْتُ الشَّمَرْدَلِ:
  يَرِدُ المِيَاهَ حَضِيرَةً ونَفِيضَةً ... وِرْدَ القَطَاةِ إِذَا اسْمَأَلَّ التُّبَّعُ(٥)
  تَعْنِي إِذَا قَصُرَ الظِّلُ نِصْفَ النَّهَارِ. والجمْعُ: النَّفَائضُ.
  قلتُ: وحَضِيرَةً ونَفِيضَةً منصوبانِ على الحالِ، والمَعْنَى: أَنَّه يَغْزُو وحْدَه في مَوْضِع الحَضِيرَةِ والنَّفِيضةِ، وقد تقَدّم أَيضاً في «ح ض ر».
  واسْتَنْفَضَهُ، واسْتَنْفَضَ ما عنده، أَي: اسْتَخْرَجَهُ، قال رُؤْبَةُ:
  صَرَّحَ مَدْحِي لكَ واسْتِنْفَاضِي ... سَيْبَ أَخٍ كالغَيْثِ ذي الرِّيَاضِ
  واسْتَنْفَضَ: بَعَثَ النَّفِيضَةَ أَي الطَّلِيعَةَ، كما في الصّحاحِ. وفي الأَسَاس واللِّسَان: اسْتَنْفَضَ القومُ: بَعَثُوا النَّفَضَةَ الَّذِينَ يَنْفُضُون الطُّرُقَ.
  واسْتَنْفَضَ بالحَجَرِ: اسْتَنْجَى، ومنه الحَدِيثُ: «ابْغِنِي أَحْجَاراً أَسْتَنْفِضُ بها» أَي أَسْتَنْجِي بها، وهو من نَفْضِ الثَّوْبِ؛ لأَنَّ المُسْتَنْجِيَ يَنْفُضُ عن نَفْسِه الأَذَى بالحَجَر، أَي يُزِيلُه ويَدْفَعُه.
(١) والذي في اللسان: إذا انفض القوم.
(٢) الجمهرة ٣/ ٩٨.
(٣) عن اللسان وبالأصل «كان».
(٤) في المطبوعة الكويتية «الجهينية» تصحيف.
(٥) قال الفراء حضيرة الناس ونفيضتهم هي الجماعة. وعن ابن الاعرابي: حضيرة يحضرها الناس، ونفيضة ليس عليها أحد. انظر التهذيب.