تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[غرنط]

صفحة 352 - الجزء 10

  وفي اللِّسَانِ: هو شُكْرُ الله على ما أَنْعَمَ وأَفْضَلَ وأَعْطَى، وفي الصّحاحِ والمُحْكَم: غَبَطْتُه بِمَا نالَ أَغْبِطُهُ غَبْطاً وغِبْطَةً فاغْتَبَطَ هو، كقَوْلِكَ مَنَعْتُه فامْتَنَعَ، وحَبَسْتُهُ فاحْتَبَسَ، قال الشّاعِرُ:

  وبَيْنَمَا المَرْءُ في الأَحْيَاءِ مُغْتَبِطٌ ... إِذا هُوَ الرَّمْسُ تَعْفُوهُ الأَعَاصِيرُ

  أَي هو مُغْتَبِطٌ، أَنْشَدَنِيه أَبُو سعِيدٍ بكَسْرِ الباءِ، أَي هو مَغْبُوطٌ، كما في الصّحاحِ.

  قلتُ: وهو قولُ عُشِّ بنِ لَبِيدٍ العُذْرِيّ، ويُروَى لحُرَيْثِ بنِ جَبَلَةَ العُذْرِيِّ، ورَوَاهُ المَرْزُبَانِيُّ لجَبَلَةَ بنِ الحارِثِ العُذْرِيِّ، ووُجِدَ بخطِّ أَبِي سَعِيدٍ السُّكَّرِيِّ في أَشْعَارِ بَنِي عُذْرَةَ:

  مُغْتَبِطٌ ... إِذْ صارَ رَمْساً تُعَفِّيهِ الأَعَاصِيرُ

  وقالَ الأَزْهَرِيُّ: يَجُوزُ هو مُغْتَبَطٌ، بفَتْحِ الباءِ، وقد اغْتَبَطْتُه، واغْتُبِطَ فهو مُغْتَبَطٌ، وقد تَقَدَّم لهذا البَيْتِ ذِكْرٌ في «ع ص ر» وقِصَّةٌ، فراجِعْه.

  * ومّما يُسْتَدْرَكُ عليه:

  رَجُلٌ مَغْبُوطٌ ومُغْتَبِطٌ: في غِبْطَةٍ، ومُغْتَبَطٌ أَيضاً.

  والإِغْبَاطُ: مُلازَمَةُ الرُّكُوبِ، وأَنْشَدَ ابنُ السِّكِّيتِ:

  حَتَّى تَرَى البَجْبَاجَةَ الضَّيّاطَا ... يَمْسَحُ لَمَّا حالَفَ الإِغْبَاطَا

  بالحَرْفِ من سَاعِدِهِ المُخَاطَا

  وقال ابنُ شُمَيْلٍ: سَيْرٌ مُغْبِطٌ ومُغْمِطٌ، أَي دائمٌ لا يَسْتَرِيحُ، وقد أَغْبَطُوا على رُكْبَانِهِم في السَّيْرِ، وهو أَن لا يَضَعُوا الرِّحَالَ عَنْهَا لَيْلاً ولا نَهَاراً، وأَنْشَدَ الأَصْمَعِيُّ:

  في ظِلِّ أَجَّاجِ المَقِيظِ مُغْبِطِه

  وقال اللَّيْثُ: فَرَسٌ مُغْبَطُ الكاثِبَة، كمُكْرَمٍ، إِذا كان مُرْتَفِعَ المَنْسِجِ. وهو مَجَازٌ، شُبِّه بصَنْعَةِ الغَبِيط، وفي الأَسَاس: كأَنّ عليه غَبِيطاً، وأَنْشَدَ اللَّيْثُ لِلَبِيدٍ:

  ساهِمُ الوَجْهِ شَدِيدٌ أَسْرُهُ ... مُغْبَطُ الحارِكِ مَحْبُوكُ الكَفَلْ

  ومن سَجَعاتِ الأَسَاسِ: طَلَبُ العُرْفِ من الطُّلاّب، كغَبْطِ أَذْنابِ الكِلَاب.

