فصل الحاء مع الفاء
  بِزَرْقَاوَيْنِ لم تُحْرَفْ ولَمَّا ... يُصِبْهَا عَائِرٌ بِشَفِيرِ مَاقِ
  أَراد: لم تُحْرَفَا، فأَقَامَ الوَاحِدَ مُقَامَ الاثْنَيْنِ.
  ويُقَال: مَالِي عنه مَحْرِفٌ، وَكذلِك: مَصْرِفٌ، بمعنًى وَاحِدٍ، نَقَلَهُ أَبو عُبَيْدَةَ.
  وَمنه قَوْلُ أَبِي كَبِيرٍ الهُذَلِيُّ:
  زُهَيْرَ هَلْ عَنْ شَيْبَةٍ مِنْ مَحْرِفِ ... أَمْ لَا خُلُودَ لِباذِلٍ مُتَكَلِّفِ(١)
  وَيُرْوَى: «مِن مَصْرِفِ» وومَعْنَى مَحْرِفٍ ومَصْرِفٍ: أي مُتَنَحًّى، والمَحْرِفُ أَيضاً، أي: كمَجْلِسٍ والْمُحْتَرَفُ، بفَتْحِ الرَّاءِ: مَوْضِعٌ يَحْتَرِفُ فيه الْإنْسَانُ، ويَتَقَلَّبُ وَيَتَصَرَّفُ، وَمنه قولُ أَبي كَبِيرٍ أَيْضاً:
  أَزُهَيْرَ إنَّ أَخاً لنا ذَا مِرَّةٍ ... جَلْدَ الْقُوَى في كُلِّ سَاعَةِ مَحْرِفِ
  فَارَقْتَهُ يَوْماً بِجَانِبِ نَخْلَةٍ ... سَبَقَ الْحِمَامُ بِهِ - زُهَيْرَ - تَلَهُّفي(٢)
  وقال اللِّحْيَانِيُّ: حُرِفَ في مَالِه، بِالضَّمِّ، أي: كُفيَ، حَرْفَةً، بالفَتْح: ذَهَبَ منه شَيْءٌ، وَقد ذُكِرَ أَيضاً في الجِيمِ.
  والْحُرْفُ، بِالضَّمِّ: حَبُّ الرَّشَادِ، وَاحِدَتُه حُرْفَةٌ، وقال أَبو حَنِيفَةَ: هو الذِي تُسَمِّيهِ العَامَّةُ حَبَّ الرَّشَادِ، وقال الأَزْهَرِيُّ: الحُرْفُ: حَبٌّ كالخَرْدَلِ.
  وأَبو القاسم عبدُ الرَّحْمنِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عبدِ الله بنِ محمدِ بن الحُسَيْنِ وأَبُوهُ، وجَدُّهُ المَذْكُوران، سَمِعَ عبدَ الرَّحْمن النَّجَّادَ، وحَمزَةَ الدِّهْقان، وغيرَهما، وجَدُّه رَوَى عن حَمْدانَ بنِ عليٍّ الوَرَّاقِ، وحدَّث أَبوه أَيضاً: ومُوسَى بنُ سَهْل الوَشّاءُ: شَيْخُ(٣) أَبِي بكرٍ الشَّافِعِيِّ، والحَسَنُ بنُ جَعْفَرٍ البَغْدَادِيُّ، سَمِعَ أَبا شُعَيْبٍ الحَرَّانِيَّ.
  الْحُرْفِيُّونَ المُحَدِّثُونَ؛ نِسْبَةَ إلى بَيْعِهِ أي: الحُرْفِ، وقال الحافِظُ: إِلَى بَيْعِ البُزُورِ. والحُرْفُ: الْحِرْمَانُ: كالْحُرْفَةِ، بالضَّمِّ، والكَسْرِ، وَمنه قولُ عُمَرَ رَضِيَ الله تَعَالَى عنه: «لَحُرْفَةُ أَحَدِهِمْ أَشَدُّ عَلَيَّ مِن عَيْلَتِهِ» ضُبِطَ بالوَجْهَيْنِ، أي: إِغْنَاءُ الفَقِيرِ، وكِفَايَةُ أَمْرِهِ أَيْسَرُ عَلَيَّ مِن إِصْلَاحِ الفاسِدِ، وقيل: أَرادَ لَعَدَمُ حِرْفَةِ أَحَدِهِم والاغْتِمامُ لذلِك أَشَدُّ عَلَيَّ مِن فَقْرِهِ، كذا في النِّهَايَةِ.
