تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

«فصل الراء المهملة»

صفحة 37 - الجزء 2

  شَعَرِه أَوْ بِشَعَرِهِ فَضَرَبَ جَبْهَتَهُ برُكْبَتِه، أَوْ ضَرَبَهُ بِرُكْبَتِهِ وفي حديث المُغِيرَةِ مَعَ الصِّدِّيقِ «ثم رَكَبْتُ أَنْفَهُ بِرُكْبَتِي» هُوَ مِنْ ذلك، وفي حديث ابنِ سِيرينَ «أَمَا تَعْرِفُ الأَزْدَ ورُكَبَهَا، اتَّقِ الأَزْدَ لَا يَأْخُذُوكَ فَيَرْكُبُوكَ» أَي يَضْرِبُوكَ بِرُكَبِهِمْ، وكانَ هذَا مَعْرُوفاً في الأَزْدِ، وفي الحديث «أَنَّ المُهَلَّبَ بنَ أَبِي صُفْرَةَ دَعَا بمُعَاوِيَةَ بنِ عَمْرٍو⁣(⁣١) وجَعَلَ يَرْكُبُه بِرِجْلِهِ فَقَالَ: أَصْلَحَ الله الأَمِيرَ، أَعْفِنِي مِنْ أُمِّ كَيْسَانَ» وهِيَ كُنْيَةُ الرُّكْبَةِ بلُغَةِ الأَزْدِ، وفي الأَساس: ومن المجاز: أَمْرٌ اصْطَكَّتْ فيهِ الرُّكَبُ، وحَكَّتْ فيهِ الرُّكْبَةُ الرُّكْبَةَ.

  والرَّكِيبُ: المَشَارَةُ بالفَتْحِ: السَّاقِيَةُ أَو الجَدْوَلُ بَيْنَ الدَّبْرَتَيْنِ، أَوْ هي مَا بَيْنَ الحَائِطَيْنِ مِنَ النَّخِيلِ⁣(⁣٢) والكَرْمِ، وقيلَ: هِيَ مَا بَيْنَ النَّهْرَيْنِ من الكَرْمِ أَو المَزْرَعَة وفي التهذيب: قَدْ يُقَالُ لِلْقَرَاحِ الذي يُزْرَعُ فيه: رَكِيبٌ، ومنه قولُ تَأَبَّطَ شَرًّا:

  فَيَوْماً عَلَى أَهْلِ المَوَاشِي وتَارَةً ... لأَهْلِ رَكِيبٍ ذِي ثَمِيلٍ وسُنْبُلِ

  وأَهْلُ الرَّكِيبِ: هُمُ الحُضَّارُ، ج رُكُبٌ ككُتُبٍ.

  والرَّكَبُ، مُحَرَّكَةً⁣(⁣٣): بَيَاضٌ في الرُّكْبَةِ، وهو أَيضاً: العَانَةُ أَو مَنْبِتُهَا وقيلَ: هو ما انْحَدَرَ عنِ البَطْنِ فكانَ تَحْتَ الثّنّةِ وفوْق الفَرْجِ، كُلُّ ذلك مُذَكَّرٌ، صَرَّحَ به اللِّحْيَانيّ أَو الفَرْجُ نَفْسُهُ، قال:

  غَمْزَكَ بِالكَبْسَاءِ ذَاتِ الحُوقِ ... بَيْنَ سِمَاطَيْ رَكَبٍ مَحْلُوقِ

  أَو الرَّكَبُ ظَاهِرُهُ أَيِ الفَرْجِ أَو الرَّكَبَانِ: أَصْلُ الفَخِذَيْنَ وفي غير القاموس: أَصْلَا الفَخِذَيْنِ اللَّذَانِ عَلَيْهِمَا لَحْمُ الفَرْجِ، وفي أُخْرَى: لَحْمَا الفَرْجِ، أَي مِنَ الرَّجُلِ والمَرْأَةِ أَوْ خَاصُّ بِهِنَّ، أَي النسَاءِ، قاله الخليل، وفي التهذيب: ولا يقال: رَكَبُ الرجُلِ، وقال الفَرَّاءُ⁣(⁣٤): هو للرَّجُلِ والمَرْأَةِ، وأَنشد:

