[حفظ]:
  الأَرْضِ، تَعالَى شَأْنُهُ، وقد حَفِظَ على خَلْقِهِ وعِبَادِه ما يَعْمَلُون مِنْ خَيْرٍ أَو شَرٍّ، وقد حَفِظَ السَّمواتِ والأَرْضَ بِقُدْرَتِهِ {وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}(١) وفي التَّنْزِيل العَزِيز: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ ٢١ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ}(٢)، وقُرِئَ «مَحْفُوظٌ» وهو نَعْتٌ لُلقُرْآن، وكَذا قَولُه تَعَالَى: {فاللهُ خَيْرٌ حِفْظاً}(٣)، وقَرَأَ الكُوفِيُّون - غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ: حافِظاً، وعَلَى الأَوَّلِ أَيْ حِفْظُ اللهِ خَيْرُ حِفْظٍ، وعَلَى الثّاني بالمُرَادِ الله خَيْرُ الحَافِظِينَ. وقَوْلُه تَعَالَى: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ}(٤)، أَي ذلِكَ الحِفْظ من أَمْرِ الله.
  وقال النَّضْرُ: الحَافِظُ: الطَّرِيقُ البَيِّنُ المُسْتَقِيمُ الَّذِي لا يَنْقَطِعُ، وهو مَجَازٌ. قال: فأَمَّا الطَّرِيقُ الَّذِي يَبِينُ مَرَّةً ثمَّ يَنْقَطِعُ أَثَرُهُ فَلَيْسَ بحَافِظٍ.
  والحَفَظَةُ، مُحَرَّكَةً: الَّذِينَ يُحْصُونَ أَعْمَالَ العِبَادِ ويَكْتُبُونَها عَلَيْهِم، مِنَ المَلائكَة، وهم الحَافِظُونَ. وفي التَّنْزِيلِ: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ}(٥)، وأَخْصَرُ مِنْهُ عِبَارَةُ الجَوْهَرِيّ: والحَفَظَةُ: المَلائكَةُ الَّذِين يَكْتُبُونَ أَعْمَالَ بَنِي آدَم.
  والحِفْظَةُ، بالكَسْرِ، والحَفِيظَةُ: الحَمِيَّةُ والغَضَبُ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ، زادَ غَيْرُه: لحُرْمَةٍ تُنْتَهَكُ مِنْ حُرُماتِكَ، أَو جَارٍ ذِي قَرَابَةٍ يُظْلَمُ مِنْ ذَوِيكَ، أَو عَهْدٍ يُنْكَثُ. شاهِدُ الأَوَّلِ قَوْلُ العَجّاج:
  معَ الجلَا ولائِحِ القَتِيرِ ... وحِفْظَةٍ أَكَنَّها ضَمِيرِي
  فُسِّرَ عَلَى غَضْبَةٍ أَجَنَّها قَلْبِي.
  وشاهِدُ الثّانِيَةِ قَوْلُ الشاعِرِ:
  وما العَفْوُ إِلاَّ لامْرِئٍ ذِي حَفِيظَةٍ ... مَتَى يُعْفَ عَنْ ذَنْبِ امْرِئِ السَّوْءِ يَلْجَجِ
  وقال قُرَيْطُ بنُ أُنَيْفٍ:
  إِذاً لَقَامَ بِنَصْرِي مَعْشَرٌ خُشُنٌ ... عِنْدَ الحَفِيظَةِ إِنْ ذُو لُوثَةٍ لَانَا
  وفي التَّهْذِيبِ: والحِفْظَةُ: اسْمٌ من الاحْتِفَاظ عِنْدَمَا يُرَى مِنْ حَفِيظَةِ الرَّجُلِ، يَقُولُونَ: أَحْفَظَه حِفْظَةً أَي أَغْضَبَهُ.
  ومنه حَدِيثُ حُنَيْنٍ «أَرَدْتُ أَنْ أُحْفِظَ النَّاسَ وأَنْ يُقَاتِلُوا عن أَهْلِيهِم وأَمْوَالِهِمْ». وفي حَدِيث آخَرَ: «فَبَدَرَت مِنّي كَلِمَةٌ أَحْفَظَتْهُ»، أَي أَغْضَبَتْهُ فاحْتَفَظَ، أَيْ غَضِبَ. وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيّ لِلْعُجَيْرِ السَّلُولِيّ:
  بَعِيدٌ من الشَّيْءِ القَلِيلِ احْتِفاظُهُ ... عَلَيْكَ، ومَنْزُورُ الرِّضا حِينَ يَغْضَبُ
  أَوْ لا يَكُونُ الإِحْفَاظُ إِلاّ بِكَلامٍ قَبِيحٍ مِنَ الَّذِي تَعَرَّضَ لَهُ وإِسْمَاعِه إِيّاه ما يَكْرَهُ.
  والمُحَافَظَةُ: المُوَاظَبَةُ على الأَمْرِ، ومِنْهُ قَوْلُه تَعَالَى: حافِظُوا {عَلَى الصَّلَواتِ}(٦) أَيْ صَلُّوها في أَوْقاتِها. وقال الأَزْهَرِيّ: أَي وَاظِبُوا على إِقَامَتِهَا في مَوَاقِيتِهَا. ويُقَالُ: حافَظَ عَلَى الأَمْرِ، وثابَرَ عَلَيْه [بمعنى](٧)، وحَارَض(٨) وبَارَك، إِذا داوَمَ عَلَيْه. وقال غَيْرُه: المُحَافَظَةُ: المُرَاقَبَةُ، وهو من ذلِكَ.
  والمُحَافَظَةُ: الذَّبُّ عَنِ المَحَارِمِ، والمَنْعُ عِنْدَ الحُرُوبِ، كالحِفاظِ، بالكَسْرِ، وإِطْلاقُهُ يُوهِمُ الفَتْحَ، ولَيْسَ كَذلِكَ، يُقَال: إِنّهُ لَذُو حِفَاظٍ، وذُو مُحَافَظَةٍ، إِذا كانَتْ له أَنَفَةٌ. قال رُؤْبَةُ - ويُرْوَى للعَجّاجِ:
  إِنَّا أُناسٌ نَلْزَمُ الحِفَاظا ... إِذْ سَئِمَتْ رَبِيعَةُ الكِظَاظَا
  ويُقَالُ: الحِفَاظُ: المُحَافَظَةُ على العَهْدِ، والوَفَاءُ بالعَقْدِ، والتَّمَسُّكُ بالوُدِّ.
  والاسْمُ الحَفِيظَةُ، قالَ زُهَيْر(٩):
  يَسُوسُون أَحْلاماً بَعِيداً أَناتُهَا ... وإِنْ غَضِبُوا جاءَ الحَفِيظَةُ والجِدُّ(١٠)
(١) سورة البقرة الآية ٢٥٥.
(٢) سورة البروج الآيتان ٢١ و ٢٢.
(٣) سورة يوسف الآية ٦٤.
(٤) سورة الرعد الآية ١١.
(٥) سورة الانفطار الآية ١٠.
(٦) سورة البقرة الآية ٢٣٨.
(٧) زيادة في التهذيب.
(٨) عن التهذيب وبالأصل واللسان: «وحارص» تحريف.
(٩) الأصل واللسان وفي الأساس: الحطيئة.
(١٠) البيت للحطيئة، ديوانه، من قصيدة يمدح بغيض بن عامر بن شماس بن جعفر - أنف الناقة - وأولها: -