تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

«فصل الراء المهملة»

صفحة 32 - الجزء 2

  فَمَا إِنْ وَجْدُ مِقْلَاتٍ رَقُوبٍ ... بِوَاحِدِهَا إِذَا يَغْزُو تُضِيفُ⁣(⁣١)

  قال: وهذا نحوْ قولِ⁣(⁣٢) الآخَر: إِنَّ المَحْرُوبَ مَنْ حُرِبَ دِينَهُ، ولَيْسَ هَذَا أَن يَكُونَ مَنْ سُلِبَ مَالَه ليسَ بمَحْرُوبٍ⁣(⁣٣).

  وأُمُّ الرَّقُوبِ مِنْ كُنَى الدَّاهِيَةِ.

  والرَّقَبَةُ، مُحَرَّكَةً: العُنُقُ أَوْ أَعْلَاهُ أَوْ أَصْلُ مُؤَخَّرِهِ ويُوجَدُ في بَعْضِ الأُمَّهَاتِ أَوْ مُؤَخَّر أَصْلِهِ ج رِقَابٌ وَرَقَبٌ مُحَرَّكَةً وأَرْقُبٌ على طَرْحِ الزَّائِدِ، حَكَاهُ ابنُ الأَعْرَابِيّ، ورَقَبَاتٌ.

  والرَّقَبَةُ المَمْلُوكُ، وأَعْتَقَ رَقَبَةً أَي نَسَمَةً، وفَكَّ رَقَبَةً: أَطْلَقَ أَسيراً، سُمِّيت الجُمْلَةُ باسْمِ العُضْوِ لِشَرَفِهَا، وفي التنزيل {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ}⁣(⁣٤) إِنهم المُكَاتَبُونَ، كذا في التهذيب، وفي حديث قَسْمِ الصَّدَقَاتِ {وَفِي الرِّقابِ} يريدُ المُكَاتَبِينَ مِن العَبيدِ يُعْطَوْنَ نَصِيباً مِن الزَّكَاةِ يَفكُّونَ به رِقَابَهُمْ ويَدْفَعُونَه إِلى مَوَالِيهِم، وعن الليثِ: يُقَالُ: أَعْتَقَ الله رَقَبَتَهُ، وَلَا يُقَالُ: أَعْتَقَ اللهُ عُنُقَهُ، وفي الأَسَاس: ومن المجاز: أَعْتَقَ اللهُ رَقَبَتَهُ، وأَوْصَى بِمَالِهِ في الرِّقَابِ، وقال ابنُ الأَثِيرِ: وقد تَكَرَّرَتِ الأَحاديثُ في ذِكْرِ الرَّقَبَةِ وعِتْقِهَا وتَحْرِيرِهَا وفَكِّهَا، وهي في الأَصْلِ: العُنُقُ، فجُعِلَتْ كِنَايَةً عن جَمِيعِ ذَاتِ الإِنْسَانِ، تَسْمِيَةً للشَّيْءِ⁣(⁣٥) بِبَعْضِه، فَإِذا قالَ: أَعْتِقْ⁣(⁣٦) رقَبَةً، فكأَنَّه قال أَعْتِقْ⁣(⁣٦) عَبْداً أَو أَمَةً، ومنه قَوْلُهُم: ذَنْبُهُ في رَقَبَتِه، وفي حديث ابن سِيرينَ «لَنَا رِقَابُ الأَرْضِ» أَي نَفْسُ الأَرْضِ، يَعْنِي ما كان من أَرْضِ الخَرَاجِ فهو للمُسْلِمِينَ ليس لأَصحابِه الذين كانوا فيه قَبْلَ الإِسلام شيْءٌ لأَنها فُتِحَتْ عَنْوَةً، وفي حديث بِلالٍ «والرَّكَائِب المُنَاخَة، لَكَ رِقَابُهُنَّ وَمَا عَلَيْهِنَّ» أَيْ ذَواتُهُنَّ وأَحْمَالُهُنَّ.

  ومِنَ المجازِ قَوْلُهُم: مَنْ أَنْتُمْ يَا رِقَابَ المَزَاوِدِ؟ أَيْ يَا عَجَمُ، والعَرَبُ تُلَقِّبُ العَجَمَ بِرِقَابِ المَزَاوِدِ، لأَنَّهُمْ حُمْرٌ.

  ورَقَبَةُ: اسْمٌ والنِّسْبَةُ إِليه رَقَبَاوِيٌّ، قال سيبويهِ: إنْ سَمَّيْتَ بِرَقَبَة لَمْ تُضِفْ إِليه إِلَّا عَلَى القِياسِ.

