تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الراء مع الطاء

صفحة 261 - الجزء 10

  يَعِيشُ لها وَلَدٌ، فنَذَرَتْ لَئِنْ عاشَ هذا لَتَرْبُطَنَّ برَأْسِهِ صُوفَةً، ولَتَجْعَلَنَّهُ رَبِيطَ الكَعْبَةِ، فعاشَ ففَعَلَتْ، وجعلَتْه خَادِماً لِلْبَيْتِ حَتَّى بَلَغَ الحُلُمَ فَنَزَعَتْهُ⁣(⁣١)، فلُقِّبَ الرَّبِيطَ، كما نَقَلَه الصّاغَانِيُّ⁣(⁣٢).

  والرَّبِيطَةُ، بهاءٍ: ما ارْتُبِطَ من الدَّوَابِّ. وفي الصّحاح: وفُلانٌ يَرْتَبِطُ كَذَا رَأْساً من الدَّوَابِّ، ويقال: نِعْمَ الرَّبِيطُ هذا، لِمَا يُرْتَبَطُ مِنَ الخَيْلِ.

  والمِرْبطَةُ، بالكَسْرِ: نِسْعَةٌ لَطِيفَةٌ تُشَدُّ فوق خَشَبَةِ، هكَذَا في النُّسَخ بالموحَّدَة والخاءِ وهو غَلَطٌ، صوابه: حَشِيَّة الرَّحْلِ، بالحاءِ المُهْمَلَةِ والتَّحْتِيَّة.

  ومن المَجَاز: رَجُلٌ. رَابِطُ الجَأْشِ، ورَبِيطُهُ، أَي شُجَاعٌ شَدِيدُ القَلْب، كَأَنَّه يَرْبِطُ نَفْسَه عن الفِرَارِ يَكُفُّهَا بجَرَاءَتِه وشَجَاعَتِه.

  ورَبَطَ جَأْشُه رِبَاطَةً، بالكَسْرِ، أَي اشْتَدَّ قَلْبُه، ووَثُقَ وحَزُمَ فلم يَفِرَّ عند الرَّوْعِ، ومن سَجَعَاتِ الأَساس: لولا رَجَاحَةُ عَقْلِه، ورَبَاطَةُ جَأْشِه، ما طَمِعَ⁣(⁣٣) الجدُّ العاثِرُ في انْتِعاشِه.

  ومن المَجَازِ: رَبَطَ الله تَعالَى عَلَى قَلْبِه، أَي أَلْهَمَهُ الصَّبْرَ، وشَدَّه وقَوّاهُ، ومنه قولهُ تعالَى: {لَوْ لا أَنْ} رَبَطْنا {عَلى قَلْبِها}⁣(⁣٤). وكذا قَوْلُه تعالَى: {وَ} رَبَطْنا {عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا}⁣(⁣٥) أَي أَلْهَمْنَاهُم الصَّبْرَ.

  ونَفَسٌ رِابِطٌ: وَاسِعٌ أَرِيضٌ، وحكى ابنُ الأَعْرَابِيّ عن بَعْضِ العَرَب أَنَّه قال: اللهُمَّ اغْفِرْ لي والجِلْدُ بارِدٌ، والنَّفْسُ رابِطٌ والصُّحُفُ مُنْتَشِرَةٌ، والتَّوْبَةُ مَقْبُولَةٌ» يعني في صِحَّتِهِ قبل الحِمَامِ، وذكَرَ النَّفْس حَمْلاً على الرُّوحِ، وإِنْ شِئْتَ على النَّسَب.

  ومَرْبُوطُ: ة، بالإِسْكَنْدَرِيَّةِ، هكَذَا نقَلَهُ الصّاغَانِيُّ في كتَابَيْه، وهو وَهَمٌ ظاهرٌ منه، والصَّوابُ: أَنَّ القَرْيَةَ المَذْكُورةَ هي «مَرْيُوطُ» بالتَّحْتِيِّة، لا بالمُوَحَّدَة، وأَعادَه الصّاغَانِيُّ ثانِياً على الصّوَاب في «ر ى ط» في التكملة، وذَكَر أَنَّ أَهْلها أَطْولُ النّاسِ أَعْمَاراً، وقال فِيهَا: إِنَّهَا من كُوَرِ الإِسْكَنْدَرِيَّة.

