فصل الصاد المهملة مع العين
  عن وَهْبِ بنِ مُنَبِّهٍ أَنَّه وجدَ في الكُتُبِ القَدِيمَةِ المُنَزَّلَةِ الَّتِي قَرَأَهَا: «أَزال أَزال»، كُلٌّ عَلَيْكِ، وأَنا أَتَحَنَّنُ عَلَيْكِ» ويُرْوَى عن ابْنِ أَبِي الرُّومِ: أَنَّ صَنْعَاءَ كانَت امْرَأَةً مَلِكَةً، وبِهَا سُمِّيَت صَنْعَاءُ.
  وقَرَأْتُ في كِتَابِ المُعْجَمِ لأَبِي عُبَيْدٍ البَكْرِيِّ أَنَّ صَنْعَاءَ كلمةٌ حَبِشِيَّةٌ ومَعْنَاهَا: وَثِيقٌ حَصِينٌ، وفِي حَدِيثٍ مَرْوَيٍّ عن عَبْدِ الرَّزَّاقِ - في حَقِّ صَنْعَاءَ - وفِيه: «ويَكُونُ سُوقُهَا في وَادِيها» قِيلَ: هو وَادِي عُلَيْب، وقِيلَ: هُوَ أَصْلُ جَبَلِ نُعَيْمٍ، ممّا يَلِي القِبْلِيَّةَ، وقِيلَ: غَدِيرُ الحَقْلِ ممّا يَلِي القِبْلِيَّةَ.
  وِصَنْعَاءُ أَيضاً: ة، ببابِ دِمَشْقَ، والنِّسْبَةُ إِليها صَنْعَائِيٌّ، عَلَى القِيَاسِ، أَو النِّسْبَةُ إِليهما صَنْعَانِيٌّ، بزِيادَةِ النُّونِ عَلَى غَيْرِ قِياسٍ، كما قالُوا - في النِّسْبَة إِلى حَرّانَ -: حَرْنَانِيٌّ، وإِلى مانِي وعانِى: مَنَانِيّ وعَنَانِيّ، كما فِي الصّحاحِ، أَي فالنُّونُ بَدَلٌ من الهَمْزَةِ(١)، حكاهُ سِيبَوَيْهِ، قَالَ ابنُ جِنِّي: ومِن حُذّاقِ أَصْحابِنَا مَن يَذْهَبُ إِلى أَنَّ النُّونَ في صَنْعانِيٍّ إِنّما هي بَدَلٌ من الواوِ الَّتِي تُبْدَلُ من هَمْزَةِ التَّأْنِيثِ في النَّسَبِ، وأَنَّ الأَصْلَ صَنْعَاوِيٌّ، وأَنَّ النُّونَ هُناكَ بدلٌ من هذِه الواوِ.
  وِصَنْعَةُ: ة، باليَمَنِ، من قُرَى ذَمَارِ، وفي مُعْجَمِ أَبِي عُبَيْدٍ: أَنّ ذِمَارِ: اسمٌ لصَنْعَاءَ، قالَه ابنُ أَسْوَدَ.
  قلتُ: وذَكر الأَمِيرُ: يَحيَى بنَ مُحَمَّدٍ الصَّنْعِيَّ، بالفتْحِ، رَوَى عَنْ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَبِي عَمْرٍو الأَسَدِيِّ، ولَعَلَّهُ نُسِبَ إِلى هذِه القرْيَة.
  وِالصِّنْعُ، بالكَسْرِ: السَّفُّودُ، هكذَا في سائِرِ النُّسَخِ، ومثلُه في العُبَابِ والتَّكْمِلَة(٢). ووقع في اللِّسَان والصِّنْع: السُّودُ، وأَنْشَدَ لِلْمَرّار يَصِفُ الإِبِلَ:
  وِجاءَتْ ورُكْبَانُها كالشُرُوبِ(٣) ... وِسَائِقُها مِثْلُ صِنْعِ الشِّواءِ
  قالَ: يَعْنِي سُودَ الأَلْوَانِ، فليُتَأَمَّلْ في العِبَارَتَيْنِ.