  وتَقُولُ: أُكْرِمْتَ فاغْتَبِطْ، واستكرمْتَ فارْتَبِطْ.

  وَأَصَابَتْه حُمَّى مُغْبِطَةٌ، كما يُقَال: مُطْبِقَةٌ، وهو مَجَازٌ، وأَنْشَدَ ثَعْلَبٌ:

  خَوَّى قَلِيلاً غَيْرَ ما اغْتِبَاطِ

  ولم يُفَسِّرْه، قال ابنُ سِيدَه: عِنْدِي أَنَّ مَعْنَاه: لم يَرْكَنْ إِلى غَبِيطٍ من الأَرْضِ وَاسِعٍ، وإِنَّمَا خَوَّى على مَكَانٍ ذِي عُدَوَاءَ غيرِ مُطْمَئِنٍّ.

  واسْتَدْرَكَ شَيْخُنا: غَبَطَ، إِذا كَذَبَ، نَقْلاً عن ابْنِ القَطّاعِ. قلتُ: راجَعْتُه في كتاب الأَبْنِيَة له فوَجَدْتُ فيه كما قال شَيْخُنا، غيرَ أَنَّه تَقَدَّم في «ع ب ط» هذا المَعْنَى بعَيْنِه، فلعلَّه تَصَحَّفَ على ابْنِ القَطّاع، إِذ انْفَرَدَ به، ولم يَذْكُرْه غيرُه، فيُحْتَاجُ إِلى نَظَرٍ وتَأَمُّلٍ.

  وغِبْطَةُ بِنْتُ عَمْرٍو المُجَاشِعِيَّةُ، بالكَسْر، رَوَتْ عن عَمَّتِهَا أُمِّ الحَسَن عن جَدَّتِهَا عن عائِشَةَ.

[غرنط]

  غَرْناطَةُ، كصَمْصامَةٍ، أَهْمَلَه الجَوْهَرِيُّ وصاحِبُ اللَّسَانِ، وقال: ياقُوت والصّاغَانِيُّ: هو د، بالأَنْدَلُس، وعليه اقتَصَر في التَّكْمِلَة، وقال في العُبَابِ: أَو هُوَ لَحْنٌ والصَّوابُ كما قاله بَعْضُهُم أَغَرْنَاطَةُ بزِيادَةِ الأَلِفِ، وحَذْفُها لغةٌ عَامِّيَّةٌ⁣(⁣١). قال شَيْخُنَا: ولا لَحْنَ، فقدْ سُمِّيَت البَلْدَةُ بهما، ومَعْنَاها: الرُّمّانَةُ بالأَنْدَلُسِيةِ، وفي العُبَابِ: بلُغَةِ⁣(⁣٢) عَجَمِ الأَنْدَلُسِ. قال شَيْخُنَا: قال الشقنديّ أَمّا غَرْنَاطَةُ فإِنَّهَا دِمَشْقُ بلادِ الأَنْدَلُسِ، ومَسْرَحُ الأَبْصَارِ، ومَطْمَحُ الأَنْفُس. وقال غَيْرُهُ: لو لم يَكُنْ لها إِلاّ ما خَصَّها الله به من المَرْجِ الطَّوِيلِ العَرِيضِ، ونَهر شنيل⁣(⁣٣) لكَفاها، ولهم فِيهَا تَصانِيفُ وأَشْعَارٌ كثيرٌ، كقَوْلِ القائِلِ:

  غَرْنَاطَةٌ ما لَهَا نَظِيرٌ ... ما مِصْرَ ما الشّامُ ما العِرَاقْ

  ما هِيَ إِلاّ العَرُوسُ تُجْلَى ... وتِلْكَ من جُمْلَةِ الصَّداقْ


(١) وهذا ما نقله ياقوت في معجمه عن ابن بجكم.

(٢) في معجم البلدان «بلسان».

(٣) في معجم البلدان: سنجل.