تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الراء مع العين

صفحة 153 - الجزء 11

  رَاجِعٌ، وهي الَّتِي تَشُولُ بذَنَبِها، وتَجْمَعُ قُطْرَيْهَا وتُوزِغُ⁣(⁣١) بَوْلَها وفي الصّحاحِ ببَوْلِها فيُظَنُّ أَنَّ بها حَمْلاً ثُمّ تُخْلِفُ، وقد رَجَعَتْ تَرْجِعُ رِجَاعاً، بالكَسْرِ - وُجِدَ في بَعْضِ نُسَخِ الصّحاح. رُجُوعاً - وهي رَاجِعٌ: لَقِحَت، ثُمَّ أَخْلَفَت؛ لأَنَّها رَجَعَتْ عَمّا رُجِيَ مِنْهَا، ونُوقٌ رَوَاجِعُ. وقالَ الأَصْمَعِيُّ: إِذا ضُرِبَتِ النّاقَةُ مِرَاراً، فلم تَلْقَحْ، فهي مُمَارِنٌ، فإِن ظَهَرَ لَهُمْ أَنَّهَا قد لَقِحَتْ، ثمّ لمْ يَكُنْ بها حَمْلٌ، فهي رَاجِعٌ ومُخْلِفَةٌ، وقال القُطامِيُّ يَصِفُ نَجِيبَةً:

  وِمِنْ عَيْرَانَةٍ عَقَدَتْ عَلَيْهَا ... لَقَاحاً ثُمَّ ما كَسَرَت رِجَاعَا

  لِأَوَّلِ قَرْعَةٍ سَبَقَتْ إِليها ... مِنَ الذَّوْدِ المَرَابِيعِ الضِّبَاعَى

  أَرادَ أَنَّ النّاقَةَ عَقَدَتْ عَلَيْهَا لَقَاحَاً، ثمّ رَمَتْ بمَاءِ الفَحْلِ، وكَسَرَتْ ذَنَبَهَا بعدَ ما شالَتْ بِهِ.

  وِالرِّجاعُ ككِتابٍ: الخِطامُ، أَو ما وَقَعَ مِنْه عَلَى أَنْفِ البَعِيرِ يُقال: رَجَع فُلانٌ على أَنْفِ بَعِيرِه، إِذا انْفَسَخَ خَطْمُه، فَرَدَّه عليه، ثُمَّ يُسَمَّى الخِطَامُ رِجَاعاً، قالَهُ ابنُ دُرَيْدٍ، ج: أَرْجِعَةٌ ورُجْعٌ، كجِرَابٍ وأَجْرِبَة، وكِتَابٍ وكُتْبٍ.

  وِالرَّجاعُ: رُجُوعُ الطَّيْرِ بعدَ قِطَاعِها، كما في الصّحاح، زادَ الرّاغِبُ: يَخْتَصُّ به. وفي اللِّسَانِ رَجَعَت الطَّيْرُ القَوَاطِعُ رَجْعاً ورِجَاعاً، ولهَا قِطَاعٌ ورِجَاعٌ.

  وِمِنَ المَجَازِ قولُه تَعالَى: {وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ}⁣(⁣٢)، أَي ذاتِ المَطَر بَعْدَ المَطَرِ، سُمِّيَ به لأَنَّهُ يَرْجِعُ مَرَّةً بعدَ مَرَّةٍ، وقِيلَ: لأَنَّه يَتَكَرَّر كلَّ سَنَةَ ويَرْجعُ، قالَ ثعلبٌ: تَرْجِعُ بالمَطَرِ سَنَةً بعدَ سَنَةٍ، وقالَ اللِّحْيَانِيُّ: لأَنَّهَا تَرْجِعُ بالغَيْثِ، فلم يَذْكُرْ سَنةً بعدَ سَنَة. وقال الفَرّاءُ: تَبْتَدِئُ بالمَطَرِ، ثم تَرْجِعُ به كُلَّ عام؛ وقِيل: ذاتُ الرَّجْع، أَي ذاتُ النَّفْع، يُقالُ: ليسَ لِي من فُلانٍ رَجْعٌ، أَي نَفْعٌ وفائِدَةٌ، وتَقُول: ما هُوَ إِلّا سَجْعٌ، ليس تَحْتَه رَجْعٌ.