  وِالصِّنْعُ: كلُّ ما صُنِعَ من سُفْرَةِ أَو غَيْرِهَا. والصِّنْعُ الخَيَّاطُ، وبه فُسِّرَ قولُ كُثَيِّرٍ:
  إِذا ما لَوَى صِنْعٌ به عَدَنِيَّةً ... كلَوْنِ الدِّهَانِ وَرْدَةً لم تُكَمَّتِ
  أَو هو: الدَّقِيقُ اليَدَيْنِ في قَوْلِ كُثَيّرٍ، ولا يَخْفى أَنَّ هذا قد تَقدَّمَ عندَ ذِكْرِ صَنَع اليَدَيْنِ، وقد فَسّرُوهُ برَقِيقهما، كما مَرَّ، فهو تَكْرارٌ.
  وِقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ: الصِّنْعُ: الشَّوّاءُ نفسه، ووُجِدَ في بعضِ النُّسَخِ «الشِّوَاء» ككِتَابٍ، وهو غَلَط.
  وِقالَ ابنُ عَبّادٍ: الصِّنْعُ: الثَّوْبُ، يُقَال: رَأَيْتُ عليه صِنْعاً جَيِّداً، وهو مَجَازٌ.
  وِقيل: الصِّنْعُ في قوْلِ كُثَيِّرٍ: العِمَامَةُ، عن ابْنِ الأَعْرَابِيِّ، قال: أَي إِذا اعْتَمَّ، وهو مَجَازٌ.
  وِالصِّنْعُ: مَصْنَعَةُ المَاءِ وهي خَشَبَةٌ يُحْبَسُ بها الماءُ، وتُمْسِكُه حِيناً، ج: أَصْناعٌ، قال الأَزْهَرِيُّ: وسَمِعْتُ العَرَبَ تُسَمِّي أَحْبَاسَ الماءِ الأَصْناعَ.
  وِصِنْع: ع، ويُضَافُ إِلى قَساً(٤) نَقَلَه الصّاغَانِيّ، وقد جاءَ ذِكْرُه في شِعْرٍ.
  وِالصَّنْعُ، بالفَتْحِ: دُوَيْبَةٌ، أَو طائرٌ، كالصَّوْنَعِ، فِيهِما، كجَوْهَرٍ، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ، وقد صَحَّفَهُمَا بعضُهُم، كما سَيَأْتِي في «ض ت ع».
  وِالصَّنَّاعَةُ، مُشَدَّدَةً، والصَّنَاعُ، كسَحَابٍ: خَشَبٌ يُتَّخَذُ في المَاءِ لِيُحْبَسَ بهِ المَاءُ، ويُمْسِكَه حِيناً نَقَلَهُ اللَّيْثُ، كالصِّنْعِ الَّتِي هي الخَشَبَةُ.
  وِمن المَجَازِ: يُقَال: كُنّا في المَصْنَعَةِ، أَي الدَّعْوَة يَتَّخِذُهَا الرَّجُلُ ويُدْعَى إِليها الإِخْوَانُ.
  وِاصْطَنَع الرَّجُلُ: اتَّخَذَهَا، ومنه الحَدِيثُ: لا تُوقِدُوا بلَيْلٍ نَاراً، ثُمَّ قال: «أَوْقِدُوا واصْطَنِعُوا، فإِنَّهُ لَنْ يُدْرِكَ قَوْمٌ بَعْدَكُم مُدَّكُمْ، ولا صَاعَكُم» أَي اتَّخِذُوا صَنِيعاً، أَي طَعَاماً
(١) الذي في اللسان: مانا وعانا.
(٢) والتهذيب أيضاً.
(٣) بعده في التهذيب: أي هذه الإبل وركبانها يتمايلون من النعاس، وسائقها - يعني نفسه - اسودَ من السَّموم.
(٤) قيدها ياقوت: صِنْعُ قَسِيٍّ موضع في شعر ذي الرمة وقال شبيب بن يزيد بن النعمان بن بشير:
بمخترق الأرواح بين أعابلٍ ... وِصنع لها بالرحلتين مساكن
وفيه: قسا بالفتح والقصر ... موضع بالعالية.