تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل القاف مع العين

صفحة 398 - الجزء 11

  يا قُلْعَةً ما أَتَتْ قَوْماً بمَرْزِئَةِ ... كانُوا شِرَاراً وما كانُوا بأَخْيارِ

  وقد تَقَدَّمَ في كَلامِ المُصَنِّف قَرِيباً، فهو تَكْرَارٌ.

  وِالقُلْعَةُ: ما يُقْلَعُ من الشَّجَرَةِ، كالأُكْلَةِ نَقَلَه الصّاغَانِيُّ.

  وِيُقَالُ: مَنْزِلُنَا مَنْزِلُ قُلْعَةٍ، رُوِيَ بالضمِّ أَيْضاً، وبضَمَّتَيْنِ، وكهُمَزَةٍ، أَي: ليسَ بِمُسْتَوْطِنٍ، أَو مَعْنَاهُ: لا نَمْلِكُه، أَوْ لا نَدْرِي مَتَى نَتَحَوَّلُ عَنْهُ، والمَعَانِي الثَّلاثَةُ مُتَقَارِبَةٌ، وكُلُّ ذلِكَ مجازٌ.

  وِمِنَ المَجَازِ: شَرُّ المَجَالِسِ مَجْلِسُ قُلْعَةِ: إِذا كانَ يَحْتَاجُ صاحِبُه إِلَى أَنْ يَقُومَ لِمَنْ هُوَ أَعَزُّ مِنْه مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، و في حَدِيثِ عَليٍّ، ¥: «أُحَذِّرُكُم الدُّنْيَا فإِنّهَا دَارُ قُلْعَةٍ» وفي رِواية: «مَنْزِلُ قُلْعَةٍ» أَي: انْقِلاعٍ وتَحَوُّلٍ، وهُوَ مَجَازٌ.

  وِيُقَالُ: هُوَ عَلَى قُلْعَةٍ، أَي: رِحْلَةٍ.

  وِفي حَدِيثِ هِنْدِ بنِ أَبِي هَالَةَ ¥ في صِفَتِه ÷: «إِذَا زالَ زالَ قُلْعاً» رُوِيَ هذا الحَرْفُ بالضَّمِّ، وبالتَّحْرِيكِ، وككَتِفٍ، الأَخِيرُ رَواهُ ابنُ الأَنْبَارِيِّ في غَرِيبِ الحَدِيثِ، كما حَكاهُ ابنُ الأَثِيرِ عَنِ الهَرَوِيِّ، وأَمَّا بالضمِّ فهُوَ إِمَّا مَصْدَرٌ أَو اسمٌ، وأَمّا بالتَّحْرِيكِ فهُوَ مَصْدَرُ قَلِعَ القَدَمُ: إِذا لم يَثْبُتْ، والمَعْنَى واحِدٌ، قِيلَ: أَرادَ قُوَّةَ مَشْيهِ، أَيْ: إِذا مَشَى كانَ يَرْفَعُ رِجْلَيْهِ من الأَرْضِ رَفْعاً بائِناً⁣(⁣١)، لا كمَنْ يَمْشِي اخْتِيَالاً وتَنَعُّماً، ويُقَارِبُ خُطاهُ، فإِنَّ ذلِكَ مِنْ مَشْيِ النِّسَاءِ.

  وِالقُلاعُ، كغُرَابٍ: الطِّينُ الَّذِي يَتَشَقَّقُ إِذا نَضَبَ عَنْهُ الماءُ، الوَاحِدَةُ بِهاءٍ.

  وِأَيْضاً: قِشْرُ الأَرْضِ الّذِي يَرْتَفِعُ عَنِ الكَمْأَةِ، فَيَدُلُّ عَلَيْهَا، وهي القِلْفِعَةُ، يُخَفَّفُ ويُشَدَّدُ، الأَخِيرُ عن الفَرّاءِ.

  وِالقُلاعُ: داءٌ في الفَمِ والحَلْقِ، وقِيلَ: هُوَ داءٌ يُصِيبُ الصِّبْيانَ في أَفْوَاهِهِمْ.

  وِقالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ: القُلاعُ: أَنْ يَكُونَ البَعِيرُ بينَ يَدَيْكَ قائِماً صَحِيحاً فيَقَعُ مَيِّتاً، وكَذلِكَ الخُرَاعُ، وقالَ غيرُه: بَعِيرٌ مَقْلُوعٌ، وقد انْقَلَعَ.