  لَا يُقْنِعُ الجَارِيَةَ الخِضَابُ⁣(⁣٥) ... وَلَا الوِشَاحَانِ وَلَا الجِلْبَابُ

  مِنْ دُونِ أَنْ تَلْتَقِيَ الأَرْكَابُ ... وَيَقْعُدَ الأَيْرُ لَهُ لُعَابُ

  قال شيخُنَا: وقَدْ يُدَّعَى في مِثْلِه التَّغْلِيبُ، فَلَا يَنْهَضُ شَاهداً لِلْفَرَّاءِ.

  قلتُ: وفي قَوْلِ الفرزدق حِينَ دَخَلَ عَلَى ظَبْيَةَ بِنْتِ حالم⁣(⁣٦) فأَكْسَلَ:

  يَا لَهْفَ نَفْسِي عَلَى نَغْظٍ فُجِعَت بِهِ ... حِينَ الْتَقَى الرَّكَبُ المحْلوقُ بالرَّكَبِ

  شاهدٌ للفراءِ، كما لا يَخْفَى ج أَرْكَابٌ، أَنشد اللِّحْيَانِيُّ:

  يَا لَيْتَ شِعْرِي عَنْكِ يا غَلَابِ ... تحْمِلُ مَعْهَا أَحْسَنَ الأَرْكَابِ

  أَصْفَرَ قَدْ خُلِّقَ بالمَلَابِ ... كَجَبْهَه التُّرْكِيِّ فِي الجِلْبَابِ

  وَأَرَاكِيبُ، هكذا في النسخ، وفي بعضها: أَرَاكِبُ كَمَسَاجِدَ، أَي وأَمَّا أَرَاكِيبُ كمَصَابِيحَ فهو جَمْعُ الجمْعِ، لأَنَّه جَمْعُ أَرْكَابٍ، أَشَار إِليه شيخُنَا، فإِطلاقُه من غيرِ بَيَانٍ في غيرِ مَحَلِّهِ.

  وَمَرْكُوبٌ: ع بالحِجَازِ وهو وَادٍ خَلْف يَلَمْلَمَ، أَعْلَاهُ لِهُذَيْلٍ، وأَسْفَلُهُ لِكِنَانَةَ، قالت جَنُوبُ [أخت عمرو ذي الكَلْب]⁣(⁣٧):

  أَبْلغْ بَنِي كَاهِلٍ عَنِّي مُغَلْغَلةً ... والقَوْمُ مِنْ دُونِهِمْ سَعْيَا فمَرْكُوبُ

  ورَكْبٌ المِصْرِيُّ صَحَابِيٌّ أَو تابِعِيٌّ عَلَى الخِلَافِ، قال ابنُ مَنْدَه: مَجْهُولٌ: لَا يُعْرَفُ له صُحْبَة، وقال غيرُه: لَهُ صُحْبَةٌ، وقال أَبُو عُمَرَ: هُوَ كِنْدِيٌّ له حَدِيثٌ، رَوَى عنه نَصِيحٌ العَنْسِيُّ في التَّوَاضُعِ.

  ورَكْبٌ: أَبُو قَبِيلَةٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ، مِنْهُا ابْنُ بَطَّالٍ الرَّكْبِيُّ.


(١) عن النهاية وبالأصل «عمر».

(٢) اللسان: من الكرم والنخل.

(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «الركب محركة كناية عن فرج المرأة بمعنى المركوب كمعية وقعيدة نقله عاصم. كما قال في تركيب الفصل في الخاتم والنصل في السهم، التركيب النحوي مأخوذ من هذا».

(٤) في المجمل والمقاييس: الرَّكَب: العانة للرجل والمرأة جميعاً.

(٥) المقاييس: لا ينفع.

(٦) عن الأغاني، وبالأصل «ولم».

(٧) زيادة عن اللسان.