تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ذيط]:

صفحة 260 - الجزء 10

  والرِّبَاط: مُلازَمَةُ ثَغْرِ العَدُوِّ، كالمُرَابَطَةِ، كما في الصّحاحِ.

  ورِبَاطُ الخَيْلِ: مُرَابَطَتُهَا، ورُبما سُمِّيَ الخَيْلُ رِبَاطاً.

  أَو الرِّبَاطُ: الخَيْلُ الخَمْسُ مِنْهَا فما فَوْقَهَا، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ. وأَنْشَدَ للشّاعِرِ، وهو بُشَيْرُ بنُ أَبي حُمَام العَبْسِيُّ كما في اللِّسَانِ، وفي العُبَابِ: بُشَيْرُ بن أَبَيِّ بنِ جَذِيمَةَ العَبْسِيُّ⁣(⁣١):

  وإِنّ الرِّبَاطَ النُّكْدَ من آلِ دَاحِسٍ ... أَبَيْنَ فما يُفْلِحْنَ يومَ رِهَانِ

  كما في الصّحاحِ، وفي اللِّسَانِ: «دُونَ رِهَان». ورِوَايَةُ ابنُ دُرَيْدٍ: «جَرَيْنَ فلمْ يُفْلِحْنَ» وزَادَ الجَوْهَرِيُّ: يُقَال: لفُلانٍ رِبَاطٌ من الخَيْل، كما تَقُول: تِلَادٌ، وهو أَصْلُ خَيْلِه.

  والرِّبَاطُ أَيْضاً: وَاحِدُ الرِّبَاطَاتِ المَبْنِيَّة. نَقَله الجَوْهَرِيُّ.

  أَو المُرَابَطَةُ في الأَصْلِ: أَنْ يَرْبُطَ كُلٌّ من الفَرِيقَيْنِ خُيُولَهُم في ثَغْرِهِ، وكُلٌّ مُعدٌ لِصاحِبِه، فسُمِّيَ المُقامُ في الثَّغْرِ رِبَاطاً. قاله القُتَيْبِيُّ، على ما نَقَلَه الصّاغَانِيُّ. وفي اللِّسَانِ: ثمّ صارَ لُزُومُ الثَّغْرِ رِباطاً، ورُبما سُمِّيَت الخَيْلُ أَنْفُسُها رِبَاطاً، ومنه قولُه تعالى {اصْبِرُوا} وَصابِرُوا وَرابِطُوا⁣(⁣٢) جاءَ في تَفْسِيره: {اصْبِرُوا} على دِينِكم، و {صابِرُوا} عَدُوَّكُم، {وَ} رابِطُوا، أَي أَقِسمُوا على جِهَادِ عَدُوِّكُم بالحَرْبِ وارْتِبَاط الخَيْل، أَو مَعْنَاهُ المُحَافَظَة عَلَى مَوَاقِيتِ الصَّلاةِ، وقِيلَ: المُواظَبَةُ عليها، وقيل: انْتِظَارُ الصّلاةِ بعدَ الصَّلاةِ، لقَوله ، فيما رَوَاه عنه أَبُو هُرَيْرَةَ ¥: «أَلَا أَدُلُّكُم على ما يَمْحُو الله به الخَطَايَا ويَرْفَعُ به الدَّرَجاتِ؟ قالوا: «بَلَى يا رَسُولَ الله، قال: إِسْباغُ الوُضوءِ على المَكَارِهِ، وكَثْرَةُ الخُطَا إِلى المَسَاجِدِ، وانْتِظَارُ الصَّلاةِ بعدَ الصَّلَاة، فَذلكُمُ الرِّبَاطُ فذلِكُم الرِّبَاطُ، فذلِكُم الرِّبَاطُ» فشَبَّه مَا ذَكَرَه من الأَفْعَالِ الصّالِحَةِ بِه. والقَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا الأَزْهَرِيُّ. قلتُ: فيَكُون الرِّبَاطُ: مَصْدَرَ رَابَطْتُ: أَي لَازَمْتُ، وقِيلَ: هو هاهُنَا اسمٌ لما يُرْبَطُ به الشَّيْءُ، أَي يُشَدُّ، يَعْنِي أَنَّ هذِه الخِلالَ تَرْبِطُ صاحِبَهَا عن المَعَاصِي، وتَكُفُّه عن المَحارِم.