  وِالقُلاعَةُ بهاءٍ: صَخْرَةٌ عَظِيمَةٌ مُتَقَلِّعَةٌ في فَضَاءٍ سَهْلٍ، وكَذلِكَ الحَجَرُ، أَو المَدَرُ يُقْتَلَعُ من الأَرْضِ فيُرْمَى بهِ، يُقَالُ: رماه بقُلاعَةٍ.

  وِالقُلّاعُ كرُمّانٍ: نَبْتٌ مِنَ الجَنْبَةِ وهو نِعْمَ المَرْتَعُ رَطْباً كانَ، أَويابِساً، قالَهُ ابنُ الأَعْرَابِيِّ.

  وِالإِقْلاعُ عن الأَمْرِ: الكَفُّ عَنْهُ، يُقَال: أَقْلَعَ فُلانٌ عَمّا كانَ عليهِ، أَي: كَفَّ عنه، وهو مَجَازٌ، وفي الحَدِيثِ: «أَقْلِعُوا عَنِ المَعَاصِي قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَكُمُ الله» أَي: كُفُّوا عَنْهَا واتْرُكُوا، وبه فُسِّرَ قَوْلَه تَعالَى: {وَيا سَماءُ أَقْلِعِي}⁣(⁣٢) أَي أَمْسِكِي عن المَطَرِ، كالمُقْلَعِ، كمُكْرَمٍ، قال الحادِرَةُ:

  ظَلَمَ البِطاحَ لَه انْهِلالُ حَرِيصَةٍ ... فصَفَا النِّطافُ له بُعَيْدَ المُقْلَعِ

  أَي: بُعَيْدَ الإِقْلاعِ.

  وِأَقْلَعَتْ عَنْهُ الحُمَّى: تَرَكَتْهُ وكَفَّتْ عنهُ، وهو مَجَازٌ.

  وِأَقْلَعَتِ الإِبِلُ: خَرَجَتْ مِنْ كَذا في النُّسَخِ، ونَصُّ الجَمْهَرَةِ: عن إِثْناءٍ إِلى إِرْباعٍ نَقَلَه ابنُ دُرَيْدِ.

  وِأَقْلَعَ السَّفِينَةَ: رَفَعَ شِرَاعَها، أَو عَمِلَ لَهَا قِلاعاً، أَو كَساهَا إِيّاهُ، وقالَ اللَّيْثُ: أَقْلَعْتُ السَّفِينَةَ: رَفَعْتُ قِلْعَها، أَي: شِرَاعَها، وأَنْشَدَ:

  مَواخِرٌ في سَوَاءِ الْيَمِّ مُقْلَعَةٌ ... إِذا عَلَوْا ظَهْرَ قُفٍّ ثُمَّتَ انْحَدَرُوا

  قال [الليث]⁣(⁣٣) شَبَّهَها بالقَلْعَةِ في عِظَمِهَا وشِدَّةِ ارْتِفَاعِها، تَقُول: قد أُقْلِعَتْ، أَي: جُعِلَتْ كأَنَّهَا قَلْعَةٌ. قالَ الأَزْهَرِيُّ: أَخْطَأَ اللَّيْثُ التَّفْسِيرَ، ولم يُصِبْ، ومَعْنَى السُّفُنِ المُقْلِعَةِ: الَّتِي مُدَّتْ⁣(⁣٤) عليها القِلاعُ، وهِي الشِّراعُ والجِلال الَّتِي [إذا رُفعت]⁣(⁣٥) تَسُوقُهَا الرِّيحُ بِهَا، وقالَ ابنُ بَرِّي: ولَيْسَ في قَوْلِه: «مُقْلَعَةٌ» ما يَدُلُّ على السَّيْرِ من جِهَةِ اللَّفْظِ، وإِنَّمَا


(١) في النهاية: «رفعاً قوياً» وفي التهذيب: أراد أنه كان يقلّ قدمه على الأرض إقلالاً بائناً ويباعد بين خطاه.

(٢) سورة هود الآية ٤٤.

(٣) زيادة عن اللسان، والكلام الآتي يؤيد ما أثبتناه.

(٤) في التهذيب: سوِّيت.

(٥) زيادة عن التهذيب.