تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الباء مع العين

صفحة 20 - الجزء 11

  أَو البِضْعُ من العَدَدِ: غَيْرُ مَعْدُودِ، كَذا في النُّسَخِ.

  والصَّوابُ غَيْرُ مَحْدُودٍ، أَيْ في الأَصْلِ. قال الصّاغَانِيّ: وإنَّمَا صارَ مُبْهَماً لِأَنَّهُ بمَعْنَى القِطْعَةِ، والقِطْعَةُ، غَيْرُ مَحْدُودَةٍ.

  وِالبِضْعَةُ، بالفَتْحِ وقَدْ تُكْسَرُ: القِطْعَةُ اسمُ من بَضَعَ اللَّحْمَ يَبْضَعُهُ بَضْعاً، أَي قِطْعَةٌ من اللَّحْمِ المُجْتَمِعَة. قال شَيْخُنا: زَعَمَ الشِّهَابُ أَنَّ الكَسْرَ أَشْهَرُ على الأَلْسِنَةِ.

  وفي شَرْحِ المَوَاهِبِ لشَيْخِنَا: بفَتْح المُوَحَّدَة، وحَكَى ضَمَّهَا وكَسْرَها. قُلتُ: الفَتْحُ هو الأَفْصَحُ والأَكْثَرُ، كَما في الفَصِيحِ وشُرُوحِه. انْتَهَى. قُلْتُ: ويَدُلُّ عَلَى أَنَّ الفَتْحَ هو الأَفْصَحُ قَوْلُ الجَوْهَرِيّ: والبَضْعَةُ: القِطْعَةُ من اللَّحْمِ، هذِهِ بالفَتْحِ، وأَخَواتُهَا بالكَسْرِ، مِثْلُ القِطْعَةِ، والفِلْذَة، والفِدْرَة، والكِسْفَةِ والخِرْقَة، وما لا يُحْصَى، ونَقَلَ الصّاغَانِيّ مِثْلَ ذلِكَ، ومِثْلُ البَضْعة الهَبْرَةُ فإِنَّهُ أَيْضاً بالفَتْحِ. ويُقَال: فُلانٌ بَضْعَةٌ مِنْ فُلانٍ يُذْهَبُ به إلَى التَّشْبِيهِ. ومنهُ الحَدِيثُ: «فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، يُرِيبُنِي ما رَابَها، ويُؤْذِينِي ما آذاها». ويُرْوَى: «فمَن أَغْضَبَهَا فَقَدْ أَغْضَبَنِي». وفي بَعْضِ الرِّوايات «بُضَيْعَةٌ مِنِّي».

  والمَعْنَى أَنَّها جُزْءٌ مِنّي كَما أَنَّ البُضَيْعَةَ من اللَّحْمِ جُزءٌ مِنْه.

  ج: بَضْعٌ، بالفَتْح، مِثلُ تَمْرَةٍ وتَمْرٍ. قال زُهَيْرُ بنُ أَبِي سُلْمَى يَصِفُ بَقَرَةً مَسْبُوعةً:

  أَضاعَتْ فلَمْ تُغْفَرْ لَهَا غَفَلاتُهَا ... فَلاقَتْ بَيَاناً عِنْدَ آخِرِ مَعْهَدِ

  دَماً عِنْدَ شِلْوٍ تَحْجُلُ الطَّيْرُ حَوْلَهُ ... وِبَضْعَ لِحَامٍ في إهَابٍ مُقَدَّدِ⁣(⁣١)

  وِيُجْمَع أَيْضاً على بِضَع، كعِنَبٍ. مِثْلُ بَدْرَةٍ وبِدَرٍ، نَقَلَهُ بَعْضُهم، وأَنْكَرَه عَلِيُّ بن حَمْزَةَ عَلَى أَبي عُبَيْد. وقالَ: المَسْمُوعُ بَضْعٌ لا غَيْر، وأَنْشَدَ:

  نُدَهْدِقُ بَضْعَ اللحَّمِ لِلبْاعِ والنَّدَى ... وِبَعْضُهم تَغْلي بِذَمٍّ مَناقِعُه

