تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[حفظ]:

صفحة 466 - الجزء 10

  منه، بل أَحاظٍ جَمْع أَحْظٍ، وأَصْلُه أَحْظُظٌ، فقُلِبت الظّاءُ الثّانِيَةُ ياءً، فصارَتْ أَحْظٍ، ثُمّ جُمِعَتْ على أَحاظٍ.

  وفي الكَثِيرِ: حِظَاظٌ، وحِظاءٌ، بكَسْرِهِمَا، الأَخِيرُ مَمْدُودٌ عن أَبِي زَيْدٍ. والحِظَاظُ عن ابن جِنّي وأَنْشد:

  وحُسَّدٍ أَوْشَلْتُ من حِظاظِهَا ... عَلَى أَحاسِي الغَيْظِ واكْتِظاظِها

  وفي اللّسَان: أَحاظٍ وحِظَاءِ من مُحوَّل التَّضْعِيف، ولَيْسَ بقِيَاسٍ، وقد تَقَدَّم ما فِيه قَرِيباً.

  وقال أَبُو زَيْدٍ: جَمْعُ الحَظّ حُظٌّ، وحُظُوظٌ، وزادَ ابنُ عَبّادٍ: حُظُوظَةٌ، بضَمِّهِنّ وهي جُمُوعُ الكَثْرَة، ومنهُ قَوْلُ الشِّهَاب المَقَّرِيّ في أَوّل قَصِيدَتهِ المَشْهُورَة:

  سُبْحَانَ من قَسَمَ الحُظُو ... ظَ فلا عِتَابَ ولا مَلامَهْ

  ورَجُلٌ حَظٌّ، وحَظِيظٌ، نَقَلَهُمَا الجَوْهَرِيُّ وحَظِّيٌّ، على النَّسَبِ، كما في النُّسَخ، أَو مَنْقُوص، كما نَقَلَهُ الأَزْهَرِيُّ، قالَ: وأَصْلُه حَظٌّ والجَمْعُ أَحِظّاء، ومَحْظُوظٌ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ أَيضاً، وهو قول أَبي عَمْرٍو، أَي مَجْدُودٌ ذُو حَظٍّ مِنَ الرِّزْق. وقَدْ حَظِظْتَ، بالكَسْرِ، تَحَظُّ في الأَمْرِ، حَظًّا، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ.

  والحُظُظُ بضَمَّتَيْن، وكصُرَدٍ: صَمْغٌ كالصَّبِر، وقِيلَ: هو عُصارَةُ الشَّجَرِ المُرِّ، وقِيلَ: هو كُحْلُ الخَوْلَانِ. قال الأَزْهَرِيّ: هو الحُدُلُ.

  وقال الجَوْهَرِيّ: هو دَواءٌ، وقد مَرَّت لُغَاتُه، فصارَ فيه سِتُّ لُغَاتٍ⁣(⁣١). وأَنْشَدَ شَمِرٌ على هذِه اللُّغَةِ:

  أَمَرَّ مِنْ مَقْرٍ وصَبْرٍ وحُظَظْ

  وأَحَظَّ الرَّجُلُ: صارَ ذَا حَظٍّ وبَخْتٍ.

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه:

  قال اللَّيْثُ: ونَاسٌ من أَهْلِ حِمْصَ يَقُولُونَ لِلْحَظِّ: حَنْظ، فإِذا جَمَعُوا رَجَعُوا إِلَى الحُظُوظِ، وتِلْكَ النُّونُ عِنْدَهُمْ غُنَّةٌ، ولَيْسَتْ بأَصْلِيَّةٍ⁣(⁣٢).

  وفُلانٌ أَحَظُّ من فُلانٍ، أَي أَجَدُّ منه، نقله الجَوْهَرِيّ.

  فَأَمَّا قَوْلُهُمْ: أَحْظَيْتُه عَلَيْه فقد يَكُونُ من هذَا البَابِ، عَلَى أَنَّه من المُحَوَّلِ، وقد يَكُونُ من الحُظْوَةِ، وسَيَأْتِي في المُعْتَلِّ إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى.

  وقال أَبو الهَيْثَم فِيما كَتَبَه لابْنِ بُزُرْجَ: يُقَالُ: هُمْ يَحَظُّونَ بهم ويَجَدُّون، نَقَلَهُ الأَزْهَرِيُّ رادًّا به قَوْلَ اللَّيْثِ السَّابِقَ: «ولَمْ أَسْمَعْ من الحَظِّ فِعْلاً».

  ورَوَى سَلَمَةُ عن الفَرَّاءِ قال: الحَظِيظُ: الغَنِيُّ المُوسِرُ.

  وقال غَيْرُه: أَحَظَّ الرَّجُلُ، إِذا اسْتَغْنَى، كما في العُبابِ والتَّكْمِلَةِ.

  [حفظ]: حَفِظَهُ، كعَلِمَهُ، حِفْظاً: حَرَسَه، كما في الصّحاح.

  وحَفِظَ القُرْآنَ: اسْتَظْهَرَهُ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ أَيْضاً، أَي وَعَاهُ على ظَهْرِ قَلْبٍ، كما في المِصْبَاحِ، وهو من ذلِكَ.

  ومنهُ قَوْلُ المُحَدِّثين: عَرَض مَحْفُوظَاتهِ علَى فُلانٍ.

  وحَفِظَ المَالَ والسِّرَّ: رَعاهُ، وحَفِظَ الشَّيْءَ حِفْظاً فهو حَفِيظٌ عن اللِّحْيَانِيّ.

  ورَجُلٌ حافِظٌ مِنْ قَوْمٍ حُفَّاظٍ، وهُمْ الَّذِينَ رُزِقُوا حِفْظَ ما سَمِعُوا، وقَلَّمَا يَنْسَونَ شَيْئاً يَعُونَهُ، وحافِظٌ من قَوْمٍ حَفَظَةٍ، مُحَرَّكة ككَاتِبٍ وكَتَبةٍ. ورَجُلٌ حَافِظُ العَيْنِ أَيْ لا يَغْلِبُه النَّوْمُ عن اللِّحْيَانيّ، وهو من ذلِكَ، لِأَنَّ العَيْنَ تَحْفَظُ صاحِبَها إِذا لَمْ يَغْلِبْهَا النَّوْمُ.

  والحَفِيظُ: المُوَكَّلُ بالشَّيْءِ يَحْفَظُه، كالحَافِظِ، يُقَالُ: فُلانٌ حَفِيظٌ عَلَيْكم، أَي حافِظٌ. وفي الصّحاح: الحَفِيظُ: المُحافِظُ. ومِنْه قَوْلُه تَعالَى: {وَما أَنَا عَلَيْكُمْ} بِحَفِيظٍ⁣(⁣٣).

  والحَفِيظُ في الأَسْمَاءِ الحُسْنَى: الَّذِي لا يَعْزُب عَنْهُ شَيْءٌ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ، أَي عن حِفْظِهِ في السَّمواتِ ولَا في


(١) وهي الحُضُض والحُضَض والحُضُظ والحُضَظ والحُظُظ والحُظَظ.

ونقل عن أبي عمر الزاهد الحُضُذُ بالضاد والذال انظر اللسان في مواد (حضض، وحضظ وحظظ).

(٢) العبارة في التهذيب واللسان: ولكنهم يجعلونها أصلية. وبعدها فيهما: وإنما يجري هذا اللفظ على ألسنتهم في المشدد نحو الرزّ يقولون: رُنْز، وأترجّة يقولون: أترنجة.

(٣) سورة هود الآية ٨٦.