تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الراء مع العين

صفحة 166 - الجزء 11

  قال: والرِّضْعُ، بالكَسْر: شَجَرٌ تَرْعاهُ الإِبِلُ كما في العُبَابِ.

  وِتَقُول: هذا رَضِيعُكَ، أَي أَخُوكَ من الرَّضاعَةِ، بالفَتْحِ، كما في الصّحاحِ، كما تَقُول: أَكِيلُك، قالَ الأَعْشَى:

  رَضِيعَيْ لِبَانٍ ثَدْيَ أُمِّ تَقَاسَمَا ... بأَسْحَمَ دَاجٍ عَوْضُ لا نتَفَرَّقُ

  وِقالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ: الرَّضَعُ مُحَرَّكَةً: صِغَارُ النَّحْلِ⁣(⁣١)، وَاحِدَتُها رَضَعَة كالرَّصَعِ، بالصّادِ، وقد تَقَدَّم عن الأَزْهَرِيِّ أَنّه تَصْحِيفٌ.

  وِأَرْضَعَتِ المَرْأَةُ، فهي مُرْضِعٌ أَي لَها وَلَدٌ تُرْضِعُه ومنه قَوْلُ امْرئِ القَيْسِ:

  فمِثْلِكِ حُبْلَى قد طَرَقْتُ ومُرْضِعٍ ... فأَلْهَيْتُها عن ذِي تَمائمَ مُحْوِلِ

  ويُرْوَى «مُرْضِعاً» ويُرْوَى «مُغْيِلٍ» أَي ذات رَضِيعٍ فإِن وَصَفْتَها بإِرضَاعِ الوَلَدِ أَلْحَقْتَ الهاءَ. وقُلْتَ: مُرْضِعَة، كما في الصّحاح والعُبَابِ، ومنه قولُه تَعالَى: {يَوْمَ [تَرَوْنَها] تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمّا أَرْضَعَتْ}⁣(⁣٢) وفِي الحَدِيثِ حِينَ ذكر الإِمارَةَ فَقالَ: «نِعْمَتِ المُرْضِعَةُ، وبِئْسَت الفَاطِمَةُ» ضَرَبَ المُرْضِعَةَ مَثَلاً للإِمارَةِ، وما تُوَصِّلُه إِلَى صاحِبِها من الأَحْلَابِ، يَعْنِي المَنَافِع، والفاطِمَةَ مثلاً للمَوْتِ الَّذِي يَهْدِمُ عليهِ لَذّاتِه، ويَقْطَعُ مَنَافِعَها [دونه]⁣(⁣٣).

  قال ثَعْلَبٌ: المُرْضِعَةُ: التي تُرْضِعُ وإِنْ لم يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ، أَو كانَ لها وَلَدٌ، والمُرْضِعُ: الَّتِي ليس مَعَهَا وَلَدٌ وقد يَكُونُ معَهَا وَلَدٌ. وقال مَرَّةً: إِذا أَدْخَلَ الهاءَ أَرَادَ الفِعْلَ، وجَعَلَه نَعتاً، وإِذا لم يُدْخِل الهاءَ أَرادَ الاسْمَ.

  وقال الفَرّاءُ: المُرْضِعُ والمُرْضِعَةُ: الَّتِي مَعَهَا صَبِيٌّ تُرْضِعُه⁣(⁣٤)، قال: ولو قِيلَ في الأُمِّ: مُرْضِعٌ - لأَنَّ الرَّضَاعَ لا يَكُونُ إِلّا من الإِناثِ، كما قَالُوا: امْرَأَةٌ حائضٌ وطامِثٌ - كان وَجْهاً. قال: ولو قِيلَ في الَّتِي مَعها صَبِيٌّ: مُرْضِعَةٌ كان صَواباً.

  وقالَ الأَخْفَشُ: أَدْخَلَ الهاءَ في المَرْضِعَةِ لأَنَّهُ أَرادَ - والله أَعلَم - الفِعْلَ، ولو أَرادَ الصِّفَةَ لقال: مُرْضِعٌ.

