تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل النون مع العين

صفحة 468 - الجزء 11

  الشِّدَّةَ - قالَ: ولا يَكُونُ العُودُ كَرِيماً حَتى يَكُونُ كذلِكَ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ للشَّمّاخِ:

  شَرَائِجُ النبْعِ بَرَاهَا القَوّاسُ⁣(⁣١)

  وقال دُرَيْدُ بنُ الصِّمَّةِ:

  وِأَصْفَرَ مِنْ قِداحِ النَّبْعِ فَرْعٍ ... بهِ عَلَمَانِ مِنْ عَقْبٍ وضَرْسِ

  يَقُولُ: بُرِيَ مِنْ فَرْعِ الغُصْنِ، ليسَ بفِلْقٍ، ولِلسِّهامِ تُتَّخَذُ من أَغْصَانِه، وقالَ المُبَرِّدُ: النَّبْعُ والشَّوْحَطُ والشَّرْيانُ: شَجَرَةٌ واحِدَةٌ، ولكِنَّها تَخْتَلِفُ أَسْمَاؤُهَا لاخْتِلافِ مَنَابِتِها، وتَكْرُمُ على ذلِك⁣(⁣٢)، فما يَنْبُتُ فِي قُلَّةِ الجَبَلِ فهُوَ النَّبْعُ، والوَاحِدُ نَبْعَةٌ، والنّابِتُ مِنْهُ في السَّفْحِ الشَّرْيانُ، وما كَانَ فِي الحَضِيضِ فَهُو الشَّوْحَطُ⁣(⁣٣)، وقد تَقَدَّمَ ذلِكَ في «ش ح ط» وقال الشّاعِرُ - يُفَضِّلُ قوْسَ النَّبْعِ عَلَى قَوْسِ الشَّرْيانِ والشَّوْحَطِ -:

  وَكَيْفَ تَخافُ القَوْمَ - أُمُّكَ هابِلٌ - ... وِعِنْدَكَ قَوْسٌ فارِجٌ وجَفِيرُ

  مِنَ النَّبْعِ، لا شِرْيَانَةٌ مُسْتَحِيلَةٌ ... وِلا شَوْحَطٌ عِنْدَ اللِّقَاءِ غَرُورُ

  وِقوْلُهُم: «لَو اقْتَدَحَ بالنَّبْعِ لأَوْرَى نارًا»، مَثلٌ يُضْرَبُ فِي جَوْدَةِ الرَّأْيِ والحِذْقِ بالأُمُورِ؛ لأَنَّهُ أَي: النَّبْعَ لا نَارَ فِيهِ وقالَ الأَعْشَى:

  وِلَوْ رُمْتَ فِي ظُلْمَةٍ قادِحاً ... حَصَاةً بنَبْعٍ لأَوْرَيْتَ نَارَا

  يَعْنِي أَنَّه مُؤَتًّى لَهُ، حَتَّى لَو قَدَحَ حَصاةً بنَبْعٍ لأَوْرَى له، وذلِك ما لا يَتَأَتَّى لأَحَدٍ، وجَعَلَ النَّبْعَ مَثَلاً فِي قِلَّةِ النّارِ، قالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ.

  وِالنَّبّاعَةُ مُشَدَّدَةً: الاسْتُ يُقَالُ: كَذَبَتْ نَبّاعَتُكَ، إِذا رَدَمَ، وبالغَيْنِ المُعْجَمَةِ أَيْضاً، كما في الصِّحاحِ. وانْبَاعَ العَرَقُ: إِذا سالَ، وكُلُّ راشِح: مُنْباعٌ.

