تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[كرتع]:

صفحة 419 - الجزء 11

  وِكَرِع كَرَعاً: سارَ فِي الكُرَاعِ مِنَ الحَرَّةِ وسَيَأْتِي مَعْنَاهُ.

  وِكَرِع الرَّجُلُ بطِيبٍ فَصَاكَ بهِ، أَي: تَطَيَّبَ بِطِيبٍ فلَصِقَ بهِ.

  وِكَرِعَت المَرْأَةُ إِلَى الرَّجُلِ: اشْتَهَتْ إِليهِ، وأَحَبَّتِ الجِمَاع فهِيَ كَرِعَةٌ، وقد تَقدَّمَ، وهو مَجَازٌ، قالَ الزَّمَخْشَريُّ: لأَنَّهَا تَمُدُّ إِلَيْهِ عُنُقَهَا، فِعْلَ الكارِع طُمُوحاً.

  وَكَرِعَ في الماءِ، أَو في الإِناءِ، كمَنَعَ وهو الأَكْثَرُ وفِيهِ لُغَةٌ ثانِيَةٌ: كَرِعَ، مثل سَمِعَ كَرْعاً، بالفَتْح، وكُرُوعاً، بالضَّمِّ: تَنَاوَلَه بفِيهِ من مَوْضِعِه مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْرَبَ بِكَفَّيْهِ ولا بإِناءٍ، وقِيلَ: هو أَنْ يَدْخُل النَّهْرَ، ثُمَّ يَشْرَبَ، وقِيلَ: هُوَ أَنْ يُصَوِّبَ رَأْسَه في الماءِ وإِن لَمْ يَشْرَبْ، وفي حَدِيثِ عِكْرِمَةَ: «أَنّه كَرِهَ الكَرْعَ في النَّهْرِ»: وكُلُّ شَيْءٍ شَرِبْتَ مِنْهُ بفِيك - من إِناءٍ أَو غَيْرِه - فَقَدْ كَرَعْتَ، ويُقَالُ: اكْرَعْ فِي هذا الإِناءِ نَفَساً أَو نَفَسَيْنِ وقِيلَ كَرَعَ في الإِناءِ إِذا أَمالَ نَحْوَه عُنُقَه، فَشَرِبَ مِنْهُ، والأَصْلُ فيهِ شُرْبُ الدَّوابِّ بفِيها؛ لأَنَّها تُدْخِلُ أَكارِعَها فِيه، أَوْ لا تَكادُ تَشْرَبُ إلّا بإِدْخَالِها فِيه.

  وِالكارِعَاتُ: النَّخِيلُ الَّتِي عَلَى، وفي بعضِ نُسَخِ الصِّحاحِ: حَوْل الماءِ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ عن أَبي عُبَيْد، وهو مَجَازٌ، كأَنَّهَا شَرِبَتْ بعُرُوقِها، قالَ لَبِيدٌ يَصِفُ نَخْلاً نابِتاً عَلَى الماءِ:

  يَشْرَبْنَ رِفْها عِراكاً غَيْرَ صادِرَةٍ ... فكُلُّها كارِعٌ فِي الماءِ مُغْتَمِرُ

  وِقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: كُلُّ خائِضِ ماءٍ: كارعُ، شَرِبَ أَو لَمْ يَشْرَبْ.

  وِقالَ أَيْضاً: يُقَالُ: رَمَاهُ، أَي الوَحْشَ، فكَرَعَه، كمَنَعَه: إِذا أَصَابَ كُراعَهُ.

  وِالكَرّاعُ كشَدَّادٍ: مَنْ يُخَادِنُ، وفي بعضِ الأُصُول مَن يُحَادِثُ السِّفَلَ⁣(⁣١) مِنَ النّاسِ.

  وِالكَرّاعُ أَيْضاً: مَنْ يَسْقي مالَه بالكَرَعِ، أَي بماءِ السَّمَاءِ في الغُدْرانِ. والكَرِيعُ، كأَمِيرٍ: الشّارِبُ مِنَ النَّهْرِ بيَدَيْهِ إِذا فَقَدَ الإِنَاءَ، قالَهُ أَبو عَمْرٍو، وأَمّا الكارِعُ: فهُو الَّذِي رَمَى بفَمِه في الماءِ.

