تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[عنفط]:

صفحة 347 - الجزء 10

  ونَقَل الجَوْهَرِيُّ عن أَبِي عُبَيْدٍ، قال: وبَعْضُهُم يَجْعَلُ عُوطَطاً مَصْدَراً، ولا يَجْعلُه جَمْعاً، وكَذلِك حُولَلٌ، وفي اللِّسَانِ: العُوطَطُ عِنْدَ سِيبَوَيْهٍ: اسمٌ في مَعْنَى المَصْدَرِ، قُلِبَت فيهِ الياءُ واواً، ولم يُجْعَلْ بمَنْزِلَةِ بِيضٍ، حيثُ خَرَجَتْ إِلى مِثالِها هذا وصَارَتْ إِلى أَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ، وكأَنَّ الاسْمَ هُنَا لا تُحَرَّكُ ياؤُه ما دامَ على هذِه العِدَّةِ، وأَنْشَدَ:

  مُظَاهِرَة نَيًّا عَتِيقاً وعُوطَطاً ... فقد أَحْكَمَا خَلْقاً لها مُتَبَاينَا

  والعائِطُ: في الإِبِل: البَكْرَةُ الَّتِي أَدْرَكَ إِنَا رَحِمِها فلم تَلْقَحْ، وقد اعْتاطَتْ، والاسمُ العُوطَةُ والعُوطَط.

  ففي كَلامِ المُصَنِّفِ نَظَر، حيث جَعَلَ العُوطُط بضَمَّتَيْنِ من أَبْنِيَةِ الجَمْعِ، وهو مَصْدَرٌ، وكان يَنَبَغِي أَن يُنَبِّه على ما نَقله الجَوْهَرِيُّ عن أَبي عُبَيْدٍ، فَتْركُهُ قُصورٌ ظاهِرٌ، فتَأمَّلْ.

  وفي المُحْكَمِ: عاطَت النّاقَةُ تَعِيطُ، من إِبِلٍ عِيطات، بالكَسْرِ، وقالُوا: عائِطُ عِيطٍ، وعائِط عُوطٍ، وعائِطُ عُوطَطٍ، مُبَالَغَةً، وذلِك إِذا لم تَحْمِل السَّنَةَ المُقْبِلَةَ أَيْضاً، كما قالُوا حائِلُ حُولٍ وحُولَلٍ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ عن الكِسائىِّ.

  والعائطُ من الإِبِل: ما أُنْزِيَ عَلَيْها فلَمْ تَحْمِلْ، أَو الَّتِي أَدْرَك إِنَا رَحِمِها فلم تَلْقَحْ.

  وقد اعْتَاطَتْ اعْتِياطاً وهي مُعْتَاطٌ، والاسمُ: العُوطَةُ والعُوطَطُ.

  وقال اللَّيْثُ: رُبَّما كان اعْتِياطُها من كَثْرَةِ شَحْمِها، وكذلِك تَعَوَّطَتْ، وتَعَيَّطَت، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.

  وقال العَدَبَّسُ الكِنَانِيُّ: يُقال: تَعَوَّطَت النّاقَةُ، إِذا حَمَل عليها الفَحْلُ فلم تَحمِلْ. وفي الصّحاحِ: وفي الحَدِيث: «أَنَّهُ بعثَ مُصَدِّقاً فأُتِي بشَاةٍ شَافِعٍ فلم يَأْخُذْها، وقال: ائْتِني بمُعْتاطٍ» والشّافِعُ: الَّتِي مَعَهَا وَلَدُها. قلت: وفي حَدِيثِ الزَّكاةِ: «فاعْمِدْ إِلى عَنَاقٍ مُعْتاطٍ» قال ابنُ الأَثِيرِ: المُعْتاطُ من الغَنَمِ: الَّتِي امْتَنَعَتْ من الحَبَل لسِمَنِها وكَثْرَة شَحْمِها، وهي في الإِبِلِ التي لا تَحْمِلُ سَنَوَاتٍ من غَيْرِ عُقْرٍ. والَّذِي جاءَ في الحَديث: أَنَّ المُعْتَاطَ: الَّتِي لم تَلِدْ وقد حانَ وِلَادُها، وكأَنَّ المُرَادَ بالوِلَادِ الحَمْلُ، أَي أَنَّها لم تَحْمِلْ وقد حانْ أَنْ تَحْمِلَ، وذلِكَ من حيثُ مَعْرِفَة سِنِّها وأَنَّها قد قارَبَتِ السِّنَّ التي يَحْمِلُ مثلُها فِيهَا فسُمِّيَ الحَبَلُ⁣(⁣١) بالوِلَادَةِ.

