فصل الصاد مع الغين
  الأَخِيرُ، ووَجَدْتُ في المُعْجَمِ - لأَبي عُبَيْدٍ وغَيْرِه - ما نَصّهُ: صَبْغَاءُ، كحَمْرَاءَ: ناحِيَةٌ بالحِجَازِ، وناحِيَةٌ باليَمَامَةِ، وَقالَ في طَلْح - بالإسْكانِ أَيْضاً -: إِنَّهُ مَوْضِعٌ بَينَ مَكَّةَ واليَمَامَةِ، ولكِنَّ الصّاغَانِيَّ ضَبَطَهُ بالتَّصْغِيرِ، وإِيّاهُ قَلَّدَ المُصَنِّفَ، وبِهَا عَرَفْتَ أنَّ الصَّوابَ في المَوْضِعِ صَبْغَاءُ، كحَمْرَاءَ، فَتَأَمَّلْ.
  وأَصْبَغَ عَلَيْهِ النِّعْمَةَ: لُغَةٌ في أَسْبَغَها، بالسِّينِ.
  ومِنَ المَجَازِ: أَصْبَغَتِ النَّخْلَةُ: إِذا ظَهَرَ في بُسْرِهَا النُّضْجُ، فهِيَ مُصْبِغٌ.
  وأَصْبَغَتِ النّاقَةُ: إِذَا أَلْقَتْ وَلَدَهَا وقَدْ أَشْعَرَ، كصَبَّغَتْ تَصْبيغًا فِيهِمَا، أي: في النّاقَةِ والنَّخْلَةِ، قَالَ الأَزْهَرِيُّ: ومِنَ العَرَبِ مَنْ يَقُولُ: صَبَّغَتِ النّاقَةُ، وهِيَ مُصَبِّغٌ بالصادِ، وَالسِّينُ أَكْثَرُ، وقد تَقَدَّمَ عَن الأَصْمَعِيِّ، وأَمَّا التَّصْبِيغُ في النَّخْلَةِ فلَم يُعْرَفْ، والَّذِي ذَكَرَهُ الصّاغَانِيُّ والزَّمَخْشَرِيُّ وصاحِبُ اللّسَانِ: صَبَّغَت البُسْرَةُ(١) تَصْبِيغاً: مِثْلُ ذَنَّبَتْ، وَصاحِبُ اللّسَانِ: صَبَّغَتِ(٢) الرُّطَبَةُ: مِثْلُ تَلَوَّنتْ، وبِهذَا تَعْرِفُ ما في كلامِ المُصَنِّف من المُخَالَفَةِ لنُصُوصِ الأَئِمَّةِ، زادَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وهُوَ مَجَازٌ.
  ومِنَ المَجَازِ أَيْضاً: اصْطَبَغَ فُلانٌ بالصِّبْغِ، أَطْلَقَه فأَوْهَمَ الفَتْحَ، ولَيْسَ كَذلِكَ، بَلْ هُوَ بالكَسْرِ، ثُمَّ إِنَّهُ ذَكَرَه وَلَم يَسْبِقْ لَهُ تَفسِيرُه، فظاهِرُه أَنَّهُ الَّذِي تُلَوَّنُ بِهِ الثِّيَابُ، وَلَيْسَ كَذلِكَ، بل المُرَادُ بِهِ الخَلُّ والزَّيْتُ ونَحْوُهُما مِن الإِدامِ، كما سَيَأْتِي، أي: ائْتَدَمَ بِه، ولَوَّنَ.
  وقال اللِّحْيَانِيُّ: تَصَبَّغَ في الدِّين تَصَبُّغًا، مِن الصِّبْغَة، وَكَذا تَصَبَّغَ صِبْغَةً حَسَنَةً، وفَسَّرَه الزَّمَخْشَرِيُّ، فَقالَ: أي حَسُنَ حالُه(٣).
  * ومِمّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه:
  الصِّبْغُ، والصِّبَاغُ، بالكَسْرِ: ما يُصْطَبَغُ بِهِ من الإِدامِ، وَقد ذَكَرَ الجَوْهَرِيُّ الصِّبْغَ بِهذا المَعْنَى، ومِنْهُ قَولُه تَعالَى - في الزَّيْتُون: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ}(٤) يَعْنِي دُهْنَه، وقالَ الفَرّاءُ: يَقُولُ: الآكِلُونَ يَصْطَبِغُونَ بالزَّيْتِ، فجَعَلَ الصِّبْغَ الزَّيْتَ نَفْسَه، وقالَ الزَّجّاجُ: أَرادَ بالصِّبْغِ الزَّيْتُونَ، قال الأَزْهَرِيُّ: وهذا أَجْوَدُ القَوْلَيْنِ.
  وَصَبَغَ اللُّقْمَةَ يَصْبُغُهَا صَبْغًا: دَهَنَهَا وغَمَسَها، وكُلُّ ما غُمِسَ فَقَدْ صُبِغَ.
  وَيُطْلَقُ الصِّبْغُ والصِّباغُ أَيْضاً عَلَى الخَلِّ؛ لأَنَّ الخُبْزَ يُغْمَسُ بِه، ومِنْهُ قَوْلُهُم: «نِعْمَ الصِّبْغُ الخَلُّ».
  وَجَمْعُ الصِّباغِ: أَصْبِغَةٌ، يُقَالُ: كَثُرَتِ الأَصْبِغَةُ عَلَى مائِدَتِهِ، وهُو مَجَازٌ.
  وَيُقَالُ: إنَّ الصِّباغَ جَمعُ صِبْغٍ، ومِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
  بالمِلْحِ أَوْ ما خَفَّ مِنْ صِباغِ(٥)
  واصْطَبَغَ بِكَذا: تَلَوَّنَ بِه، وهُو مَجَازٌ.
  وَيُقَالُ: صَبَغَتِ النَّاقَةُ مَشَافِرَهَا بالماءِ: إذا غَمَسَتْهَا فِيهِ، وَأَنْشَدَ الأَصْمَعِيُّ قَوْلَ الرّاجِزِ:
  قَدْ صَبَغَتْ مَشَافِرًا كالأَشْبَارْ ... تُرْبِي عَلَى ما قُدَّ يَفْرِيهِ الفَارْ
  مَسْكُ شَبُوبَيْنِ لَهَا بأَصْبارْ
  وَصَبَغَهُ يَصْبُغُهُ، من حَدِّ نَصَرَ: لُغَةٌ في صَبَغَ، كضَرَبَ وَمَنَعَ، نَقَلَهُ الصّاغَانِيُّ وصاحِبُ اللِّسَانِ، فَفِيهِ التَّثْلِيثُ، صَبْغًا، وصِبَغَةً كعِنَبَةٍ، الأَخِيرُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ.
  وَالصَّبْغُ، بالفَتْحِ: المَصْدَرُ، وجَمْعُه: أَصْباغٌ، وجَمْعُ الصِّباغِ: أَصْبِغَةٌ، وجَمْعُ الجَمْع: أصابِيغُ.
  واصْطَبَغَ: اتَّخَذَ الصِّبْغَ.
  والصِّبَاغَةُ، بالكَسْرِ: حِرْفَةُ الصِّبّاغِ.
  وثِيَابٌ مُصَبَّغَةٌ، شُدِّدَ للْكَثْرَةِ، قال رُؤْبَةُ:
  قَدْ عَجِبَتْ لَبّاسَهُ المُصَبَّغِ
  وثَوْبٌ صَبِيغٌ، وثِيَابٌ صَبِيغٌ، أي: مَصْبُوغٌ، فَعِيلٌ بمَعْنَى مَفْعُول.
(١) في اللسان: صبغت الرُّطَبَةُ.
(٢) عبارة الأساس: وذنّبت الرطبة وصبّغت كما تقول: لوّنت.
(٣) عبارة الأساس: وتصبّغ فلانٌ في الدين إذا حسُن دينه وتمكن فيه.
(٤) سورة «المؤمنون» الآية ٢٠.
(٥) الصحاح وقبله:
تزجّ من دنياك بالبلاغ ... وباكر المعدة بالدباغ
بكسرة لينة المضاغ ... بالملح ..