تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[خلب]:

صفحة 472 - الجزء 1

  وقولُهم: هُوَ خِلْبُ نِسَاءٍ، إِذا كان يخَالِبُهُنَّ أَي يُخادِعهن، وفلانٌ حِدْثُ نِسَاءٍ، وزيرُ نِسَاءٍ إِذا كانَ يُحَادِثُهن ويُزَاوِرُهنَّ، ورَجُلٌ خِلْبُ نِساءٍ يُحِبُّهُنَّ لِلحَدِيثِ والفَجُورِ ويُحْبِبْنَه كذلك⁣(⁣١)، وهُمْ أَخْلَابُ نِسَاءٍ وخُلَبَاءُ نِساءٍ الأَخِيرَة نادِرة.

  والخُلْبُ بالضم، والخُلُبُ بِضَمَّتَيْنِ: لُبُّ النَّخْلَةِ أَو قَلْبُهَا مثلثة⁣(⁣٢) واقْتصَرَ غيرُ واحدٍ على التخفيف والخُلْبُ بالوَجْهَيْنِ: اللِّيفُ وَاحِدَتُهُ خُلْبَةٌ، وقِيلَ: هُو الحَبْلُ مِنْه ومنَ القُطْنِ إِذَا رَقَّ وصَلُبَ، وقال الليث: الخُلْبُ هو الحَبْلُ من اللِّيفِ الصُلْبُ الفَتْلِ الدَّقِيقُ، وفي نسخة بالرَّاءِ، أَو من قِنَّبٍ أَو شيءٍ صُلْبٍ، قال الشاعر:

  كالمَسَدِ اللَّدْنِ أُمِرَّ خُلْبُه

  وعن ابن الأَعرابيّ: الخُلْبَةُ: الحَلْقَةُ من اللِّيفِ، واللِّيفَةُ: خُلْبَةٌ وخُلُبَةٌ وقال:

  كَأَنْ وَرِيدَاهُ رِشَاءَا خُلْبِ⁣(⁣٣)

  وفي الحديث «أَتَاهُ رَجُلٌ وهُوَ يخطُبُ فَنَزَلَ إِلَيْهِ وقَعَدَ عَلى كُرْسِيِّ خُلْبٍ، قَوَائِمُهُ مِنْ حَدِيدٍ» الخُلْب: اللِّيف، ومنه الحديثُ «وأَمَّا مُوسَى فَجَعْدٌ آدَمُ، عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ مَخْطُوم بِخُلْبَةٍ» وقَدْ يسَمى الحَبْلُ نَفْسُهُ خُلْبَةً، ومنه الحديثُ «بِلِيفٍ خُلْبَةٍ» علَى البَدَلِ، وفيه «أَنَّهُ كَانَ لَهُ وِسَادَةٌ حَشْوُهَا خُلْبٌ».

  والخُلْبُ والخُلُبُ: الطِّينُ عامَّةً، عن ابن الأَعرابيّ: قال رَجُلٌ من العَرَبِ لِطَبَّاخِهِ: «خَلِّبْ مِيفَاكَ حَتَّى يَنْضَجَ الرَّوْدَقُ» خَلِّبْ أَي طَيِّنْ، ويقال للطِّينِ: خُلْب، والمِيفَى: طَبَقُ التَّنُّورِ، والرَّوْدَق: الشِّوَاءُ، أَو هو صُلْبُهُ اللَّازِبُ، أَوْ أَسْوَدُهُ وقيل: هو الحَمْأَةُ، وفي حديث ابنِ عباسٍ، وقد حَاجَّهُ عُمَرُ في قولِه تعالى {تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ}⁣(⁣٤) فقال عُمَرُ: حَامِيَة، فأَنشَدَ ابنُ عباس بَيْتَ تُبَّعٍ:

  فَرَأَى مَغِيبَ الشَّمْسِ عِنْدَ مَآبِهَا ... فِي عَيْنِ ذِي خُلُبٍ وثَأُطٍ حَرْمَدِ

  الخُلُب: الطِّينُ والحَمْأَةُ.

  ومَاءٌ مُخْلِبٌ كمحْسِنٍ ذُو خُلْبٍ هو الطِّينُ. وقَدْ أَخْلَبَ.

