تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[سفنط]:

صفحة 284 - الجزء 10

  وانْتِصَابُ قوله: {رُطَباً جَنِيًّا} على التَّمْيِيز المُحَوَّلِ، أَراد يَسّاقَط رُطَبُ الجِذْع، فلمّا حُوِّل الفِعْلُ إِلى الجِذْع خَرَجَ الرُّطَبُ مُفَسِّراً، قال الأَزْهَرِيُّ: هذا قَوْلُ الفَرّاءِ. فهو سَاقِطٌ وسَقُوطٌ، كصَبُورٍ، المُذَكَّرُ والمُؤَنَّثُ فيه سوَاءٌ، قال:

  مِنْ كُلِّ بَلْهَاءَ سَقُوطِ البُرْقُعِ ... بَيْضَاءَ لم تُحْفَظْ ولم تُضَيَّعِ

  يعني أَنَّهَا لم تُحْفَظْ من الرِّيبَة ولم يُضَيِّعْهَا وَالِدَاهَا.

  والمَوْضِعُ: مَسْقِطٌ كمَقْعَدٍ ومَنْزِلٍ الأُولَى نادِرَةٌ نَقَلَهَا الأَصْمَعِيُّ، يُقَال: هذا مَسْقَط الشَّيْءِ ومَسْقِطُهُ، أَي مَوضِعُ سُقُوطِه.

  وقال الخَلِيلُ: يُقَال: سَقَطَ الوَلَدُ من بَطْنِ أُمِّهِ، أَي خَرَجَ، ولا يُقَال: وَقَعَ، حِينَ تَلِدُه، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ والصّاغَانِيُّ. وفي الأَساسِ: ويُقَال: سَقَطَ المَيِّتُ من بَطْنِ أُمِّه، ووَقَعَ الحَيُّ.

  ومن المَجَازِ: سَقَطَ الحَرُّ يَسْقُطُ سُقُوطاً، أَي وَقَعَ، وأَقْبَلَ ونَزَلَ.

  ويُقَال: سَقَطَ عَنَّا الحَرُّ، إِذا أَقْلَعَ، عن ابْنِ الأَعْرَابِيِّ، كأَنَّه ضِدٌّ.

  ومن المَجَازِ: سَقَطَ في كَلامِه وبِكَلامِه سُقُوطاً، إِذا أَخْطَأَ، وكذلِكَ أَسْقَطَ في كَلامِه.

  ومن المَجَازِ: سَقَطَ القومُ إِليَّ سُقُوطاً: نَزَلُوا عَلَيَّ، وأَقْبَلُوا، ومنه الحَدِيثُ: «فَأَمَّا أَبو سَمّالٍ⁣(⁣١) فسَقَطَ إِلى جِيرَانٍ له» أَي أَتَاهُمْ «فأَعَاذُوهُ⁣(⁣٢) وسَتَرُوهُ».

  ومِنَ المَجَازِ: هذا الفِعْلُ مَسْقَطَةٌ له من أَعْيُنِ النّاسِ، وهو أَنْ يَأْتِيَ بما لا يَنْبَغِي. نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، والزَّمَخْشَرِيُّ، وصاحِبُ اللِّسَانِ.

  ومَسْقِطُ الرَّأْسِ: المَوْلِدُ، رَوَاه الأَصْمَعِيُّ بفتح القافِ، وغيرُه بالكَسْر، ويُقَال: البَصْرَةُ مَسْقَطُ رَأْسِي، وهو يَحِنُّ إِلى مَسْقَطِهِ، يعني حَيْثُ وُلِدَ، وهو مَجَازٌ، كما في الأَسَاسِ.

  وتَسَاقَطَ الشَّيْءُ: تَتَابع سُقُوطُهُ.

  وسَاقَطَهُ مُسَاقَطَةً، وسِقَاطاً: أَسْقَطَه، وتَابَعَ إِسْقَاطَهُ، قال ضابِئُ بنُ الحارِثِ البُرْجُمِيُّ يَصِفُ ثَوْراً والكلابَ:

  يُسَاقِطُ عنه رَوْقُهُ ضَارِيَاتِهَا ... سِقَاطَ حَدِيدِ القَيْنِ أَخْوَلَ أَخْوَلَا

  قوله: أَخْوَلَ أَخْوَلَا، أَي مُتَفَرِّقاً، يعني شَرَرَ النَّارِ.

