تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل القاف مع العين

صفحة 411 - الجزء 11

  قالَ الصّاغَانِيُّ - في آخِرِ هذا الحَرْفِ -: والتَّرْكِيبُ يَدُلُّ على الإِقْبالِ عَلَى الشَّيْءِ، ثُمَّ تَخْتَلِفُ مَعَانِيه مَعَ اتِّفاقِ القِيَاس، وعَلَى اسْتِدَارَةٍ في شَيْءٍ، وقد شَذَّ عن هذا التَّرْكِيبِ الإِقْنَاعُ: ارْتِفَاعُ ضَرْعِ الشّاةِ ليسَ فِيه تَصَوُّبٌ، وقد يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ هذا أَصْلاً ثالِثاً، ويُحْتَجُّ فِيهِ بقَوْلهِ تَعالَى: {مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ}⁣(⁣١) قالَ أَهْلُ التَّفْسِير: أَي رافِعِي رُؤُوسِهِم.

  * وممَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه:

  رَجُلٌ قُنْعَانِيٌّ، بالضَّمِّ، كقُنْعَانٍ: يُرْضَى برَأْيِه.

  وهو قُنْعَانٌ لَنَا مِنْ فُلانٍ، أَي: بَدَلٌ مِنْهُ، يكونُ ذلِكَ في الذَّمِّ، وفي غَيْرِهِ، قالَ الشّاعِرُ:

  فقُلْتُ له: بُؤْ بامْرئٍ لَسْتَ مِثْلَهُ ... وِإِنْ كُنْتَ قُنْعاناً لِمَنْ يَطْلُبُ الدَّمَا

  ورَجُلٌ قُنْعَانٌ: يَرْضَى باليَسِيرِ.

  وِالقُنُوعُ بالضمِّ: الطَّمَعُ والمَيْلُ، وبه سُمِّيَ السّائِلُ قانِعاً؛ لِمَيْلهِ عَلَى النّاسِ بالسُّؤالِ، كمَا قِيلَ: المِسْكِينُ؛ لسُكُونهِ إِلَيْهِم.

  ويُقَال: من القَنَاعَةِ أَيْضاً: تَقَنَّعَ واقْتَنَعَ، قالَ هُدْبَةُ:

  إِذا القَوْمُ هَشُّوا لِلفَعالِ تَقَنَّعَا

  وِقَنِعْتُ إِلى فُلانِ، بكَسْر النُّونِ: خَضَعْتُ لَهُ، والْتَزَقْتُ بهِ، وانْقَطَعْتُ إِلَيْهِ، عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ.

  وِالقَانِعُ: خادِمُ القَوْمِ، وأَجيرُهُم.

  وحَكَى الأَزْهَرِيُّ عن أَبِي عُبَيْدٍ: القانِعَ: الرَّجُلُ يَكُونُ مَعَ الرَّجُلِ يَطْلُبُ فَضْلَه، ولا يَطْلُبُ مَعْرُوفَه⁣(⁣٢).

  وِأَقْنَعَ الرَّجُلُ بيَدَيْهِ في القُنُوتِ: مَدَّهُمَا، واسْتَرْحَمَ رَبَّه، مُسْتَقْبِلاً بِبُطُونِهِمَا وَجْهَه، ليَدْعُوَ.

  وِأَقْنَع فُلَانٌ الصَّبِيَّ فَقَبَّلَه، وذلِكَ إِذا وَضَعَ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى فَأْسِ قَفَاهُ، وجَعَلَ الأُخْرَى تَحْتَ ذَقَنِه، وأَمالَهُ إِلَيْهِ فقَبَّلَه.

  وِأَقْنَعَ حَلْقَه وفَمَه: رَفَعَهُ لاسْتِيفَاءِ ما يَشْرَبُه مِنْ ماءٍ أَوْ لَبَنٍ، أَو غَيْرِهِمَا، قالَ الشّاعِرُ:

  يُدَافِعُ حَيْزُومَيْهِ سُخْنُ صَرِيحِها ... وِحَلْقاً تَرَاهُ للثُّمالَةِ مُقْنَعَا⁣(⁣٣)

  وِالإِقْناعُ: أَنْ يُقْنِعَ البَعِيرُ رَأْسَهُ إِلى الحَوْضِ للشُّرْبِ وهو مَدُّ رَأْسِه.

  قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وقيل: الإِقْنَاعُ من الأَضْدادِ، يكونُ رَفْعاً، ويَكُونُ خَفْضاً.

  وفي العُبَابِ: الإِقْنَاعُ أَيْضاً: التَّصْوِيبُ، ومنه رِوَايَةُ مَنْ رَوَى: «أَنَّه كان إِذا رَكَعَ لم يُشْخِصْ⁣(⁣٤) رَأْسَه، ولَمْ يُقْنِعْه».

  وِالمُقْنَعُ من الإِبِلِ، كمُكْرَمٍ: الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَه خِلْقَةً، قالَ:

  لمُقْنَعٍ⁣(⁣٥) فِي رَأْسِه جُحَاشِرِ

  ونَاقَةٌ مُقْنَعَةُ الضَّرْعِ: الَّتِي أَخْلافُهَا تَرْتَفِعُ إِلَى بَطْنِها.

  وِأَقْنَعْتَ الإِنَاءَ في النَّهْرِ: اسْتَقْبَلتَ به جَرْيَتَه ليَمْتَلِئَ، أَوْ أَمَلْتَه لتَصُبَّ ما فِيهِ.

  ويُقَال: قَنَعْتُ رَأْسَ الجَبَلِ، وقَنَّعْتُه: إِذا عَلَوْتَه.

  وِالقَنَعَةُ، مُحَرَّكَةً: ما نَتَأَ مِنْ رَأْسِ الإِنْسَانِ.

  وِالقِنْعُ، بالكَسْرِ: ما بَقِيَ من الماءِ في قُرْبِ الجَبَلِ، والكافُ لُغَةٌ.

  وِأَقْنَعَ الرَّجُلُ صَوْتَه: رَفَعَه، وهو مَجَازٌ.

  ويُقَال: أَلْقَى عَنْ وَجْهِه قِناعَ الحَيَاءِ، على المَثَلِ وكذا: قَنَّعَهُ الشَّيْبُ خِمَارَهُ: إِذا عَلاهُ الشَّيْبُ، وقالَ الأَعْشَى:

  وِقَنَّعَهُ الشَّيْبُ مِنْه خِمَارَا⁣(⁣٦)

  ورُبَّما سَمَّوا الشَّيْبَ قِنَاعاً لِكَوْنه مَوْضِعَ القِنَاعِ من الرَّأْسِ، أَنْشَدَ ثَعْلَبٌ:


(١) سورة إبراهيم الآية ٤٣.

(٢) في اللسان: «ولا يسأله معروفه» وفي التهذيب: «ويسأل معروفه».

(٣) نسب بحواشي المطبوعة الكويتية لابن عتاب الطائي.

(٤) في اللسان: «لا يصوب رأسه ولا يقنعه».

(٥) في التهذيب برواية: بمقُنَع من رأسه.

(٦) ديوانه وصدره فيه:

تبدّل بعد الصِّبا حكمةً