  والخُلَّبُ كقُبَّرٍ: السَّحابُ الذي يُرْعِدُ ويُبْرِقُ ولَا مَطَرَ فيهِ⁣(⁣٥) وقال ابن الأَثير: الخُلَّبُ هو السحَابُ يُومِضُ بَرْقُهُ حَتَّى يُرْجَى مَطَرُهُ، ثُمَّ يُخْلِفُ ويَنْقَشِعُ⁣(⁣٦)، وكأَنَّه منَ الخلَابَةِ، وهي الخِدَاعُ بالقَوْلِ اللَّطِيفِ ومن المجاز قولُهم البَرْقُ الخُلَّبُ وهو الذي لا غَيْثَ فيه، كأَنَّه خادِعٌ يُومِضُ حتى تَطْمَعَ بمَطَرِه ثم يُخْلِفُكَ ويقال بَرْقُ الخُلَّب وبَرْقٌ خُلَّبٌ فَيُضَافَانِ، وفي نسخةٍ بَرْقٌ خُلَّبٌ على الوَصْفِيَّةِ أَيِ المُطْمِعُ المُخْلِفُ ومنه قِيلَ لِمَنْ يَعِدُ وَلَا يُنْجِزُ وَعْدَه إِنَّمَا أَنْتَ كَبَرْقِ خُلَّب، ويقال: إِنَّهُ كبَرْقِ خُلَّب وبَرْقِ خُلَّب، وفي حديث الاسْتِسْقَاءِ «اللهُمَّ سُقْيَا غَيْرَ خُلَّبٍ بَرْقُهَا» أَي خالٍ عن المَطَرِ، وفي حديث ابن عباس «كَانَ أسْرَعَ مِنْ بَرْقِ الخُلَّبِ» وإِنَّمَا وَصَفَهُ⁣(⁣٧) بالسُّرْعَةِ لِخِفَّتِه بِخُلُوِّهِ⁣(⁣٨) منَ المَطَرِ، ومِنْهُ حَسَنُ بنُ قَحْطَبَةَ الخُلَّبِيُّ المُحَدِّثُ نِسْبَةٌ إِلى بَرْقِ الخُلَّبِ⁣(⁣٩)، وتَصَحَّفَ على كَثِيرينَ بالحَلَبيّ، حَدَّث عن أَبي داوودَ الوَرَّاقِ عن محمدِ بنِ السَّائِبِ الكَلْبِيِّ، ورَوَى عنه عليُّ بنُ محمدِ بنِ الحارث الهَمْدَانِيّ، قال ابنُ ماكولَا: كذا قاله ابن السمعانِيّ.

  والخَلْبَاءُ والخَلْبَنُ والنُّونُ زَائِدَةٌ للإِلْحَاقِ وليست بأَصْلِيَّة. في الصحاح: الخَلْبَنُ: الحَمْقَاءُ، قال ابنُ السكّيت: ولَيْسَ من الخِلَابَة، قال رُؤبة يَصِفُ النُّوقَ:

  وخَلَّطَتْ كُلُّ دِلَاثٍ عَلْجَنِ ... تَخْلِيطَ خَرْقَاءِ اليَدَيْنِ خَلْبَنِ⁣(⁣١٠)

  ورَوَاهُ أَبُو الهَيْثَمِ: خَلْبَاءِ اليَدَيْنِ، وهي الخَرْقَاءُ، عن


(١) في الصحاح: يقال للرجل الذي تحبه النساء: إنه لخِلْبُ نساء.

(٢) كذا، وفي اللسان: مثقلاً ومخففاً.

(٣) عن الصحاح، وبالأصل «رشاء خلب».

(٤) سورة الكهف الآية ٨٦.

(٥) في اللسان: معه.

(٦) كذا بالأصل والنهاية، وفي اللسان: ويتقشع.

(٧) النهاية واللسان: خصّه.

(٨) كذا بالأصل والنهاية وفي اللسان: لخلوه.

(٩) بالأصل «برق الخلبا» وبهامش المطبوعة المصرية «كذا بخطه».

(١٠) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله وخلطت الخ قال في التكملة وبين المشطورين مشطور ساقط وهو:

غوج كبرج الآجر الملبن

غوج أي لينة الأعطاف، والملبن أي قد لبن وطبخ».