تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[جذف]:

صفحة 110 - الجزء 12

  عَرَفْتُ بِأَجْدُثٍ فنِعَافِ عِرْقٍ ... عَلَامَاتٍ كتَحْبِيرِ النِّمَاطِ⁣(⁣١)

  وَأَجْدَفُوا: أي جَلَّبُوا وصَاحُوا، وقال الأَصْمَعِيُّ: التَّجْدِيفُ: الْكُفْرُ بِالنِّعَمِ، يُقَالُ منه: جَدَّفَ تَجْدِيفاً، كذا في الصّحاحِ: يُقَال: لَا تُجَدِّفُوا بِأَيَّامِ الله، أَو هو اسْتِقْلَالُ عَطَاءِ الله تَعَالَى، قَالَهُ الأُمَوِيُّ، ونَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وفي الحديث: «لَا تُجَدِّفُوا بِنِعْمَةِ⁣(⁣٢) اللهِ تَعالى»، أي لا تَكْفُرُوهَا وَتَسْتَقِلُّوهَا، وقد جَمَعَ أَبو عُبَيْدٍ بيْنَ القَوْلَيْنِ، وأَنْشَدَ:

  وَلكِنِّي صَبَرْتُ ولم أُجَدِّفْ ... وَكانَ الصَّبْرُ غَايَةُ أَوَّلِينَا⁣(⁣٣)

  وقيل: هو أَنْ يُسْأَلَ القَوْمُ وهم بخَيْرٍ: كيف أَنْتُمْ: فيقولُونَ: نَحْنُ بِشَرٍّ، وسُئِلَ رسولُ الله : أيُّ الْعَمَلِ شَرٌّ؟ قال: «التَّجْدِيفُ قالوا: ومَا التَّجْدِيفُ؟ قال: أَنْ تَقُولَ: ليسَ لِي، وليسَ عِنْدِي، وَقال كَعْبُ الأَحْبَارِ: «شَرُّ الحدِيثِ التَّجْدِيفُ وحَقِيقَةُ التَّجدِيفِ نِسْبَةُ النَّعْمَةِ إِلَى التَّقَاصُرِ.

  وإِنَّهُ لَمُجَدَّفٌ عَلَيه العَيْشُ، كمُعَظَّمٍ، وَفي اللّسَانِ لَمَجْدُوفٌ عَلَيه: أي مُضَيَّقٌ عليه، قالَه أَبُو زَيْدٍ.

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه:

  جَدَفَ المَلَّاحُ بالسَّفِينَةِ جَدْفاً، عن أَبي عمرٍو، وَالمِجْدَافُ: العُنُقُ، علَى التَّشْبِيهِ، قال:

  بِأَتْلَعِ الْمِجْدَافِ ذَيَّالِ الذَّنَبْ

  وَالمِجْدَافُ: السَّوْطُ، لُغَةٌ نَجْرَانِيَّةٌ، يأْتِي في الذَّالِ.

  وَرَجلٌ مَجْدُوفُ اليَدَيْنِ: بَخِيلٌ، وكذلك إذا كان مَقْطُوعَهُمَا.

  وَجَدَفَتِ المَرْأَةُ تَجْدِفُ: مَشَتْ مِشْيَةَ القِصَارِ، وجَدَفَ الرَّجُلُ في مَشْيِهِ: أَسْرَعَ، نَقَلَهُ الْفَارِسيُّ.

  [جذف]: جَذَفَهُ يَجْذِفُهُ جَذْفاً: قَطَعَهُ نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ عن أَبِي عَمْرٍو، والدَّالُ لُغَةٌ فيه، وجَذَفَ الطَّائِرُ: أَسْرَعَ بجَنَاحَيْهِ، كَأَجْذَفَ، وانْجَذَفَ، قال ابنُ دُرَيْدٍ: وأَكثرُ ما يكونُ ذلِكَ إذا قُصَّ أَحَدُ الجَنَاحَيْنِ، وجَذَفَتِ المَرْأَةُ: مَشَتْ مِشْيَةَ الْقِصَارِ، وبالدَّالِ كذلِك، وقِيل: جَذَفَتِ الظَّبْيَةُ والمَرْأَةُ: قَصَّرَتِ الْخَطْوَ، كَأَجْذَفَتْ، عن ابنِ عَبَّادٍ.

