تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل القاف مع العين

صفحة 374 - الجزء 11

  وِقَشَعَ القَوْمَ، كَمَنَع: فَرَّقَهُم، فأَقْشَعُوا: تَفَرَّقُوا، قال العَبّاسُ بنُ - عَبْدِ المُطَّلِبِ - ¥:

  نَصَرْنَا رَسُولَ الله في الحَرْبِ تِسْعَةً ... وِقد فَرَّ مَنْ قَدْ فَرَّ عَنْه فأَقْشَعُوا

  نقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وهو نادِرٌ مثل: كَبَبْتُه فأَكَبَّ، قالَهُ الجَوْهَرِيُّ. قلتُ: وزاد الزَّوْزَنِيُّ: عَرَضْتُه فأَعْرَضَ، وتَقَدَّمَ للمُصَنِّفِ ذلِك، وقال ابنُ جِنِّي: جاءَ هذا مَعْكوساً مُخَالِفاً للمُعْتَادِ، وذلِك أَنَّك تَجِدُ فيها فَعَلَ مُتَعَدِّياً وأَفْعَلَ غيرَ مُتَعَدٍّ، ومِثْلُه شَنَقَ البَعِيرَ وأَشْنَقَ هو، وأَجْفَلَ الظَّلِيمُ وجَفَلَتْهُ الرِّيحُ، وكُلُّ ذلِكَ مَذْكُورٌ في مَوْضِعِهِ. قلتُ: وقد مَرَّ البَحْثُ فيهِ في «ك ب ب» فراجِعْه.

  وِقَشَعَتِ الرِّيحُ السَّحابَ، أَي كَشَفَتْه، كما في الصِّحاحِ، كأَقْشَعَتْهُ، كما في العبابِ، فأَقْشَعَ السَّحَابُ نَفْسُه، وانْقَشَع، وتَقَشَّعَ، أَي انْكَشَفَ، وشَاهِدُ الأَخِيرِ قولُ رُؤْبَةَ:

  وِمَثَلُ الدُّنْيَا لِمَنْ تَرَوَّعَا ... ضَبابَةٌ لا بُدَّ أَنْ تَقَشَّعا

  وفِي المَثَل:

  سحابَةُ صَيْفٍ عن قَلِيلٍ تَقَشَّعُ

  يُضْرَبُ في انْقِضاءِ الشَّيْءِ بسُرْعَةٍ، وفي حَدِيثِ الاسْتِسْقَاءِ: «فَتَقَشَّعَ السَّحَابُ» أَي: تَصَدَّع وأَقْلَع.

  وِقَشَعَ الناقَةَ: حَلَبَهَا، نَقَلَه ابنُ القَطّاعِ.

  وِيُقَال: هو أَذَلُّ من القَشْعَة، بالفَتْحِ، وهي: الكَشُوثاءُ، نَقَلَه ابن عَبّادٍ، وبه سُمِّيَت العَجُوزُ المُنْقَطِعُ عنها لَحْمُها من الكِبَرِ قَشْعَةً، وقد سَبَقَ ذلِكَ للمُصَنِّفِ، وذَكَرْنا شَاهِدَه، فهوَ تَكْرَارٌ.

  وِالقِشْعَةُ، بالكَسْرِ والفَتْح: القِطْعَةُ من السَّحابِ تَبْقَى في أُفُقِ السَّماءِ بَعْدَ انْقِشَاعِ الغَيْمِ، أَي انْجِلائه وانْكِشَافِه.

  وِالقَشْعَةُ أَيضاً، بالوَجْهَيْن: القِطْعَةُ من الجِلْدِ اليابِسِ، جَمْعُ المَكْسُورِ قِشَعٌ، كعِنَبٍ، وجَمْعُ المَفْتُوحِ قِشَاعٌ، كجِبَالٍ.