  وِالكُرَاعُ كغُرَابٍ، مِنَ البَقَر والغَنَمِ: بمَنْزِلَةِ الوَظِيفِ مِنَ الفَرَسِ، وهُوَ مُسْتَدِقُّ السّاقِ العَارِي عَنِ اللَّحْمِ، كما في العُبابِ، وفي الصِّحاحِ: بمَنْزِلَةِ الوَظِيفِ في الفَرَسِ والبَعِيرِ، وفي المُحْكَمِ: الكُرَاعُ من الإِنْسَانِ: ما دُونَ الرُّكْبَةِ إِلى الكَعْبِ، ومِنَ الدَّوابِّ: ما دُونَ الكَعْبِ، وقالَ ابنُ بَرِّيّ: وهُوَ مِنْ ذَوَاتِ الحافِرِ: ما دُونَ الرُّسْغ، قالَ: وقد يُسْتَعْمَلُ الكُرَاعُ أَيْضاً للإِبِلِ كا اسْتُعْمِلَ في ذَواتِ الحافِرِ، كما في شِعْر الخَنْسَاءِ⁣(⁣٢).

  فقامَتْ تَكُوسُ عَلَى أَكْرُعٍ ... ثَلاثٍ، وغادَرْتَ أُخْرَى خَضِيبَا

  فجَعَلَتْ لها أَكارِعَ أَرْبَعَةً، وهو الصَّحِيحُ عندَ أَهْلِ اللُّغَةِ في ذواتِ الأَرْبَعِ، قالَ: ولا يَكُونُ الكُرَاعُ فِي الرِّجْلِ دُونَ اليَدِ إِلّا فِي الإِنْسَانِ خاصَّةً، وأَمّا ما سِوَاهُ فيَكُونُ في اليَدَيْنِ والرِّجْلَيْنِ، وقالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُمَا مِمّا يُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ، قالَ: ولَمْ يَعْرِف الأَصْمَعِيُّ التَّذْكِيرَ، وقالَ مَرَّةً أُخْرَى: وهو مُذَكَّرٌ لا غَيْرُ، وقالَ سِيبَوَيْه: وأَمَّا كُراعُ فإِنَّ الوَجْهَ فيه تَرْكُ الصَّرْفِ، ومنَ العَرَبِ مَنْ يَصْرِفُه، يُشَبِّهُهُ بذِراعٍ، وهو أَخْبَثُ الوَجْهَيْنِ، يَعْنِي أَنَّ الوَجْهَ إِذا سُمِّيَ بهِ أَنْ لا يُصْرَفَ، لأَنَّه مُؤَنَّثٌ. سُمِّيَ به مُذَكَّرٌ، وفي الحَدِيثِ: «لَوْ دُعِيتُ إِلَى كُرَاعٍ لأَجَبْتُ، ولو أُهْدِيَ إِليَّ كُرَاعٌ أَو ذِرَاعٌ لقَبِلْتُ».

  وقالَ السّاجِعُ⁣(⁣٣):

  يا نَفْسُ لَنْ تُراعِي ... إِنْ قُطِعَتْ كُراعِي

  إِنَّ مَعِي ذِراعِي ... رَعَاكِ خَيْرُ راعِ

  ج: أَكْرُعٌ وقد تَقَدَّمَ شاهِدُه في قولِ الخَنْسَاءِ وأَكارِعُ وفي الصِّحاحِ: ثُمَّ أَكارعُ، كأَنَّهُ إِشارَةٌ إِلى أَنّه جَمْعُ


(١) هكذا ضبطت في القاموس والتهذيب، وضبطت في اللسان، بالقلم، بفتح فكسر.

(٢) كذا بالأصل واللسان وبهامشه «قوله الخنساء، كذا بالأصل هنا، وفي مادة كوس: قالت عمرة أخت العباس بن مرداس، وأمها الخنساء، ترثي أخاها وتذكر أنه كان يعرقب الإبل: فظلت تكوس على إلخ».

(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: الساجع، الظاهر أنه شعر من مجزوء الرجز لا نثر، ولعله نظر لما عليه بعضهم».