  والمَجْذُوفُ: الْمَقْطُوعُ الْقَوائِمِ، وَقد تقدَّم في الدَّالِ، وَهكذا رَوَى الْأَزْهَرِيُّ قَوْلَ الأَعْشَى بالوَجْهَيْنِ⁣(⁣٤)، واقْتَصَرَ اللَّيْثُ علَى المُهْمَلَةِ.

  ومِجْذَافَةُ السَّفِينِة: م معروفَةٌ، هكذا في النُّسَخِ، وَالأَوْلَى مِجْذَافُ، وقوله: معروفٌ، فيه نَظَرٌ، وكان الأَوْلَى أن يقولَ: مِجْذَافُ السَّفِينَةِ ما يُدْفَعُ بها، أو ما أَشْبَهَه، أو إِحَالَتُه علَى الدَّالِ.

  قال الصَّاغَانِيُّ: والدَّالُ الْمُهْمَلَةُ لُغَةٌ في الْكُلِّ.

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه:

  المِجْذَافُ: السَّوْطُ، قَالَهُ أَبو الغَوْثِ، وبه فُسِّرَ قَوْلُ المُثَقِّبِ العَبْدِيِّ يَصِفُ نَاقَةً:

  تَكَادُ إِنْ حُرِّكَ مِجْذَافُهَا ... تَنْسَلُّ مِن مَثْنَاتِهَا والْيَدِ

  قال الجَوْهَرِيُّ: سُئلَ أَبو الغَوْثِ: ما مِجْذافُها؟ قال: السَّوْطُ، جَعَلَهُ كالمِجْذَافِ لها، انتهى. أي: فهو عَلَى التَّشْبِيهِ.

  وَجَذَفَ الرَّجُلُ في مَشْيِهِ: أَسْرَعَ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ عن أَبِي عُبَيْدٍ، وكذلك تَجَذَّفَ، وجَذَفَ الشَّيْءَ: كَجَذَبَهُ، حَكَاهُ نُصَيْرٌ، وجَذَفَتِ السَّمَاءُ بالثَّلْجِ: رَمَتْ به، لُغَةٌ في الذَّالِ.

  [جرف]: جَرَفَهُ يَجْرُفُهُ جَرْفاً، وجَرْفَةً، بفَتْحِهِما، الأَخِيرَةُ عن اللِّحْيَانِيِّ: أي ذَهَبَ به كُلِّهِ، أَو جُلِّهِ، كما في الصِّحاحِ، أو جَرَفَهُ: أَخَذَهُ أَخْذاً كَثِيرًا.

  وجَرَفَ الطِّينَ جَرْفاً: كَسَحَهُ عن وَجْهِ الأَرْضِ، كجَرَّفَهُ تَجْرِيفاً، وتَجَرَّفَهُ، يُقَالُ: جَرَفَتْهُ السُّيُولُ وتَجَرَّفَتْهُ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ لبعضِ بني طَيِّيءٍ:


(١) ديوان الهذليين ٢/ ١٨ قال أبو سعيد: أجدث ونعاف عرق هي مواضع.

(٢) في النهاية: بنعم الله.

(٣) في التهذيب:

وَكان الصبر عادة أولينا

وَفي اللسان جزم:

وَلكني مضيت ولم أجزّم ... وَكان الصبر عادة أولينا

وَعلى هذه الرواية فلا شاهد في البيت، والمثبت كاللسان هنا.

(٤) لم يرد بيت الأعشى في التهذيب إلا في الذال المعجمة وقد تقدم عن اللسان أن الذي رواه الليث في البيت «لمحذوف».