  وكَذا انْبَاعَ عَلَيْنَا فِي الكَلامِ: إِذا انْبَعَثَ، أَو وَثَبَ بَعْدَ سُكُونٍ، مَحَلُّ ذِكْرِه في «ب و ع» وقد تَقَدَّمَ، ووَهِم مَنْ ذَكَرَهُ ههُنَا يَعْنِي بهِ الجَوْهَرِيَّ، وقد نَبَّهَ عليهِ ابنُ بَرِّيّ والصّاغَانِيُّ، ولَمّا كانَ ابنُ دُرَيْد قَدْ سَبَقَ الجَوْهَرِيَّ في ذِكْرِهِ فِي هذا التَّرْكِيبِ لَمْ يَخُصَّ الجَوْهَرِيَّ بالتَّوَهُّمِ، بَلْ عَمَّه.

  وأَمَّا قَوْلُ عَنْتَرَةَ:

  يَنْبَاعُ مِنْ ذِفْرَى غَضُوبٍ جَسْرَةٍ⁣(⁣٤)

  فأَلِفُه للإِشْبَاعِ ضَرُورَةً، ورُوِيَ بِحَذْفِها أَيْضاً.

  وِتَنَبَّعَ الماءُ: جاءَ قَلِيلاً قَلِيلاً ومِنْهُ قَوْلُ أَبِي ذُؤَيْبٍ:

  ذَكرَ الوُرُودَ بِهَا وَشَاقَى أَمْرَه ... شُؤْماً، وأَقْبَلَ حَيْنُه يَتَنَبَّعُ⁣(⁣٥)

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه:

  النَّبّاعَةُ، مُشَدَّدَةً: الرَّمّاعَةُ مِنْ رَأْسِ الصَّبيِّ قَبْلَ أَنْ تَشْتَدَّ، فإِذا اشْتَدَّتْ فَهِيَ اليافُوخُ.

  وِيُنَابعُ، بضَمِّ الياءِ: لُغَةٌ فِي نُبَايِع بالنُّونِ، عَن المُفَضّلِ، ويُقَالُ فيه أَيْضاً: يُنَابِعا، بالضَّمِّ مَقْصُورًا، فإِذا فُتِحَ أَوَّلُه مُدَّ، قالَهُ كُرَاع، وحَكَى غيرُه فيهِ المَدَّ والضَّمَّ، ويُرْوَى نَبَايِعات، بفَتْحِ النُّونِ، ويُنَابِعَات، بضَمِّ الياءِ.

  وِالنَّبِيعُ، كأَمِيرٍ: العَرَقُ، نَقَلَه ابنُ بَرِّيٍّ، وأَنْشَدَ للمَرّارِ:

  تَرَى بِلِحَى جَمَاجِمِها نَبِيعاً

  وِمَنْبَعُ الماءِ: مَوْضِعُ تَفَجُّرِه، والجَمْعُ المَنَابِعُ.

  وِالنّابِعَةُ: عَيْنٌ بالقُرْبِ من السُّوَيْسِ - أَحَد ثُغُورِ مِصْرَ - حُلْوٌ، ليس لَهُمْ غَيْرُه.

  وِاليَنْبُوعُ: المَنْبَعُ، وجاءَ بمَعْنَى النّابِعِ أَيْضاً.

  ومِنَ المَجَازِ: فُلانٌ صُلْبُ⁣(⁣٦) النَّبْعِ، وما رَأَيْتُ أَصْلَبَ نَبْعَةً منهُ، وهُوَ مِنْ نَبْعَةٍ كَرِيمَةٍ.


(١) قبله في اللسان:

كأنها وقد براها الإخماسْ ... وِدلجُ الليلِ وهادٍ قيّاسْ

(٢) في الكامل للمبرد ١/ ٤٤٥ تختلف أسماؤها وتكرم بمنابتها.

(٣) كذا بالأصل وفي الكامل: وما كان في سفحه فهو الشوحط، وما كان في الحضيض فهو الشريان والأصل كاللسان والتهذيب.

(٤) ديوانه واللسان وعجزه فيه:

زيافة مثل الفنيق المقرمِ

وفي الديوان ص ٢٢ المكدَمِ.

(٥) ديوان الهذليين ١/ ٥ برواية «شؤمٌ».

(٦) الأساس: صليبُ.