  والسُّقْطُ، مُثَلَّثَةً: الوَلَدُ يَسْقُطُ من بَطْنِ أُمِّه لِغَيْرِ تَمَامٍ، والكَسْرُ أَكثرُ، والذَّكَرُ والأُنْثَى سَواءٌ ومِنهُ الحَدِيثُ: «لأَنْ أُقَدِّمَ سِقْطاً أَحَبُّ إِليَّ من مِائَةِ مَسْتَلْئِمٍ» المُسْتَلْئِم: لابِسُ عُدَّةِ الحَرْبِ، يَعني أَنَّ ثَوَابَ السِّقْطِ أَكْثَرُ من ثَوابِ كِبَار الأَوْلادِ⁣(⁣٣).

  وفي حَدِيثٍ آخَرَ: «يُحْشَرُ ما بَيْنَ السِّقْطِ إِلى الشَّيْخِ الفانِي مُرْداً جُرْداً مُكَحَّلِينَ أَولِي أَفَانِينَ». وهي الخُصَل من الشَّعرِ؛ وفي حَدِيثٍ آخَرَ: «يَظَلُّ السِّقْطُ مُحْبَنْطِئاً على باب الجَنَّة» ويُجْمَع السِّقْطُ على الأَسْقاطِ، قال ابْنُ الرُّومِيّ يَهْجُو وَهْباً عند ما ضَرَط:

  يا وَهْبُ إِنْ تَكُ قد وَلَدْت صَبِيَّةً ... فبحَمْلِهم سَفراً عليكَ سِبَاطَا

  مَنْ كانَ لا يَنْفَكُّ يُنْكَح دَهْرَهُ ... وَلَدَ البَنَاتِ وأَسْقَطَ الأَسْقاطَا

  وقد أَسْقَطَتْهُ أُمُّه إِسْقَاطاً، وهي مُسْقِطٌ، ومُعْتَادَتُه: مِسْقَاطٌ، وهذا قد نَقَلَه الزَّمَخْشَرِيُّ في الأَسَاس. وعِبَارَةُ الصّحاحِ والعُبَابِ: وأَسْقَطَت النّاقَةُ وغَيْرُها، إِذا أَلْقَتْ وَلَدَهَا، والَّذِي في أَمَالِي القَالِي، أَنَّه خاصٌّ بِبَنِي آدَمَ، كالإِجْهَاضِ للنّاقَةِ، وإِليه مال المُصَنِّف. وفي البَصَائر: في أَسْقَطَت المَرْأَةُ، اعْتُبِرَ الأَمْرَانِ: السُّقُوطُ من عالٍ، والرَّدَاءَةُ جميعاً، فإِنَّهُ لا يُقَال أَسْقَطت المرأَةُ إِلاّ في الّذِي تُلْقِيه قَبْلَ التَّمَامِ، ومنه قِيلَ لذلِكَ الوَلَدِ: سِقْطٌ⁣(⁣٤).

  قال شَيْخُنَا: ثُمَّ ظَاهِرُ المُصَنِّف أَنَّهُ يُقَال: أَسْقَطَت الوَلَدَ، لأَنَّهُ جاءَ مُسْنَداً للضَّمِيرِ في قَوْلِهِ: أَسْقَطَتْهُ، وفي المِصْباحِ، عن بَعْضِهِم: أَماتَت العرَبُ ذِكَرْ المفعولِ فلا يَكَادُونَ يقولون: أَسْقَطَت سِقْطاً، ولا يُقَال: أُسْقِطَ الوَلَدُ،


(١) عن اللسان وبالأصل «أبو سماك».

(٢) عن اللسان وبالأصل «فأمادوه».

(٣) زيد في النهاية واللسان: لأن فعل الكبير يخصه أجره وثوابه، وإن شاركه الأب في بعضه، وثواب السقط موفر على الأب.

(٤) انظر مفردات الراغب مادة سقط ص ٢٤١.