تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[جدف]:

صفحة 109 - الجزء 12

  والمُوكَرُ: السِّقَاءُ المَلْآنُ بالْخَمْرِ.

  والْجَدَفَاءُ مَمْدُودَةً، وَالجُدَافَى، كحُبَارَى، عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ، قال: كذلك الغُنَامَى، والغُنْمَى، والأُبالَةُ، وَالحُوَاسَةُ، والحُبَاسَةُ. والجَدَافَاةُ، وَهذِه عن أَبي عَمْرٍو: الغَنِيمَةُ، وَأَنشد:

  وقَدْ أَتانَا رَافِعاً قِبِرّاهْ ... لَا يَعْرِفُ الْحَقَّ ولَيْسَ يَهْوَاهْ

  كَانَ لَنَا لَمَّا أَتَى جَدَافَاهْ⁣(⁣١)

  والْجَدَفُ، مُحَرَّكَةً: الْقَبْرُ، قال الجَوْهَرِيُّ: وهو إِبْدَالُ الْجَدَثِ.

  قال الفَرَّاءُ: العَرَبُ تُعْقِبُ بين الفاءِ والثاءِ في اللُّغَةِ، فيقولون: جَدَفٌ وجَدَثٌ، وهي الأَجْدَاثُ والْأَجْدَافُ⁣(⁣٢) انتهى، وقال ابنُ جِنِّي في سِرِّ الصَّنَاعَةِ: إِنَّه من باب الإْبْدَالِ، ومُحْتَجًّا بأَنَّهُ لا يُجْمَعُ عَلى أَجْدافٍ، وقد تَعَقَّبَهُ السُّهَيْلِيُّ في الرَّوْضِ، وأَثْبَتَ جَمْعَهُ في كَلامِ رُؤْبَةَ، وَقال: الذي نَذْهَبُ إِليه أَنَّهُ أَصْلٌ، وأَطالَ في البَحْثِ، كذا نَقَلَهُ شَيْخُنَا.

  قلتُ: وبيتُ رُؤْبَةَ الذي أَشارَ إِليه، هو قَوْلُهُ:

  لو كان أَحْجَارِي مع الأَجْدَافِ ... تَعْفُو على جُرْثُومِهِ العَوَافي⁣(⁣٣)

  وجَدَفٌ، مُحَرَّكةً: ع، نقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ.

  وفي حديث عمر ¥ أَنَّه سَأَلَ المَفْقُودَ الذي اسْتَهْوَتْهُ الجِنُّ: مَا كَانَ طَعَامُهم؟ فقال الفُولُ، وما {لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ}، قال: وما كانَ شَرَابُهُمْ؟ فقَالَ: الجَدَفُ، قال الجَوْهَرِيُّ: وتَفسِيرُه في الحديثِ أَنَّهُ مَا لَا يُغَطَّى مِنَ الشَّرَابِ.

  قلتُ: وهو قَوْلُ قَتَادَةَ، وزَادَ: أَو مَا لا يُوكَى، وَيُقَال: إِنَّهُ نَبَاتٌ بِالْيَمَنِ يُغْنِي آكِلَهُ عن شُرْبِ الْمَاءِ عَلَيه، وَقال كُرَاعٌ: لا يُحْتَاجُ مَعَ أَكْلِهِ إِلَى شُرْبِ ماءٍ، وعبارةُ الجَوْهَرِيِّ: لا يَحْتَاجُ الذي يأْكُلُه أَنْ يَشْرَبَ عَلَيهِ الماءَ، وعبارَةُ المُحْكَمِ: نَباتٌ يكُونُ باليَمَنِ تَأْكُلُهُ الْإِبِلُ فَتَجْزَأُ بِهِ عَنِ الْمَاءِ، وقال ابنُ بَرِّيّ: وعَلَيه قَوْلُ جَرِيرٍ:

  كَانُوا إِذَا جَعَلُوا في صِيرِهِمْ بَصَلاً ... ثُمَّ اشْتَوَوْا كَنْعَداً مِنْ مَالِحٍ جَدَفُوا

  وقال أَبو عمرٍو⁣(⁣٤): الجَدَفُ: لم أَسْمَعْهُ إِلَّا في هذا الحديثِ، وما جاءَ إِلَّا وله أَصْلٌ، ولكِنْ ذَهَبَ مَنْ كان يَعْرِفُهُ وَيَتَكَلَّمُ به، كما قد ذَهَبَ مِن كَلامِهم شَيْءٌ كَثِيرٌ، وقال بعضُهم: هو مِن الجَدْفِ، وهو القَطْعُ، كأَنَّهُ أَراد: مَا رُمِيَ به عن الشَّرَابِ⁣(⁣٥) مِن زَبَدٍ، أَو رَغْوَةٍ، أَو قَذًى، كأَنَّهُ قُطِعَ مِنَ الشَّرَابِ فَرُمِيَ به، قال ابنُ الأَثِيرِ: كذا رَوَاهُ الهَرَوِيُّ عن القُتَيْبِيِّ.

  والْمَجَادِفُ: السِّهَامُ، نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ.

  والأَجْدَفُ: القَصِيرُ مِن الرِّجَالِ، قال الشاعرُ:

  مُحِبٌّ لِصُغْرَاهَا بَصِيرٌ بِنَسْلِهَا ... حَفِيظٌ لِأُخْرَاهَا حُنَيِّفُ أَجْدَفُ

  قالَهُ اللَّيْثُ: وَرَوَاهُ إِبرَاهِيم الحَرْبِيُّ ¦: أُجَيْدِفُ أَحْنَفُ.

  وشَاةٌ جَدْفَاءُ: قُطِعَ مِن أُذُنِهَا شَيءٌ، والْجَدَفَةُ، مُحَرَّكَةً: الْجَلَبَةُ، والصَّوْتُ في الْعَدْوِ، نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ.

  وأَجْدُفٌ، أو أَجْدُثٌ، بالثَّاءِ، أَوْ أَحْدُثٌ، بالحَاءِ، كأَسْهُم رَوَى الأَخِيرَتَيْنِ السُّكَّرِيُّ في شَرْحِ الدِّيوانِ، قال ياقُوتُ: كأَنَّهُ جَمْعُ جَدَثٍ، وهو القَبْرُ، وقد ذكر في المثلثة: ع⁣(⁣٦) بالحِجَازِ، قال المُتَنِخِّلُ الهُذَلِيُّ:


(١) الرجز في الجمهرة منسوباً لمرداس الدبيري ٢/ ٦٧ وروايته:

لما أتانا رافعا ... ... فكان لما جاءنا

وَفي اللسان جدف: قد أتانا.

وَفيه في مادة قبر: لما أتانا.

وَفي مادة رمع: جاء فلان رامعاً قبراه.

وَفي التهذيب:

لقد أتانِي رامعا ... ... لا يعرف الحق ولا يهواه

فكان لي إذ جاءني جدافاه

(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: والأجداف، سبق له أنه لا يجمع إلّا على أجداث، ويؤيده ما بعده».

(٣) بالأصل «على جرمي» والمثبت عن الديوان.

(٤) الأصل واللسان وفي التهذيب: قال أبو عبيد.

(٥) في التهذيب: ما يُرمى من الشراب.

(٦) في القاموس (م) أي معروف، وعلى هامشه عن نسخة أخرى (ع).