تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[جزع]:

صفحة 63 - الجزء 11

  التَّجَرُّعُ: شُرْبٌ في عَجَلَةٍ. وقِيلَ: هو الشُّرْبَ قَلِيلاً قَليلاً.

  وِجَرِعَ الغَيْظَ، كعَلِمَ: كَظَمَه، وهو مَجَازٌ. ويُقَالُ: ما مِن جُرْعَةٍ أَحْمَدَ عُقْبَاناً مِنْ جُرْعَةِ غَيْظٍ تَكْظِمُهَا، وهُوَ مِنْ ذلِكَ.

  وِأَجْرَعَ الحَبْلَ، أَو الوَتَرَ، إذا أَغْلَظَ بَعْضَ قُوَاهُ.

  وِالجَرَعُ، مُحَرَّكَةً: مَوْضِعٌ، قَالَ لَقِيطٌ الإِيَادِيُّ:

  يا دَارَ عَمْرَةَ مِنْ مُحْتَلِّهَا الجَرَعَا ... هاجَتْ لِيَ الهَمَّ والأَحْزَانَ والجَزَعَا

  ويُرْوَى: «يا دارَ عَبْلَةَ»، و «قَدْ هِجْتِ لِي».

  ويُقَالَ: «أَفْلَتَنِي جُرَيْعَةَ الرِّيقِ»، إذا سَبَقَكَ فابْتَلَعْتَ رِيقَكَ عَلَيْهِ غَيْظاً.

  وقَالَ ابنُ عَبّادٍ: يُقَالُ: ما لَهُ به جُرَّاعَةٌ، بالضَّمِ مُشَدَّداً، ولا يُقَالُ: ما ذَاقَ جُرَّاعَةً ولكِنْ جُرَيْعَة، كمَا في العُبَابِ.

  وِهِجْرَعٌ، كدِرْهَمٍ، هِفْعَلٌ مِنَ الجَرْعِ عَلَى قَوْلِ مَنْ قالَ بِزِيادَةِ الهاءِ، وسَيَأْتِي للْمُصَنِّف في الَّتِي تَلِيهَا الهِجْزَعُ، هِفْعَلٌ من الجَزَع، فهذه مِثْلُ تِلْكَ.

  [جزع]: جَزَعَ الأرْضَ والوَادِيَ، كمَنَعَ، جَزْعاً: قَطَعَهُ، أَو جَزَعَهُ: قَطَعَه عَرْضاً كما في الصّحاح، وكَذلِكَ المَفَازَة والمَوْضِعُ إذا قَطَعْتَه عَرْضاً فقَدْ جزَعْتَهُ. قالَ الجَوْهَرِيُّ:

  ومِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ القَيْس:

  فَرِيقَانِ: مِنْهُمْ سَالِكٌ بَطْنَ نَخْلَةٍ ... وِآخَرُ مِنْهُمْ جَازِعٌ نَجْدَ كَبْكَبِ

  وفي العُبَابِ: ومِنْهُ الحَدِيثُ «أَنَّهُ ÷ وَقَفَ عَلَى وَادِي مُحَسِّرٍ⁣(⁣١) فقَرَعَ رَاحِلتَه، فخَبَّتْ حَتَّى جَزَعَهُ».

  وقالَ زُهَيْرُ بنُ أَبِي سُلْمَى:

  ظَهَرْنَ مِنَ السُّوبانِ ثُمَّ جَزَعْنَهُ ... عَلَى كُلِّ قَيْنِيٍّ قَشِيبٍ ومُفْأَمِ

  وِالجَزْعُ، بالفَتْحِ، وعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيّ، ويُكْسَرُ، عن كُرَاع، ونَسَبَهُ ابنُ دُرَيْدٍ للعَامَّة: الخَرَزُ اليَمَانِيُّ، كما في الصّحاح، زادَ غَيْرُهُ: الصِّينِيُّ، قالَ الجَوْهَرِيُّ: هو الَّذِي فيه سَوَادٌ وبَيَاضٌ تُشَبَّهُ به الأَعْيُنُ، قالَ امْرُؤُ القَيْسِ:

  كأَنَّ عُيُونَ الوَحْشِ حَوْلَ خِبَائِنَا ... وِأَرْحُلِنَا الجَزْعُ الَّذِي لَمْ يُثَقَّبِ

  لِأَنَّ عُيُونَها ما دامَتْ حَيَّةً سُودٌ، فإذَا ماتَتْ بَدَا بَياضُهَا، وإنْ لَمْ يُثَقَّبْ كانَ أَصْفَى لَهَا.