  والَّذِي يَظْهَرُ من كَلَامِ الجَوْهَرِيِّ - الَّذِي نَقَلَهُ عن الأَصْمَعِيِّ - أَنَّ القِشَعَ، كعِنَبٍ: جَمْعُ قَشْعٍ، بالفَتْحِ، كما تَقَدَّم، وهو على غَيْرٍ قِيَاسٍ. وقالَ: هكَذا يُسْتَعْمَلُ، ومُقْتَضَى كَلامِه أَنَّ غَيْرَه - ولو كان مطابِقاً للقِيَاسِ لكِنَّه غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ - وفي التَّهْذِيب وغَيْرِه: أَنَّ القَشْعَةَ والقَشْعَ بفَتْحِهما جَمْعُهما قُشُعٌ، فتَأَمَّلْ ذلِك.

  وِشَاةٌ قَشِعَةٌ، كفَرِحَةٍ: غَثَّةٌ. نَقَلَه الصّاغَانِيُّ.

  وِالقَشِعُ، ككَتِفٍ: الْيابِسُ قالَ عُكّاشَةُ⁣(⁣١) السَّعْدِيُّ يَصِفُ إِبِلاً:

  فَخَيَّمَتْ في ذَنَبَانٍ مُنْقَفِعْ ... وِفي رُفُوضِ كَلإٍ غَيْرِ قَشِعْ

  وِالقَشِعُ: الرَّجُلُ لا يَثْبُتُ على أَمْرٍ.

  وِيُقَال: أَتَى وما عَلَيْه قِشَاعٌ، كَقِزَاعٍ زِنَةً ومَعْنًى، أَي شَيْءٌ من الثِّيَابِ، نَقَلَه ابنُ عَبّادٍ.

  وِعن النَّضْرِ: القُشَاعُ، كغُرَابٍ: صَوْتُ الضَّبْعِ الأُنْثَى، هكَذَا هو في العُبَابِ واللِّسَانِ. قالَ شَيْخُنَا: وكأَنَّه جَرَى على رأْي أَنَّ الضَّبْعَ عامٌّ، وإِلّا فقد سَبَقَ أَنَّه خاصٌّ بالأُنْثَى، فلا يُحْتَاجُ للوَصْفِ به، انتهَى، وقال أَبو مِهْرَاسٍ:

  كَأَنَّ نِدَاءَهُنَّ قُشَاعُ ضَبْعٍ ... تَفَقَّدُ من فَرَاعِلَةٍ أَكِيلَا

  وِقَشِعَ الشَّيْءُ. كَسَمِعَ: جَفَّ كاللَّحْمِ الّذِي يُسَمَّى الحُسَاسَ، نَقَلَه ابنُ دُرَيْدٍ.

  وِكَلأٌ قَشِيعٌ، كأَمِيرٍ: مُتَفَرِّقٌ.

  وِقالَ ابنُ الأَعْرَابِيّ: هُو أَقْشَعُ مِنْهُ، أَي أَشْرَفُ.

  وِأَقْشَعُوا: تَفَرَّقُوا. وهذا قَدْ تَقَدَّم للمُصَنِّفِ، ومَرَّ شاهِدُه من قَوْلِ العَبّاسِ ¥، فهو تَكْرَار.

  وِأَقْشَعُوا عن الماءِ: أَقْلَعُوا، وهو مَجَازٌ.

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه:

  القُشَاعُ، بالضَّمِّ: داءٌ يُوْبِسُ⁣(⁣٢) الإِنْسَانَ.

  وِالقِشَاعُ، بالكَسْرِ: رُقْعَةٌ تُوضَعُ على النِّجَاشِ عندَ خَرْزِ الأَدِيمِ.

  وِانْقَشَع عنه الشَّيْءُ، وتَقَشَّعَ: غَشِيَه ثُمَّ انْجَلَى عَنْه،


(١) في التكملة: قال أبو محمد الفقعسي، ويقال عكاشة بن أبي مسعدة.

(٢) في المحكم: يُويس جلد الإنسان.