تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل السين المهملة مع الطاء

صفحة 285 - الجزء 10

  بالبِنَاءِ للمَفْعُولِ، قلتُ: ولكن جاءَ ذلِكَ في قَوْلِ بَعْضِ العَرَب:

  وأُسْقِطَت الأَجِنَّةُ في الوَلَايَا ... وأُجْهِضَتِ الحَوَامِلُ والسِّقَابُ

  والسَّقْطُ: ما سَقَطَ بينَ الزَّنْدَيْنَ قَبْلَ اسْتِحْكَام الوَرْيِ، وهو مَثَلٌ بذلِك، كما في المُحْكَمِ ويُثَلَّثُ، كما في الصّحاحِ، وهو مُشَبَّه بالسّقْطِ للوَلَدِ الَّذِي يَسْقُطُ قبلَ التَّمَامِ، كما يَظْهَرُ من كَلامِ المُصَنِّفِ، وصَرّحَ به في البَصَائِرِ. وفي الصّحاحِ: سَقْطُ النّارِ: مَا يَسْقُطُ مِنْهَا عندَ القَدْح، ومِثْلُه في العُبَابِ، قالَ الفَرّاءُ: يُذَكَّرُ ويُؤَنَّث قال، ذُو الرُّمَّة:

  وسِقْطٍ كعَيْنِ الدِّيك عَاوَدْتُ صاحِبِي ... أَباهَا، وهَيَّأْنَا لِمَوْقِعها وَكْرَا

  والسَّقْطُ: حيثُ انْقَطَعَ مُعظَمُ الرِّمْلِ ورَقَّ، ويُثَلَّثُ أَيْضاً، كما صَرَّح به الجَوْهَرِيُّ والصّاغَانِيُّ وقد أُغْفِل عن ذلِكَ فيه وفي الّذِي تَقَدَّم، ثم إِنَّ عِبَارَةَ الصّحاحِ أَخْصَرُ من عِبارَتهِ، حيثُ قال: وسِقْط الرَّمْلِ: مُنْقَطَعُه، وأَمَّا قولُه «رَقَّ» فهُوَ مَفْهُومٌ من قوله: «مُنْقَطَعُه» لأَنَّه لا يَنْقَطِعُ حَتَّى يَرِقَّ، كمَسْقَطِهِ، كمَقْعَدٍ، على القِيَاسِ، ويُرْوَى: كمَنْزِلٍ، على الشٌّذوذِ، كما في اللِّسَانِ، وأَغْفَلَه المُصَنِّفُ قُصُوراً.

  وقِيل: مَسْقَطُ الرَّمْلِ حيثُ يَنْتَهِي إِليه طَرَفُه، وهو قَرِيبٌ من القَوْلِ الأَوَّلِ، وقال امْرُؤُ القَيْسِ:

  قِفَا نَبْكِ من ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ ... بسِقْطِ اللِّوَى بين الدَّخُولِ فحَوْمَلِ

  والسَّقْط، بالفَتْحِ: الثَّلْجُ، وأَيضاً: مَا يَسْقُطُ من النَّدَى، كالسَّقِيطِ، فيهما، كما سَيَأْتِي للمُصَنِّفِ قَرِيباً، ومن الأَوَّلِ قولُ هُدْبَةَ بنِ خَشْرَمٍ:

  ووَادٍ كجَوْفِ العَيْرِ قَفْرٍ قَطَعْتُه ... تَرَى السَّقْطَ في أَعْلامِه كالكَرَاسِفِ

  والسَّقْطُ: من لا يُعَدُّ في خِيَارِ الفِتْيَانِ، وهو الدّنِيءُ الرَّذْلُ كالسّاقِطِ وقِيل: السّاقِطُ اللَّئيمُ في حَسَبِهِ ونَفْسِه.

