تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[بضع]:

صفحة 19 - الجزء 11

  أَو البُضْعُ: الفَرْجُ نَفْسُه، نَقَلَهُ الأَزْهَرِيُّ، ومِنْهُ الحَديثُ «عَتَقَ بُضْعُكِ فاخْتَارِي» أَيْ صارَ فَرْجُك بالعِتْقِ حُرًّا فاخْتَارِي الثَّبَاتَ عَلَى زَوْجِكَ أَو مُفَارَقَتْهُ. وقِيلَ: البُضْعُ: المَهْرُ، أَيْ مَهْرُ المَرْأَةِ، وجَمْعُهُ البُضُوعُ. قَالَ عَمْرُو بنُ مَعْدِيَكرِب:

  وِفي كَعْبٍ وإخْوَتِها كِلَابٍ ... سَوَامِي الطَّرْفِ غَالِيَةُ البُضُوعِ

  سَوَامِي الطَّرْفِ، أَي مُعْتَزَّاتٌ. وغالِيَةُ البُضُوعِ، كِنَايَةً عن المُهُورِ اللَّوَاتِي يُوصَلُ بِهَا إلَيْهِنَّ، وقال آخَرُ:

  عَلاهُ بِضَربَةٍ بَعَثَتْ إلَيْهِ ... نَوَائِحَهُ وأَرْخَصَتِ البُضُوعَا

  وِقِيلَ: البُضْعُ: الطَّلاقُ، نَقَلَهُ الأَزْهَرِيّ. وقالَ قَوْمٌ: هو عَقْدُ النِّكَاح، استُعمِل فيه وفي النِّكاح، كما اسْتُعْمِل النِّكاحُ في المَعْنَيَيْن، وهو مَجَاز، ضِدُّ.

  وِالبُضْعُ: ع.

  وِالبِضْعُ، بالكَسْرِ، ويُفْتَحُ: الطَّائفَةُ من اللَّيْلِ. يُقَالُ: مَضَى بِضْعٌ من اللَّيْلِ. وقَالَ اللِّحْيَانيّ: مَرَّ بِضْعٌ من اللَّيْلِ، أَيْ وَقْتٌ منه، وذَكَرَهُ الجَوْهَرِيّ في الصّادِ المُهْمَلَةِ، وفَسَّرَهُ بالجَوْشِ منه، وقَدْ تَقَدَّمَ البِضْعُ بالكَسْرِ في العَدَدِ.

  وِقالَ أَبو زَيْدٍ: أَقَمْتُ بَضْعَ سِنينَ، وجَلَسْتُ في بَقْعَةٍ طَيِّبَةٍ، وأَقْمْتُ بَرْهَةً، كُلُّهَا بالفَتْحِ. وهو ما بَيْن الثَّلاثِ إلى التِّسْعِ، تَقولُ: بِضْع سِنِين، وبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً. وبِضْعَ عَشْرَةَ امْرَأَةً، وقَدْ رُوِيَ هذا المَعْنَى في حَدِيثٍ عَنْه ÷، قال لأَبِي بَكْرٍ في المُنَاحَبَةِ: «هَلَّا احْتَطْتَ فإِنّ البِضْعَ ما بَيْنَ الثَّلاثِ إلى التِّسْعِ» أَو هو ما بَيْنَ الثَّلاثِ إلى الخَمْسِ، رَوَاهُ الأَثْرَمُ عن أَبِي عُبَيْدَةَ أَو البِضْعُ: ما لَمْ يَبْلُغِ العَقْدَ ولا نِصْفَه، أَي ما بَيْنَ الواحِدِ إلَى الأَرْبَعَةِ. يُرْوَى ذلِكَ عن أَبِي عُبَيْدَة أَيْضاً، كما في العُبَابِ⁣(⁣١)، أَو مِنْ أَرْبَعٍ إلى تِسْعٍ، نَقَلَهُ ابن سِيدَه، وهو اخْتِيَارُ ثَعْلَبٍ. أَوْ هو سَبْعٌ، هو مِنْ نَصِّ أَبِي عُبَيْدَةَ فإِنَّه قالَ بَعْدَ أَن ذَكَرَ قَوْلَه السابِقَ - ويُقَالُ: إنَّ البِضْعَ سَبْعٌ - قالَ: وإذا جَاوَزْتَ لَفْظَ العَشْرِ ذَهَبَ البِضْعُ، لا يُقَالُ بِضْعٌ وعِشْرُونَ، ونَقَلَه الجَوْهَرِيّ أَيْضاً هكَذَا. قال الصّاغَانِيّ: أَوْ هُو غَلَطٌ⁣(⁣٢)، بل يُقَالُ ذلِكَ. قال أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لَهُ: بِضْعَةٌ وعِشْرُونَ رَجُلاً، وبِضْعٌ وعِشْرُون امْرَأَةً، وهو لكُلِّ جَماعَةٍ تَكُونُ دُون عَقْدَيْنِ. قالَ ابنُ بَرِّيّ: وحُكِيَ عن الفَرَّاءِ في قَوْله: {بِضْعَ سِنِينَ} أَنَّ البِضْعَ لا يُذْكَر⁣(⁣٣) إلَّا مع العَشَرَةِ والعِشْرِينَ إلَى التِّسْعِينَ، ولا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَ ذلِك، يَعْنِي أَنَّه يُقَالُ: مِائَةٌ ونَيِّفٌ، ولا يُقَالُ بِضْعٌ ومِائَةٌ، ولا بِضْعٌ وأَلْفٌ. وأَنْشَد أَبُو تَمَّامٍ في بَابِ الهِجَاءِ من الحَمَاسَة لِبَعْضِ العَرَب:

