فصل القاف مع العين
  أَمالَها للمَرْتَعِ، وكَذَا لِمَأْواها.
  وِأَقْنَعَ فُلاناً: أَحْوَجَهُ، وسَأَلَ أَعْرَابِيٌّ قَوْماً، فَلَمْ يُعْطُوهُ، فقالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ لّذِي أَقْنَعَنِي إِلَيْكُم، أَي: أَحْوَجَنِي إِلَى أَنْ أَقْنَعَ إِلَيْكُم، وهُو ضِدٌّ.
  وِيُقَال: فَمٌ مُقْنَعٌ، كمُكْرَمٍ: أَسْنَانُه مَعْطُوفَةٌ إِلى داخِلٍ، يُقَالُ: رَجُلٌ مُقْنَعُ الفَمِ، قالَ الأَصْمَعِيُّ: وذلِكَ القَويُّ الَّذِي يُقْطَعُ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ فإِذا كانَ انْصِبابُهَا إِلى خَارِج فهُوَ أَرْفَقُ(١)، وذلِكَ ضَعِيفٌ لا خَيْرَ فيهِ، قالَ الشَّمّاخُ يَصِفُ إِبِلاً:
  يُبَاكِرْنَ العِضاهَ بمُقْنَعات ... نَوَاجِذُهُنَّ كالحِدَإِ الوَقِيعِ
  وقالَ ابنُ ميادَة يَصِفُ الإِبِل أَيْضاً:
  تُبَاكِرُ العِضاةَ قَبْلَ الإِشْراقْ ... بِمُقْنَعاتٍ كقِعابِ الأَوْرَاقْ
  يَقُولُ: هِيَ أَفْتَاءٌ، فأَسْنانُهَا بِيضٌ.
  وِأَمّا قَوْلُ الرّاعِي النُّمَيْريِّ، - وهُوَ مِنْ بَنِي قَطَنِ بنِ رَبِيعَةَ بنِ الحَارِث بن نُمَيْر -:
  زجِلَ الحُداءِ كأَنَّ فِي حَيْزُومِه ... قَصَباً وَمُقْنِعَةَ الحَنِينِ عَجُولَا
  (٢) فإِنَّهُ يُرْوَى بفَتْحِ النُّونِ، ويُرَادُ بِهَا النّايُ؛ لأَنَّ الزّامِرَ إِذا زَمَرَ أَقْنَعَ رَأْسَه هكذا زَعَم عُمَارَةُ بنُ عَقِيل، فقِيل له: قَدْ ذَكرَ القَصَبَ مَرَّةً، فقال: هيَ ضُرُوبٌ، ورَوَاهُ غيرُه بكَسْرِها، ويُرَادُ بِها ناقَةٌ رَفعَتْ حَنِينَها، أَرَادَ وصَوْتَ مُقْنِعَة فحَذَف الصَّوْت، وأَقام مُقْنِعَةَ مُقَامَه، وقِيلَ: المُقْنِعَةُ: المَرْفُوعَةُ، والعَجُولُ: الّتِي أَلْقَتْ وَلَدَهَا بغير تَمام.
  وِقَنَّعَهُ تَقْنِيعاً: رَضَّاهُ، ومنه الحَدِيثُ: «طُوبَى لِمَنْ هُدِيَ للإِسْلامِ، وكانَ عَيْشُه كفَافاً، وقُنِّعَ به» كذا رَوَاهُ إِبْراهِيمُ الحَرْبِيُّ. قلتُ: ومنه أَيْضاً حَدِيثُ الدُّعَاءِ: «اللهُمَّ قَنِّعْنِي بما رَزَقْتَنِي». وقَنَّعَ المَرْأَةَ: أَلْبَسَهَا القِنَاعَ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ. وقَنَّعَ رَأْسَه بالسَّوْطِ: غَشَّاهُ بهِ ضَرْباً، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وكذا بالسَّيْفِ والعَصَا، ومنه حَدِيثُ عُمَرَ ¥: «أَنَّ أَحَدَ وُلاتِه كَتَبَ إِلَيْهِ كِتَاباً لَحَنَ فيهِ، فكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: أَنْ قَنِّعْ كَاتِبَك سَوْطاً» وهُوَ مَجَازٌ.
  وِقَنَّعَ الدِّيكُ: إِذا رَدَّ بُرائِلَه إِلَى رَأْسِه نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ:
  وِلا يَزَالُ خَرَبٌ مُقَنَّعُ ... بُرَائِلاهُ، والجَنَاحُ يَلْمَعُ(٣)
  قلتُ: وقد تَبِعَ الجَوْهَرِيُّ أَبا عُبَيْدَة في إِنْشَادِه هكَذا، وهو غَلَطٌ، والصَّوابُ أَنَّه مِنْ أُرْجُوزَةٍ مَنْصُوبَةٍ، أَنْشَدَهَا أَبو حاتِمٍ في كِتابِ الطَّيْرِ، لغَيْلَانَ بنِ حُرَيْثِ من أَبْيَاتٍ أَوَّلُهَا:
  شَبَّهْتُه لَمّا ابْتَدَرْنَ المَطْلَعَا
  ومِنْهَا:
  فلا يَزَالُ خَرَبٌ مُقَنِّعا ... بُرَائِلَيْهِ وجَناحاً مُضْجَعَا(٤)
  وقد أَنْشَدَه الصّاغَانِيُّ في العُبَاب على وَجْهِ الصَّواب.
  وِمن المَجَازِ: رَجُلٌ مُقَنَّعٌ، كمُعَظَّمٍ: مُغَطًّى بالسِّلاحِ، أَو عَلَيْهِ - أَي عَلَى رَأْسِه - مِغْفَرٌ، وبَيْضَةُ الحَدِيدِ، وهِيَ الخُوذَةُ: لأَنَّ الرَّأْسَ مَوْضِعُ القِنَاعِ، وفِي الحَدِيثِ: «أَنَّه ÷ زارَ قَبْرَ أُمِّهِ في أَلْفِ مُقَنَّعٍ» أَي في أَلفِ فارِسِ مُغَطًّى بِالسِّلاحِ.
  وِتَقَنَّعَتِ المَرْأَةُ: لَبِسَتِ القِنَاعَ، وهُوَ مُطَاوِعُ قَنَّعْتُهَا.
  وِمن المَجَازِ: تَقَنَّعَ فُلانٌ، أَيْ: تَغَشَّى بثَوْبٍ، ومنهُ قَوْلُ مُتمِّمِ بنِ نُوَيْرَةَ ¥ يَصِفُ الخَمْرَ:
  أَلْهُو بِها يَوْماً وأُلْهِي فِتْيَةً ... عَنْ بَثِّهِمْ إِذْ أُلْبسُوا وتَقَنَّعُوا
(١) في التهذيب واللسان «أدفق».
(٢) ديوانه ص ٢٢١ وانظر تخريجه فيه.
(٣) البرائل الذي يرتفع من ريش الطائر فيستدير في عنقه. والرجز لحميد الأرقط كما في اللسان «برأل» أما هنا فلم يعزه. قال ابن بري: الرجز منصوب والمعروف في رجزه:
فلا يزال خرب مقنعا ... برائليه وجناحا مضجعا
أطار عنه الزغب المنزعا ... ينزع حبات القلوب اللمعا
(٤) بالأصل «برائلا جناحه» والمثبت عن اللسان «برأل».