  ويُقَالُ للرجُلِ الدَّنِيءِ: ساقِطٌ مَاقِطٌ، كما في اللِّسَانِ، والَّذِي في العُبَابِ: وتَقُول العَرَبُ: فُلانٌ ساقِطُ ابنُ ماقِطِ ابنِ لاقِطٍ، تَتَسابُّ بها. فالسّاقِطُ: عَبْدُ المَاقِطِ، والمَاقِطُ: عَبْدُ اللاَّقِط، والَّلاقِطُ: عَبْدٌ مُعْتَقٌ⁣(⁣١).

  ومِنَ المَجَازِ: قَعَدَ⁣(⁣٢) في سِقْطِ الخِبَاءِ، وهو بالكَسْرِ:

  ناحِيَةُ الخِبَاءِ كما في الصّحاح، ورَفْرَفُهُ، كما في الأَساسِ، قال: اسْتُعِيرَ من سِقْطِ الرَّمْلِ، وللخِبَاءِ سِقْطَانِ.

  ومِنَ المَجَازِ: السِّقْطُ: جَنَاحُ الطّائرِ، كسِقَاطِه، بالكَسْرِ، ومَسْقَطِهِ، كمَقْعَدِه، ومنه قَوْلُهم: خَفَقَ الظَّليمُ بسِقْطَيْه. وقيل: سِقْطَا جَنَاحَيْه: ما يَجُرُّ منهُمَا على الأَرْضِ، يُقَال: رَفَعَ الظَّلِيمُ سِقْطَيْهِ ومَضَى.

  ومنَ المَجَازِ: السِّقْطُ: طَرَفُ السَّحَابِ حَيْثُ يُرَى كأَنَّه سَاقِطٌ على الأَرْضِ في نَاحِيَةِ الأُفُقِ، كما في الصّحَاح، ومنه أُخِذَ سِقْطُ الخِبَاءِ.

  والسَّقَطُ، بالتَّحْرِيكِ: ما أُسْقِطَ من الشَّيْءِ وتُهُووِنَ به، وسَقَطُ الطَّعَامِ: ما لا خَيْرَ فِيهِ منه، ج: أَسْقَاطٌ. وهو مَجَازٌ.

  والسَّقَطُ: الفَضِيحَةُ، وهو مَجَازٌ أَيْضاً.

  وفي الصّحاحِ: السَّقَطُ: رَدِيءُ المَتَاعِ، وقال ابنُ سِيدَه: سَقَطُ البَيْتِ خُرْثِيُّه؛ لأَنَّه سَاقِطٌ عن رَفِيعِ المَتَاعِ، والجَمْع: أَسْقَاطٌ، وهو مَجَازٌ. وقال اللَّيْثُ: جمعُ سَقَطِ البَيْتِ: أَسْقَاطٌ؛ نحو الإِبْرَةِ والفَأْسِ والقِدْرِ ونَحْوِهَا. وقيل: السَّقَطُ: ما تُنُووِلَ بَيْعُه من تَابِلٍ ونَحْوِه، وفي الأَسَاسِ: نَحْو سُكَّرٍ وزَبِيبٍ. وما أَحْسَنَ قولَ الشّاعِر:

  وما لِلْمَرْءِ خَيْرٌ في حَيَاةٍ ... إِذا ما عُدَّ من سَقَطِ المَتَاعِ⁣(⁣٣)

  وبائعُه: السَّقَّاطُ، ككَتَّانٍ، والسَّقَطِيُّ، مُحَرَّكةً، وأَنْكَرَ بَعْضُهم تَسْمِيَتَه سَقّاطاً، وقال: ولا يُقَالُ سَقّاط، ولكن يُقَال: صَاحِبُ سَقَطٍ. قلتُ: والصَّحِيحُ ثُبُوتُه، فقد جاءَ في حَدِيثِ ابْنِ عُمَر أَنَّه «كان لا يَمُرُّ بسَقَّاطٍ ولا صَاحِبِ بِيعَةٍ إِلاّ


(١) العبارة وردت في التهذيب عن ثعلب عن ابن الأعرابي.

(٢) في الأساس: «على».

(٣) البيت لقطري بن الفجاءة، ديوان شعر الخوارج وانظر تخريجه فيه والبيت من أبيات مطلعها:

أقول لها وقد طارت شعاعاً ... من الأبطال ويحك لن تراعي