  وقالَ اللَّيْثُ: التَّعَيُّطُ: أَنْ يَنْبُعَ⁣(⁣٢) حَجَرٌ، أَو شجرٌ، أَو عُودٌ فيَخْرُجَ مِنْهُ شِبْهُ ماءٍ فيُصمَّغ أَو يَسِيلَ، وتَعَيَّطَت الذَّفْرَى: سَالَتْ بالعَرَقِ. قال الأَزْهَرِيُّ: وذِفْرَى الجَمَلِ تَتَعَيَّطُ بالعَرَق الأَسْوَدِ، وأَنْشَدَ:

  تَعَيَّطُ ذِفْرَاهَا بجَوْنٍ كَأَنَّهُ ... كُحَيْلٌ جَرَى من قُنْفُذِ اللِّيتِ نَابِعُ

  قلتُ: هكذا أَنْشَدَه اللَّيْثُ، وتَبِعَهُ الأَزْهَرِيُّ، والرِّوايَةُ: تَفَيَّضُ وتُفَيِّضُ، والبَيْتُ لجَرِيرٍ. والقُنْفُذ: الذِّفْرَى، سُمِّيتْ به لاجْتِمَاعِها، كما في العُبابِ.

  والتَّعَيُّطُ: الجَلَبَةُ والصِّياحُ، أَو صيَاحُ الأَشِرِ بقَوْلِه: عِيطْ، وبه فُسِّرَ قولُ رُؤْبَةَ، ووَقَعَ في اللِّسَانِ ذُو الرُّمَّةِ، وهو غَلَط:

  وقد كَفَى تَخَمُّطَ الخَمَّاطِ ... والبَغْيَ من تَعَيُّطِ العَيّاطِ

  حِلْمِي وذَبَّ النَّاسَ عن إِسْخَاطِي

  والتَّعَيُّط: السَّيَلانُ، وقد تَعيَّطَت الذِّفْرَى، أَي سالَتْ بالعَرَقِ، وقد تَقَدَّم قريباً. وتَعَيَّطَ الشَّيْءُ، إِذا خَرَجَ نَدَاهُ وسَالَ.

  والعِيطُ، بالكَسْرِ: خِيَارُ الإِبِل وأَفْتَاؤُها، ما بين الحِقَّةِ إِلى الرَّبَاعِيَةِ.

  وعِيطِ، بالكَسِرِ، مَبْنِيَّةً: صَوْتُ الفتْيَانِ النَّزِقِينَ إِذا تَصايَحُوا في اللَّعِبِ أَو هي، على ما قَالَهُ اللَّيْثُ: كَلِمَةٌ يُنادَى بها عِنْدَ السُّكْرِ، أَو يُلْهَجُ بها، عِنْدَ الغَلَبَةِ، ولا يَفْعَلُه إِلاّ النَّزِقُ، يَقُول: عِيطْ عِيطْ، وقد عَيَّطَ الرَّجُلُ تَعْيِيطاً، إِذا قالَهُ في السُّكْرِ مَرَّةً ولم يَزِدْ على وَاحِدَةٍ، فإِنْ كَرَّرَ ورَجَّعَ فقُل: عَطْعَطَ عَطْعَطَةً وقد تَقَدَّمَ.

  ومَعْيَطٌ، كمَقْعَذٍ: وَادٍ، قال ابنُ جِنِّي: هو مَفْعَلٌ من لَفْظِ عَيْطاءَ، واعْتَاطَتْ، إِلاّ أَنَّه شَذَّ، وكان قِيَاسُه الإِعْلالَ، مَعَاطٌ، كمَقَامٍ وَمبَاعٍ، غيرَ أَنَّ هذا الشُّذُوذَ في العَلَمِ أَسْهَلُ


(١) في اللسان: الحمل.

(٢) في التهذيب: التعيط: تتبع الشيء من حجر ...