  وِعلى بِضَاعٍ، مِثْلُ صَحْفَةٍ وصِحَاف وجَفَنَةٍ وجِفَانٍ، وأَنْشَد المُفَضّل:

  لَمَّا نَزَلْنَا حاضِرَ المَدِينَهْ ... جَاءُوا بعَنْزٍ غَثَّةٍ سَمِينَهْ

  بلا بِضَاعٍ وبلا سَدِينَهْ

  قال ابنُ الأَعْرَابِيّ: قُلْتُ للمُفَضّل: كَيْفَ تَكُونُ غَثَّة سَمِينَةً؟ قالَ: لَيْسَ ذلِكَ من السِّمَنِ إنَّمَا هو من السَّمْنِ، وذلِكَ أَنَّه إذا كانَ اللَّحْمُ مَهْزُولاً رَوَّوْه بالسَّمْنِ، والسَّدِينَة: الشَّحْم.

  وِعَلَى بَضَعَاتٍ، مِثْلُ تَمْرَةٍ وتَمَرَاتٍ.

  وِالمِبْضَعُ، كمِنْبَرٍ: المِشْرَطُ، وهو ما يُبْضَعُ به العِرْقُ والأَدِيمُ.

  وِالبَاضِعَةُ من الشِّجَاج: الشَّجَّةُ التي تَقْطَعُ الجِلْدَ، وتَشُقُّ اللَّحْمَ، تَبْضَعُهُ بَعْدَ الجِلْدِ شَقًّا خَفِيفاً وتَدْمَى، إلّا أَنَّهَا لا تُسِيلُ الدَّمَ، فإِنْ سَالَ فهي الدَّامِيَةُ، وبَعْدَ الباضِعَةِ المُتَلاحِمَة. ومنه قَوْلُ زَيْدِ بنِ ثابِتٍ ¥: «في البَاضِعَةِ بَعِيرَانِ».

  وِالبَاضِعَةُ أَيْضاً: الفِرْقُ من الغَنَمِ، نَقَلَهُ الصَّاغانيُّ، أَو هي القِطْعَةُ الَّتِي انْقَطَعَتْ عن الغَنَمِ، تَقُولُ: فِرْقٌ بَوَاضِعُ، كما قاله اللَّيْثُ.

  وِقال الفَرَّاءُ: البَاضِعُ في الإِبِلِ كالدَّلّالِ في الدُّورِ، كَذا في اللِّسَانِ والعُبَابِ⁣(⁣٢)، أَو الباضِعُ: مَنْ يَحْمِلُ بَضَائعَ الحَيِّ ويَجْلُبُها نَقَلَهُ الصّاغَانِيُّ عن ابنِ عَبّادٍ.

  وفي الأَسَاسِ: بَاضِعُ الحَيِّ: مَنْ يَحْمِلُ بَضَائعَهُمْ.

  وِقالَ الأَصْمَعِيُّ: الباضِعُ: السَّيْفُ القَطَّاعُ إذا مَرَّ بشَيْءٍ بَضَعَهُ، أَي قَطَعَ مِنْهُ بضعَةً⁣(⁣٣) وقِيلَ: يَبْضَعُ كُلَّ شَيْءٍ يَقْطَعُه. قَالَ الرَّاجِزُ:

  مِثْلِ قُدَامَى النَّسْرِ ما مَسَّ بَضَعْ

  ج: بَضَعَةٌ مُحَرَّكَةً. قالَ الفَرّاءُ: البَضَعَةُ: السُّيُوفُ، والخَضَعَةُ: السِّيَاطُ. وقِيلَ: عَلَى القَلْبِ، كما في العُبَابِ⁣(⁣٤). قُلْتُ: ويُؤَيِّدُ القَوْلُ الأَخِيرَ حَدِيثُ عُمَرَ ¥: «أَنَّهُ ضَرَبَ رَجُلاً أَقْسَمَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ ثَلاثِينَ


(١) شرح ديوانه ص ٢٢٧.

(٢) والتكملة والتهذيب أيضا. والدلّال الذي يجمع بين البيعين.

(٣) عن اللسان وبالأصل «بعضه».

(٤) ومثله في التهذيب والتكملة. والخضعة واحدها خاضع.