  وقال أَبو زَيْدٍ: المُرْضِعَةُ: الَّتِي ترْضِع وثَدْيُها فِي فَمِ وَلَدِها، وعليه قَوْلُه تَعالَى: {تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ} قالَ: وِالمُرْضِعُ: الَّتِي دَنا لها أَنْ تُرْضِعَ ولم تُرْضِعْ بَعْدُ، والمُرْضِعُ: الَّتِي مَعها الصَّبِيُّ الرَّضِيعُ.

  وقال الخَلِيلُ: امْرَأَةٌ مُرْضِعٌ: ذاتُ رَضِيع، كما يُقَالُ: امرأَةٌ مُطْفِلٌ: ذاتُ طِفْلٍ، بلا هاءٍ، لأَنَّك تَصِفُهَا بفِعْلٍ منها وَاقِع أَو لَازِمٍ، فإِذا وَصَفْتَها بفِعْلٍ هي تَفْعَلُه قُلْتَ: مُفْعِلَةٌ، بفِعْلٍ هي تَفْعَلُه قُلْتَ: مُفْعِلَةٌ، كقولِه تَعالَى: {تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمّا أَرْضَعَتْ} وَصَفها بالفِعْلِ فأَدْخَلَ الهاءَ في نَعْتِها، ولو وَصَفَها بأَنَّ مَعَهَا رَضِيعاً قالَ: كُلُّ مُرْضِعٍ.

  وقال ابنُ بَرِّيّ: أَمّا مُرْضِعٌ فعَلَى النَّسَبِ، أَي ذاتُ رَضِيع، كما تَقُولُ: ظَبْيَةٌ مُشْدِنٌ، أَي ذاتُ شَادِن، وعليه قَوْلُ امْرِئِ القَيْسِ.

  فمِثْلِكِ ...

  الخ فهذا عَلَى النَّسَب، وليس جارياً على الفِعْلِ، كما تَقُولُ: رَجُلٌ دَارِعٌ تارِسٌ، أَي معه دِرْعٌ وتُرْسٌ، ولا يُقَال منه: دَرِعٌ ولا تَرِسٌ، فلذلِكَ يُقَدَّرُ في مُرْضِعٍ أَنَّهُ ليس بجَارٍ على الفِعْلِ، وإِنْ كَانَ قد اسْتُعْمِلَ منه الفِعْلُ. وقد يَجِيءُ مُرْضِعٌ عَلَى مَعْنَى ذَاتِ إِرْضَاعٍ، أَي لها لَبنٌ وإِنْ لم يَكُنْ لها رَضِيعٌ. هذا خُلاصَةُ ما قالَهُ النحْوِيُّون.

  وِرَاضَعَ فُلانٌ ابْنَهُ، أَي دَفَعَهُ إِلى الظِّئْرِ. نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ لرُؤْبَةَ⁣(⁣٥):

  إِنَّ تَمِيماً لم يُرَاضَعْ مُسْبَعَا ... وِلَمْ تَلِدْهُ أُمُّه مُقَنَّعَا

  أَي وَلدَتْهُ مَكْشُوفَ الأَمْرِ، ليسَ عليهِ غِطاءٌ.

  وِقالَ الجَوْهَرِيُّ: ارْتَضَعَتِ العَنْزُ، أَي شَرِبَتْ لَبَنَ نَفْسِهَا، وأَنْشَدَ للشّاعر، وهو عَمْرُو بنُ أَحْمَرَ الباهِلِيُّ:


(١) قال أبو حنيفة في كتاب النبات رقم ١٠٥٨: وليس ثم رضاع وهذا استعارة.

(٢) الحج الآية ٢.

(٣) زيادة عن النهاية.

(٤) نص قول الفراء كما نقله الأزهري قال: المرضعة: الأم، والمرضع: التي معها صبي ترضعه. والأصل كاللسان.

(٥) في الصحاح: «قال أبو ذؤيب» والمشطوران لرؤبة في ديوانه ص ٩٢.