  أَقُولُ حِينَ أَرَى كَعْباً ولِحْيَتَهُ ... لا بارَكَ الله فِي بِضْعٍ وسِتِّينِ

  مِنَ السِّنِين تَمَلَّاها بلا حَسَبٍ ... وِلا حَيَاءٍ ولا قَدْرٍ ولا دِينِ⁣(⁣٤)

  وقد جاءَ في الحَدِيثِ: «بِضْعاً وثَلاثِينَ مَلَكاً». وفِي الحَدِيثِ: «صَلَاةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الوَاحِدِ ببِضْعٍ وعِشْرِينَ دَرَجَةً».

  وقَالَ مَبْرَمَانُ وهو لَقَبُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيّ بنِ إسْمَاعِيلَ اللُّغَوِيّ، أَحد الآخِذِينَ عن الجَرْمِيّ والمازَنِيّ وقَدْ تَقَدَّم ذِكْرُهُ في المُقَدِّمَة: البِضْعُ: ما بَيْنَ العَقْدَيْنِ، من وَاحِدٍ إلَى عَشَرَةٍ، ومِنْ أَحَدَ عَشَرَ إلَى عِشْرِينَ. وفي إصْلَاحِ⁣(⁣٥) المَنْطِقِ: يُذْكَرُ البِضْعُ مع المُذَكَّرِ بهاءٍ، ومَعَها بِغَيْرِ هَاءٍ أَي يُذَكَّرُ مع المُؤَنَّثِ ويُؤَنَّثُ مع المُذَكَّرِ. يُقَالُ: بِضْعَةٌ وعِشْرُون رَجُلاً، وبِضْعٌ وعِشْرُونَ امْرَأَةً، ولا يُعْكَسُ. قال ابنُ سِيدَه: لَمْ نَسْمَع ذلِكَ ولا يَمْتَنِعُ. قُلْتُ: ورَأَيْتُ في بعضِ التَّفاسِيرِ: قَوْلُهُ تَعالَى: {فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ}⁣(⁣٦) أَيْ خَمْسَةً. ورُوِيَ عن أَبِي عُبَيْدَةَ: البِضْعُ: مَا بَيْنَ الوَاحِدِ إلى الخَمْسَةِ. وقال مُجَاهِدٌ: ما بَيْنَ الثَّلاثَة إلَى السَّبْعَةِ.

  وقالَ مُقَاتِلٌ: خَمْسَةٌ أَو سَبْعَةٌ. وقَالَ الضَّحَّاكُ: عَشَرَةٌ، ويُرْوَى عَن الفَرَّاءِ ما بَيْنَ الثَّلاثَةِ إلَى ما دُونَ العَشَرَةِ. وقال شَمِرٌ: البِضْعُ: لا يَكُونُ أَقَلَّ من ثَلاثٍ ولا أَكْثَرَ من عَشَرَةٍ.


(١) ومثله أيضا أيضا عن أبي عبيدة في التهذيب والتكملة واللسان.

(٢) يعني قول الجوهري، فهو يرد عليه قوله: لا تقول بضع وعشرون.

(٣) في القاموس: «لا يذكر مع العشرة والعشرين» ونبه بهامشه إلى «عبارة الشارح وهي موافقة لما جاء في اللسان أفاده نصر.

(٤) شرح الحماسة للتبريزي ٤/ ٤٧.

(٥) بالأصل «اصطلاح».

(٦) سورة يوسف الآية ٤٢.