  والمِرْبَطُ، كمِنْبَرٍ: مَا رُبِطَ به الدّابَّةُ، كالمِرْبَطَةِ، كما في اللِّسَانِ.

  والمَرْبَطُ كمَقْعَدٍ ومَنْزِلٍ: مَوْضِعُهُ أَي مَوضعُ رَبْطِ الدّابَّةِ، وهو من الظُّرُوفِ المَخْصُوصَةِ، ولا يَجْرِي مَجْرَى «مَنَاطَ الثُرَيَّا»، لا تَقُول: هُو مِنِّي مَرْبَطَ الفَرَسِ، قال ابنُ بَرِّيّ: فمَنْ قالَ في المُسْتَقْبَلِ: أَرْبِطُ، بالكَسْرِ، قال في اسْمِ المَكَانِ: المَرْبِطُ، بالكَسْرِ، ومن قال: أَرْبُطُ، بالضَّمِّ، قال في اسْمِ المَكَانِ: المَرْبَطُ، بالفَتْح، ويقال: ليس له مَرْبِطُ عَنْزٍ. وفي العُبَاب: قال الحَارِثُ بنُ عُبَادٍ في فَرَسِه النَّعامَة:

  قَرِّبا مَرْبِطَ النَّعامَةِ مِنّي ... لَقِحَتْ حَرْبُ وَائلٍ عن حِيَالِ

  والرَّبِيطُ، كأَمِيرٍ: التَّمْرُ اليابِسُ يُوضَعُ في الجِرَابِ ويُصَبُّ عليه الماءُ، قال أَبو عُبَيْدِ: إِذا بَلَغَ التَّمْرُ اليُبْسَ وُضِعَ في الجِرَارِ، وصُبَّ عليه الماءُ فذلِكَ⁣(⁣٣) الرَّبِيطُ، فإِنْ صُبَّ عليه الدِّبْسُ فذلِكَ المُصَقَّر. ونَقَلَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ في الأَسَاسِ، فقال. هو تَمْرٌ يُجْعَل في الجِرَارِ ويُبَلّ بالماءِ لِيَعُود⁣(⁣٤) كالرُّطب، وهُوَ مَجازٌ. وقال ابنُ فارِسٍ: فأَمَّا قولُهم للتَّمْرِ: رَبِيطٌ فيُقَال: إِنَّه الَّذِي يَيْبَس فيُصَبُّ عليه الماءُ، قال: ولَعَلَّ هذَا من الدَّخيلِ. وقِيل: إِنّه بالدّالِ «الرَّبِيدُ» وليس بأَصْلٍ.

  وفي الصّحاحِ: الرّبِيطُ: البُسْرُ المَوْدُونُ.

  والرَّبِيطُ: الرَّاهِبُ، والزّاهِدُ، والحَكِيمُ الَّذِي ظَلَفَ، أَي رَبَطَ نَفْسَهُ عن الدُّنْيَا، أَي سَدَّهَا ومَنَعَهَا، ومنه الحَدِيثُ: «إِنَّ رَبِيطَ بَنِي إِسْرَائِيلَ قال: زَيْنُ الحَكِيمِ الصَّمْتُ» كالرّابِطِ في الثَّلاثِ، الأَوَّلُ منها عن ابْنِ الأَعْرَابِيِّ.

  والرَّبِيطُ: لَقَبُ الغَوْثِ بنِ مرّ، ووقَعَ في الصّحاح: مُرَّة، وهو وَهَم، أَي ابن طَابِخَةَ بن الْياسِ بنِ مُضَرَ بنِ نِزَارِ بنِ مَعَدِّ بنِ عَدْنَانَ. قال ابنُ الكَلْبِيِّ: لأَنَّ أُمَّهُ كانَتْ لا


(١) في الجمهرة ٢/ ٢٦٢ بشر بن أبيّ بن حمام العبسي.

(٢) سورة آل عمران الآية ٢٠٠.

(٣) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «فلذلك».

(٤) في الأساس: فيعود.