  ورَقَبَةُ: مَوْلَى جَعْدَةَ، تَابِعِيٌّ عن أَبي هريرةَ، ورَقَبَةُ بنُ مَصْقَلَةَ بنِ رَقَبَةَ بنِ عبدِ الله بنِ خَوْتَعَةَ بنِ صَبرَةَ تَابِعُ التابِع وأَخُوهُ كَرِبُ بنُ مَصْقَلَةَ، كَانَ خَطِيباً كأَبِيهِ في زَمَنِ الحَجَّاجِ، وفي حاشية الإِكمال: رَوَى رَقَبَةُ عن أَنَسِ بنِ مالكٍ فيما قِيلَ، وثَابِتٍ البُنَانِيِّ وأَبِيهِ مَصْقَلَةَ، وعنه أَشْعَثُ بنُ سَعِيدٍ السَّمَّانُ وغيرُهُ، رَوَى له التِّرْمِذِيُّ وَمَلِيحُ بنُ رَقَبَةَ مُحَدِّثٌ شَيْخٌ لِمَخْلَدٍ الباقرْحيّ، وَفَاته عَبْدُ الله بنُ رَقَبَةَ العَبْدِيُّ، قُتِلَ يَوْمَ الجَمَلِ.

  والأَرْقَبُ: الأَسَدُ، لِغِلَظِ رَقَبَتِه، والأَرْقَبُ: الغَلِيظُ الرَّقَبَةِ، هو أَرْقَبُ بَيِّنُ الرَّقَبَةِ كالرَّقَبَانِيّ على غيرِ قياسِ، وقال سيبويه: هُوَ من نادِرِ مَعْدُولِ النَّسَبِ والرَّقَبَانِ، مُحَرَّكَتَيْن قال ابنُ دُريدٍ: يقال: رَجُلٌ رَقَبَانِيٌّ، ويقالُ لِلْمَرْأَةِ: رَقْبَاءُ، لَا رَقَبَانِيَّةٌ، ولا يُنْعَتُ⁣(⁣٧) به الحُرَّةُ والاسْمُ الرَّقَبُ مُحَرَّكَةً هو غِلَظُ الرَّقَبَةِ، رَقِبَ رَقَباً.

  وذُو الرُّقَيْبَةِ كَجُهَيْنَةَ: أَحَدُ شُعَرَاءِ العَرَبِ وهو لَقَبُ مَالِكٍ القُشَيْرِيِّ لأَنَّه كانَ أَوْقَصَ، وهو الذي أَسَرَ حَاجِبَ بنَ زُرَارَةَ التَّمِيمِيّ يَوْمَ جَبَلَةَ، كَذَا في لسان العرب⁣(⁣٨)، وفي المستقصى: أَنَّه أَسَرَاه ذُو الرُّقَيْبَةِ والزَّهْدَمَانِ، وأَنَّهُ افْتَدَى مِنْهُمْ بِأَلْفَيْ نَاقَةٍ وأَلْفِ أَسِيرٍ يُطْلِقُهُمْ لَهُمْ، وقد تَقَدَّم، وذُو الرُّقَيْبَة مالكُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ كَعْبِ بنِ زُهيْرِ بن أَبِي سُلْمَى المُزَنِيُّ أَحَد الشُّعَرَاءِ، وأَخْرَجَ البَيْهَقِيُّ حَدِيثَهُ في السُّنَنِ مِن طريقِ الحَجَّاجِ بنِ ذي الرُّقَيْبَةِ عَنْ أَبِيهِ عن جَدِّهِ في بَابِ مَنْ شَبَّبَ ولَمْ يُسَمِّ أَحَداً، واسْتَوْفَاهُ الأُدْفُوِيُّ في الإِمْتَاعِ وَرَقَبَانُ مُحَرَّكَةً: ع والأَشْعَرُ الرَّقَبَانُ: شَاعِرٌ واسْمُه عَمْرُو بنُ حَارِثَةَ.

  ومن المجاز: يقال: وَرِثَ فُلَانٌ مَالاً عَنْ رِقْبَةٍ، بالكَسْرِ، أَي عن كَلَالَة لم يَرِثْهُ عن آبَائِهِ وَوَرِثَ⁣(⁣٩) مَجْداً عن رِقْبَةِ، إذا لَمْ يَكُنْ آباؤُهُ أَمْجَاداً، قال الكُمَيْت:


(١) بالأصل «يصيف» وما أثبتناه عن غريب الهروي.

(٢) في غريب الحديث للهروي: الحديث.

(٣) زيد في غريب الهروي: إنما هو على تغليظ الشأن به يقول: إنما الحرب الأعظم أن يكون في الدين، وإن كان ذهاب المال قد يكون حرباً.

(٤) سورة التوبة الآية ٦٠.

(٥) عن النهاية، وبالأصل: الشيء.

(٦) في المطبوعة الكويتية: «أعتَقَ» وما أثبتناه يوافق النهاية واللسان.

(٧) اللسان: لا تنعت به.

(٨) ومثله في جمهرة ابن الكلبي وجمهرة ابن حزم وهو مالك بن سلمة بن قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة.

(٩) الأساس: وورث المجد عن رقْبة.