  وقَالَ أَيْضاً يَصِفُ سِرْباً:

  فأَدْبَرْنَ كالجَزْعِ المُفَصَّلِ بَيْنَهُ ... بجِيدِ مُعِمٍّ في العَشِيرَةِ مُخْوِلِ

  وكانَ عِقْدُ عائشَةَ ^ مِنْ جَزْعِ ظَفَارِ. قالَ المُرَقِّشُ الأَكْبَر:

  تَحَلَّيْن يَاقُوتاً وشَذْراً وصِنْعَةً ... وِجَزْعاً ظَفَارِيّاً ودُرّاً تَوَائِمَا⁣(⁣٢)

  وقَالَ ابْنُ بَرِّي: سُمِّي جَزْعاً لِأَنَّهُ مُجَزَّعٌ، أَيْ مُقَطَّعٌ بأَلْوَانِ مُخْتَلِفَةٍ، أَيْ قُطِّعَ سَوَادُهُ ببَيَاضِه وصُفْرَتِهِ، والتَّخَتُّمُ به لَيْسَ بِحسَنٍ، فإِنَّهُ يُورِثُ الهَمَّ والحُزْنَ والأَحْلامَ المُفَزِّعَةَ، ومُخَاصَمَةَ النَّاسِ، عن خاصَّةٍ فِيه، ومِنْ خَوَاصِّهِ إنْ لُفَّ به شَعرُ مُعْسِرٍ وَلَدَتْ مِنْ سَاعَتِهَا.

  وِجِزْعُ الوَادِي، بالكَسْرِ، كَما في الصّحاحِ والعُبَابِ واللِّسَانِ، وقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: اللائِقُ به أَنْ يَكُونَ مَفْتُوحاً، وهو مُنْعَطَفُ الوَادِي، كَما في الصِّحاحِ، زَادَ ابنُ دُرَيْدٍ: وقِيلَ: وَسَطُهُ أَو مُنْقَطَعُه، ثَلاثُ لُغَاتٍ، أَو مُنْحَنَاهُ، قالَهُ الأَصْمَعِيُّ وقِيلَ: جِزْعُ الوادِي حَيْثُ يَجْزَعُه، أَيْ يَقْطَعُه. وقِيلَ: هو ما اتَّسَعَ مِن مَضَايِقِهِ، أَنْبَتَ أَو لَمْ يُنْبِتْ. وقِيلَ: هو إذا قَطَعْتَهُ إلَى جانِبٍ آخَرَ، أَوْ لا يُسَمَّى جِزْعاً حَتَّى تَكُونَ لَهُ سَعَةٌ تُنْبِتُ الشَّجَرَ وغَيْرَه، نَقَلَهُ اللَّيْثُ عن بَعْضِهِم، وجَمْعُهُ أَجْزَاعٌ.

  واحْتَجَّ بقَوْلِ لَبِيدٍ ¥:

  حُفِزَتْ⁣(⁣٣) وزَايَلَهَا السَّرَابُ كَأَنَّهَا ... أَجْزَاعُ بِيشَةَ أَثْلُهَا ورُضَامُهَا

  قالَ: أَلا تَرَى أَنَّهُ ذَكَرَ الأَثْل وهو الشَّجَرُ. وقَالَ آخَرُ: بَلْ يَكُونُ جِزْعاً بغَيْرِ نَبَاتٍ. وأَنْشَدَ غَيْرُهُ لِأَبِي ذُؤَيْبٍ يَصِفُ الحُمُر:


(١) في النهاية واللسان: على مُحَسِّرٍ.

(٢) ويروي: وصيغة.

(٣) عن الديوان وبالأصل «حفرت».