  وِالرَّجْعُ: نَبَاتُ الرَّبِيعِ، كالرَّجِيعِ.

  وِرَجْعٌ: اسْمٌ. وقالَ الكِسَائِيُّ⁣(⁣٣) في قَوْلِه تَعَالَى: {وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ} أَرادَ بالرَّجْع مَمْسَك الماءِ ومَحْبِسَه. والجَمْعُ رُجْعَانٌ، وقال غيرُه: الرَّجْعُ: الغَدِيرُ. قال الرّاغِبُ: إِمّا تَسميةً بالمَطَرِ الَّذِي فيهِ، وإِمّا لِتَرَاجُعِ أَمْوَاجِه وتَرَدُّدِه في مَكَانِه كالرَّجِيع والرّاجِعَةِ، قال المُتَنَخِّلُ الهُذَلِيُّ يصِفُ السَّيْفَ:

  أَبْيَضُ كالرَّجْعِ رَسُوبٌ إِذا ... ما ثاخَ في مُحْتَفَلٍ يَخْتَلِي

  أَو قالَ اللَّيْث: الرَّجْعُ: ما امتَدَّ فيه السَّيْلُ⁣(⁣٤) كذا نَصُّ العُبَابِ. وقال أبو حَنِيفَةَ: الرَّجْعُ: ما ارْتَدَّ فيه السَيْلُ ثُمَّ نَفَذَ، ج: رِجاعٌ، بالكَسْرِ، ورُجْعَانٌ، بالضَّمِّ، ورِجْعَانٌ*، بالكَسْرِ، وأَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ:

  وِعَارَضَ أَطْرَافَ الصَّبَا وكأَنَّه ... رِجَاعُ غَدِيرٍ هَزَّهُ الرِّيحُ رَائِعُ

  وقال غَيْرُه: الرِّجَاعُ: جمعٌ، ولكِنّه نعتَه بالوَاحِدِ الَّذِي هو رَائِعٌ لأَنَّهُ على لَفظ الوَاحِدِ، وإِنَّمَا قال: «رِجاع غدير» ليَفْصِلَه من الرُّجَاعِ الَّذِي هو غَيْرُ الغَديِرِ، إِذِ الرِّجاعُ من الأَسماءِ المُشْتَرَكَةِ، وقد يكونُ الرِّجاع الغدِيرَ الوَاحِدَ، كما قالُوا فيهِ: إِخَاذٌ وأَضافَهُ إِلى نَفْسِه لِيُبَيِّنَهُ أَيْضاً بذلِكَ: لأَنَّ الرِّجَاع، وَاحِداً كان أَو جَمْعاً، من الأَسْماءِ المُشْتَركَةِ.

  وِ⁣(⁣٥) الرَّجْعُ: الماءُ عامَّةً، وقالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الرَّجْعُ في كلامِ العَرَبِ الماءُ، وأَنْشَدَ قولَ المُتَنخِّلِ:

  أَبْيَضُ كالرَّجْعِ ...

  وِالرَّجْعُ: الرَّوْثُ والنَّجْوُ لأَنَّه رَجَعَ عن حالِهِ الَّتِي كانَ عَلَيْهَا، وهذا رَجْعَ السَّبُعِ، أَي نَحْوُه، وهو مَجازٌ.

  وِقال اللَّيْثُ: الرَّجْعُ من الأَرْضِ: ما امْتَدَّ فيه السَّيْلُ بمَنْزِلَة الحَجْر، وقال غَيْرُهُ: الرَّجْعُ: فَوْقَ التَّلْعَةِ وأَعْلاها قبلَ أَنْ يَجْتَمِعَ ماءُ التَّلْعَةِ، ج: رُجْعانٌ، بالضَّمِّ، بمَنْزِلَةِ


(١) عن القاموس وبالأصل «وتوزع» بالعين المهملة.

(٢) سورة الطارق الآية ١١.

(٣) بالأصل «من».

(٤) على هامش القاموس عن نسخة أخرى ينبه إلى أن الجملة «أو ما امتدّ فيه السبل ثم نفذ» مضروب عليها بنسخة المؤلف.

(*) بالقاموس: رِجْعان تقديم على: رُجْعان.

(٥) في القاموس: أو.