تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[سمذع]:

صفحة 222 - الجزء 11

  قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ}⁣(⁣١) كما فِي المُفْرَداتِ.

  وِالسَّمْعُ أَيْضاً: اسْمُ ما وَقَرَ فِيها من شَيْءٍ تَسْمَعُه، كما فِي اللِّسَانِ.

  وِالسَّمْعُ أَيضاً: الذِّكْرُ المَسْمُوعُ الحَسَنُ الجَمِيلُ، ويُكْسَرُ، كالسَّمَاعِ، الفَتْحُ عن اللِّحْيَانِيِّ، والكسرُ سَيَذْكُره المُصَنِّفُ فيما بَعْدُ بمعنَى الصِّيتِ، وشَاهِدُ الأَخِيرِ:

  أَلا يَا أُمَّ فارِعَ لا تَلُومِي ... على شَيْءٍ رَفَعْتُ به سَمَاعِي

  وِالسَّمَاع: ما سَمَّعْتَ به فشَاعَ وتُكُلِّمَ به.

  وِيكونُ السَّمْعُ للوَاحِدِ والجَمْع، كقَوْلِه تَعالى: {خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ} لأَنَّه في الأَصْلِ مَصْدَرٌ، كما في الصِّحاح، ج: أَسْمَاعٌ، قال أَبُو قَيْسِ بنُ الأَسْلَتِ:

  قالَتْ ولم تَقْصِدْ لِقِيلِ الخَنَا ... مَهْلاً فقد أَبْلَغْتَ أَسْمَاعِي

  ويُرْوَى: «إِسْمَاعِي» بكسر الهَمْزَة على المَصْدَر وجَمْع القِلَّة أَسْمُعٌ، وجج أَي جَمْع الأَسْمُع كما فِي العُبَابِ، وفي الصّحاح: جَمْع الأسْمَاعِ: أَسامِعُ، ومنه الحَدِيثُ: «مَنْ سَمَّعَ الناسَ بعَمَلِه سَمَّعَ الله به أَسامِعَ خَلْقِه، وحَقَّرَه، وصَغَّرَه» يريد أَنّ الله تَعالَى يُسَمِّعُ أَسماع⁣(⁣٢) خَلْقه بهذا الرَّجُل يومَ القيَامة.

  ويحْتَملُ أَنْ يكونَ أَراد أَنَّ الله يُظْهِرُ للنّاسِ سَرِيرَتَه، ويمْلأُ أَسماعَهُم بما يَنْطوِي عليه من خُبْثِ السَّرائرِ؛ جَزَاءً لعَملِه. ويُرْوَى «سَامِعُ خَلْقِه» برفع العَيْن، فيكون صِفَةً من اللهِ تَعَالَى؛ المَعْنَى: فَضَحَه الله تَعالَى.

  سَمِعَ، كعلِمَ سَمْعاً، بالفَتْحِ ويُكْسَرُ، كعَلِمَ عِلْماً، أَو بالفَتْحِ المَصْدَرُ، وبالكَسْرِ الاسْمُ، نَقَلَه اللِّحْيَانِيُّ في نَوَادِرِهِ عن بَعْضِهِم، وسَماعاً وسَمَاعَةً، وسَمَاعِيَةً ككَرَاهِيَة.

  وِتَسَمَّع الصَّوْتَ: مثلُ سَمِع، قال لَبِيدٌ ¥ يصِفُ مَهَاةً:

  وِتَسَمَّعَتْ رِزَّ الأَنِيسِ فَرَاعَها ... عَنْ ظَهْرِ غَيْبٍ والأَنِيسُ سَقَامُها

  وِإِذا أَدْغَمْتَ قُلْت: اسَّمَّعَ، وقرأَ الكُوفيُّون، غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ: {لا يَسَّمَّعُونَ}⁣(⁣٣)، بتشديدِ السِّينِ والمِيمِ، وفي الصّحاحٍ: يقال: تَسَمَّعْت إِليه، وسَمِعْتُ إِلَيْهِ، وَسَمِعْتُ له، كُلُّهُ بمعنًى واحِدٍ؛ لأَنَّهُ تعالى قال: وقَالُوا (لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ)⁣(⁣٤) وقُرِئَ: لا يسمَعُون إِلى المَلإِ الأَعْلَى مُخَفَّفاً.

  وِالسَّمْعَة: فَعْلَةٌ من الإِسْمَاع، وبِالكَسْرِ: هَيْئتُه، يُقَالُ: أَسْمَعْتَه سَمْعَةً حَسَنَةً.

  وِقولُهُمْ: سَمْعَكَ إِلَيَّ، أَي اسْمَعْ مِنِّي، وكذلِكَ سَمَاعِ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وسيأْتِي «سَمَاعِ» للمُصَنِّفِ في آخِر المادَّةِ.

  وِقالُوا: ذلِكَ سَمْعَ أُذْنِي، بالفَتْحِ ويُكْسَر، وسَمَاعَهَا وسَمَاعَتَهَا، أَي إِسْمَاعَها قال:

  سَماعَ اللهِ والعُلَمَاءِ إِنِّي ... أَعُوذُ بخَيْرِ خالِكَ يا ابْنَ عَمْرِو⁣(⁣٥).

  أَوْقَع الاسمَ مَوْقِعَ المَصْدَرِ، كأَنَّه قال: إِسْماعاً عَنِّي، قال:

  وِبَعْدَ عَطَائِكَ المِائَةَ الرِّتَاعَا

  قال سِيبَوَيْهٌ: وإِن شِئْتَ قُلْتَ: سَمْعاً، قالَ سِيبَوَيْهٌ أَيضاً: ذلِكَ إِذا لم تَخْتَصِصْ نَفْسَكَ، غير المستعملِ إِظْهَارُه⁣(⁣٦).

  وِقَالُوا: أَخَذْتُ ذلِكَ عَنْه سَمْعاً وسَمَاعاً، جاءُوا بالمَصْدَرِ عَلَى غيرِ فِعْلِه وهذا عِنْدَهُ غيرُ مُطَّرِدٍ.

  وِقالُوا: سَمْعاً وطَاعَةً مَنْصُوبانِ على إِضْمارِ الفِعْلِ، والَّذِي يُرْفَعُ عليه غَيْرُ مستَعمَلٍ إِظهارُه، كما أَنَّ الذي يُنْصَب عليه كذلِكَ، ويُرْفَعُ أَيْضاً فيهما، أَي أَمْرِي ذلِكَ، فرفع في كُلِّ ذلِكَ.

  وِسَمْعُ أُذُنِي فُلاناً يقولُ ذلِكَ، وسَمْعَةُ أُذُنِي، ويُكْسَرَانِ.

  قال اللِّحْيَانِيُّ: ويُقَال: أُذُنٌ سَمْعَةٌ، بالفَتْحِ، ويُحَرَّكُ، وكَفَرِحَةٍ، وشَرِيفَةٍ، وشَرِيفٍ، وسامِعَةٌ وسَمّاعَةٌ وسَمُوعٌ، كصَبُورٍ وجَمْعُ الأَخِيرَةِ: سُمُعٌ، بضَمَّتَيْنِ.


(١) سورة البقرة الآية ٧.

(٢) الأصل والنهاية، وفي اللسان: «أسامع».

(٣) سورة الصافات الآية ٨.

(٤) سورة فصلت الآية ٢٦.

(٥) في اللسان «حقا»: بحقو خالك.

(٦) كذا بالأصل قد وردت الجملة هنا ولعلها أقحمت هنا، فهي واردة بعد أسطر.