  قال المُصَنِّف: وقد رَأَيْتُ منْهُم أُناساً بالاسْكَنْدَرِيَّةِ، وبثَغْرِ رَشِيد منهم جَمَاعَةٌ.

  وارْتَبَطَ فَرَساً: اتَّخَذَهُ للرِّبَاطِ أَي لمُرَابَطَة العَدُوّ وتقولُ هُوَ يَرْتَبِطُ كَذا وكَذَا من الخَيْلِ.

  وحكَى الشَّيْبَانِيُّ: ماءٌ مُتَرَابِطٌ، دائمٌ لا يُنْزَحُ⁣(⁣٦)، كما في الصّحاحِ.

  وقد تَرَابَطَ الماءُ في مَكَانِ كَذَا وكَذَا، إِذا لم يَبْرَحْه ولم يَخْرجْ منه، وهو مَجَازٌ، قال الشّاعِرُ يَصفُ سَحاباً:

  تَرَى الماءَ منه مكنف مُترابِطٌ ... ومُنْحَدِرٌ ضاقَتْ به الأَرْضُ سائِحُ⁣(⁣٧)

  ومِرْبَاطٌ، كمِحْرَابٍ: د، بسَاحِل بَحْرِ الهِنْد مِمَّا يَلِي اليَمَن، في أَعْمَالِ حَضْرَمَوْتَ⁣(⁣٨).

  * ومّما يُسْتَدْرَك عليه.

  ارْتَبَطَ الدّابَّةَ، كرَبَطَهَا بحَبْلٍ لئلاّ تَفِرَّ.

  وخَلَّف فُلانٌ بالثَّغْرِ خَيْلاً رَابِطَةً، وببَلَدِ كذا رَابِطَةٌ من الخَيْلِ، كما في الصّحاحِ.

  وفي حَدِيثِ ابْنِ الأَكْوَعِ: «فرَبَطْتُ عليه أَسْتَبْقِي نَفْسِي»، أَي تَأَخَّرْتُ عنه، كأَنَّهُ حَبَسَ نَفْسَه وشَدَّهَا.

  والرُّبُطُ، بضَمَّتَيْنِ: الخَيْلُ تُرْبَط بالأَفْنِيَة وتُعْلَفُ، وَاحِدُهَا رَبِيطٌ، ويُجْمَع الرُّبُط رِبَاطاً، وهو جَمْعُ الجَمْعِ. وقال الفَرّاءُ في قوله تعَالَى {وَمِنْ} رِباطِ {الْخَيْلِ}⁣(⁣٩)، قال: يُرِيد الإِناثَ من الخَيْل.


(١) في مختصر جمهرة ابن الكلبي ص ١٨٩ حتى بلغ ثم نزعته.

(٢) زيد في جمهرة ابن حزم ٢٠٦ والغوث بن مرّ، وهو صوفة، قال: فأما صوفة فإنهم كانوا يجيزون بالحاج، لا يجوز أحد حتى يجوز والي ذلك منهم.

(٣) الأساس: لما طمع.

(٤) سورة القصص الآية ١٠.

(٥) سورة الكهف الآية ١٤.

(٦) ضبطت في اللسان يَنْزَحُ.

(٧) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: مكنف، الذي في اللسان: ملتق، وقوله: منحدر، الذي في الأساس منجرد، وقال: منجرد: جار ذاهب. وقوله: سائح الذي في الأساس: سابح بالباء الموحدة» قلت: والذي في الأساس المطبوع: «سائح» كالأصل. وقد نبه مصحح اللسان أيضاً إلى رواية في الأساس أنها سابح بالموحدة. ولعله قد وقع بأيديهما نسخة أخرى غير التي بيدنا.

(٨) قيدها ياقوت بالكسر ثم السكون، فرضة مدينة ظفار بينها وبين ظفار ... مقدار خمسة فراسخ.

(٩) سورة الأنفال الآية ٦٠.