تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل القاف مع العين

صفحة 399 - الجزء 11

  يُفْهَمُ ذلِكَ مِنْ فَحْوَى الكَلامِ؛ لأَنَّه قَدْ أَحاطَ العِلْمُ بأَنّ السَّفِينَةَ مَتَى رُفِعَ قِلْعُها فإِنّها سائِرَةٌ، فهذا شَيءٌ حَصَلَ من جِهَةِ المَعْنَى، لا مِنْ جِهَةِ أَنَّ اللَّفْظَ يَقْتَضِي ذلِكَ، وكَذلِكَ إِذا قُلْتَ: أَقْلَعَ أَصْحابُ السُّفُنِ، وأَنْتَ تُرِيدُ أَنَّهُم سارُوا مِنْ مَوْضِعٍ إِلى آخَرَ، وإِنَّمَا الأَصْلُ فِيهِ: أَقْلَعُوا سُفُنَهُمْ، أَيْ رَفَعُوا قِلاعَهَا، وقَدْ عُلِم أَنَّهُم مَتَى رَفَعُوا قِلاعَ سُفُنِهِم فإِنَّهُم سائِرُونَ، وإِلّا فلَيْسَ يُوجَدُ في اللُّغَةِ أَنَّهُ يُقَالُ: أَقْلَعَ الرَّجُلُ: إِذا سارَ، وإِنَّما يُقَالُ: أَقْلَعَ عَنِ الشَّيْءِ: إِذا كَفَّ عَنْه، ويُقَالُ: أَقْلَعْتُ السَّفِينَةَ: إِذا رَفَعْتَ قِلْعَها عِنْدَ المَسِيرِ، ولا يُقَالُ: أَقْلَعَتِ السَّفِينَةُ؛ لأَنَّ الفِعْلَ لَيْسَ لَها، وإِنَّمَا هُو لِصَاحِبِها.

  وِقالَ ابنُ عَبّادِ: أَقْلَعَ فُلانٌ: إِذا بَنَى قَلْعَةً، وفي اللِّسَانِ: أَقْلَعُوا بِهذِهِ البِلادِ إِقْلاعاً: بَنَوْها فَجَعَلُوهَا كالقَلْعَةِ.

  وِقالَ أَبو سَعِيدٍ: غَرَضُ المُقَالَعَةِ: هو أَوَّلُ الأَغْرَاضِ الَّتِي تُرْمَى، وهُوَ الَّذِي يَقْرُبُ من الأَرْضِ فَلا يَحْتَاجُ الرّامِي إِلَى أَنْ يَمُدَّ بهِ اليَدَ مَدّاً شَدِيداً، ثُمَّ غَرَضُ الفُقْرَةِ، وقد ذُكِرَ في مَوْضِعِه.

  وِقالَ سِيبَوَيْهٌ: اقْتَلَعَه: اسْتَلَبَهُ.

  * وممّا يُسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ:

  رُمِيَ فُلانٌ بقُلاعَةٍ، كثُمامَةٍ: أَي بحُجَّةٍ تُسْكِتُهُ، وهُوَ مَجَازٌ.

  وِالمَقْلُوعُ: البَعِيرُ السّاقِطُ مَيِّتاً.

  وِالمَقْلُوعُ: المُنْتَزَعُ.

  وِانْقَلَع المالُ إِلَى مالِكِه: وَصَلَ إِلَيْهِ من يَدِ المُسْتَعِيرِ.