  ووقيل: الْحِرْفَةُ، بِالْكَسْر: الطُّعْمَةُ والصِّنَاعَةُ التي يُرْتَزَقُ مِنْهَا، وَهي جِهَةُ الكَسْبِ، ومنه ما يُرْوَى عنه ¥: «إِنِّي لأَرَى الرَّجُلَ فَيُعْجِبُنِي، فَأَقُولُ: هل له حِرْفَةٌ؟ فإِنْ قالُوا: لا، سَقَطَ مِنْ عَيْنِي» وكُلُّ ما اشْتَغَلَ الإِنْسَانُ بِه وَضَرِيَ به من أيِّ أَمْرٍ كان، فإِنَّهُ عندَ العَرَبِ يُسَمَّى صَنْعَةً وَحِرْفَةً، يقولون: صَنْعَةُ فُلانٍ أَنْ يَعْمَلَ كذا، وحِرْفَةُ فُلانٍ أَنْ يَفْعَلَ كذا، يُرِيدُونَ دَأْبَهُ ودَيْدَنَهُ؛ لأَنَّهُ يَنْحَرِفُ إِلَيْهَا أي: يَمِيلُ، وفي اللِّسَانِ: حِرْفَتُهُ: ضَيْعَتُه أو صَنْعَتُهُ.
  قلتُ: وكلاهما صَحِيحان في المَعْنَى.
  وأَبُو الْحَرِيفِ، كأَمِيرٍ: عُبَيْدُ الله بنُ أَبِي رَبِيعةَ، وَفي نُسَخَةٍ: ابن رَبيعَةَ السُّوَائِيُّ، الْمُحَدِّثُ الصَّوابُ أَنه تَابِعِيٌّ، هكذا ضَبَطَهُ الدُّولابِيُّ، بالحاءِ المُهْمَلَةِ، وخَالَفَهُ ابنُ الْجَارُودِ فأَعْجَمَهَا.
  وحَرِيفُكَ: مُعَامِلُكَ، كما في الصِّحاح، في حِرْفَتِكَ: أي: في الصَّنْعَة.
  قلتُ: ومنه اسْتِعْمَالُ أَكْثَرِ العَجَمِ إِيَّاهُ في مَعْنَى النَّدِيمِ وَالشَّرِيبِ، ومنه أَيضا يُسْتَفَادُ اسْتِعْمَالُ أَكْثَرِ التُّرْكِ إِيّاهُ في مَعْرِضِ الذَّمِّ، بحيثُ لو خاطَب به أَحَدُهم صَاحِبَه لَغَضِبَ.
  والْمِحْرَافُ، كمِحْرَابٍ: الْمِيلُ الذي تُقَاسَ* بِه الْجِرَاحَاتُ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ لِلْقُطَامِيِّ، يذكر جِرَاحَةً:
  إِذَا الطَّبِيبُ بمِحْرَافَيْهِ عَالَجَهَا ... زَادَتْ عَلَى النَّقْرِ أَوْ تَحْرِيكِهَا ضَجَمَا
  وَيُرْوَى «النَّفْرِ» وهو الوَرَمُ، ويُقَال: خُرُوجُ الدَّمِ.
  وحُرْفَانُ، كعُثْمَانَ: عَلَمٌ، سُمِّيَ به، من حَرَفَ: أي كَسَبَ.
(١) ديوان الهذليين ٢/ ١٠٤ في شعره برواية: من مصرف.
(٢) ديوان الهذليين ٢/ ١٠٤.
(٣) بالأصل «موسى بن سهل أبو شاشيخ» وبهامش المطبوعة المصرية: قوله: أبو شاشيخ كذا بالأصل، وليحرر» والتصحيح عن المطبوعة الكويتية.
(*) بالقاموس: «يقاس» بدل: «تقاس».