  وشَيْخٌ قَلِعٌ، ككَتِفٍ: يَتَقَلَّعُ إِذا قامَ، وأَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ:

  إِنِّي لأَرْجُو مُحْرِزاً أَنْ يَنْفَعَا ... إِيّايَ لما صِرْتُ شَيْخاً قَلِعَا

  وَتَقَلَّعَ في مَشْيِه: مَشَى كَأَنَّهُ يَنْحَدِرُ، وفي الحَدِيثِ، في صِفَتِه ÷: «أَنَّه كانَ إِذا مَشَى تَقَلَّعَ» قَالَ الأَزْهَرِيُّ: هو كقَوْلِهِ: كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ في صَبَبٍ، وقالَ ابنُ الأَثِيرِ⁣(⁣١): أَرادَ أَنَّه كان يَسْتَعْمِلُ التَّثَبّتَ، ولا يَبِينُ⁣(⁣٢) منهُ في هذه الحالِ اسْتِعْجَالٌ ومُبَادَرَةٌ شَدِيدَةٌ، ويُرْوَى في حَدِيثِ هِنْدِ بنِ أَبِي هالَةَ - الَّذِي ذُكِرَ -: «إِذا زالَ زالَ قَلْعاً» بالفَتْحِ، هُوَ مَصْدَرٌ بمَعْنَى الفَاعِلِ، أَي يَزُولُ قالِعاً لرِجْلِه من الأَرْضِ.

  وِأَقْلَعَ الشَّيْءُ: انْجَلَى.

  وِالمُقْلَعُ، كمُكْرَمٍ: مَنْ لَمْ تُصِبْهُ السَّحَابَةُ، وبه فَسَّرَ السُّكَّرِيُّ قَوْلَ خالِدِ بنِ زُهَيْرٍ:

  فأَقْصِرْ ولَمْ تَأْخُذْكَ مِنّي سَحَابَةٌ ... يُنَفِّرُ شاء المُقْلَعِينَ خَواتُها

  وِالقُلُوعُ، بالضَّمِّ: اسمٌ من القُلاع⁣(⁣٣)، ومنه قَوْلُ الشّاعِرِ:

  كأَنَّ نَطاةَ خَيْبَرَ زَوَّدَتْهُ ... بَكُورَ الوِرْدِ رَيِّثَةَ القُلُوعِ⁣(⁣٤)

  وِانْقَلَعَ البَعِيرُ، كانْخَرَعَ.

  وِالقَوْلَعُ، كجَوْهَرٍ: كِنْفُ الرّاعي.

  وِالقَوْلَعُ: طائِرٌ أَحْمَرُ الرِّجْلَيْنِ، كأَنّ رِيشَه شَيْبٌ مَصْبُوغٌ، ومِنْهَا ما يَكُونُ أَسْوَدَ الرَّأْسِ وسائِرُ خَلْقِه أَغْبَر، وهُوَ يُوَطْوِطُ، حَكَاها كُراعٌ في «باب فَوْعَلٍ».

  ويُقَالُ: تَرَكْتُه عَلَى مِثْلِ مَقْلَعِ الصَّمْغَةِ: إِذا لَمْ يَبْقَ له شَيْءٌ إِلَّا ذَهَبَ، وقولُهُم: لأَقْلَعَنَّكَ قَلْعَ الصَّمْغَةِ، أَي: لأَسْتَأْصِلَنَّكَ.

  وقَلَّاعٌ، كشَدَّادٍ: اسمُ رَجُلٍ، عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ، وأَنْشَدَ:

  لَبِئْسَ ما مارَسْتَ يا قَلّاعُ ... جِئْتَ بهِ فِي صَدْرِه اخْتِضاعُ

  والْمِقْلاعُ، كمِحْرَابٍ: الَّذِي يُرْمَى بهِ الحَجَرُ.

  ويُقَال: اسْتَعْمَلَ عليهِم فُلاناً، فقَلَعَهُم ظُلْماً وإِجْحَافاً، وهُوَ مَجَازٌ.

  وِقَلْعَةُ أَلَمُوت، بالشّامِ، وهي قَلْعَةُ أَبِي الحَسَنِ الَّتِي ذَكَرَهَا المُصَنِّفُ، وقد تَقَدَّمَ.


(١) هذا من قول ابن الأنباري كما نقله الهروي عنه، ونقله أيضاً ابن الأثير في النهاية.

(٢) في غريب الهروي: ولا يتبيّن.

(٣) الأصل واللسان، وفي التهذيب: من الإقلاع.

(٤) البيت للشماخ، في ديوانه ص ٥٧.