[حرف]:
  الحَاءِ، وكذا في مُخْتَصَرِ المُعْجَمِ، ففِيهِ مُخَالَفَةٌ للصَّوابِ ظَاهِرَةٌ.
  وَحَرْفُ الشَّيْءِ: ناحِيَتُه، وفلانٌ على حَرْفٍ مِنْ أَمْرِهِ: أي نَاحِيَةٍ منه؛ كأَنَّهُ يَنْتَظِرُ ويَتَوَقَّعُ، فإِنْ رأَى مِن نَاحِيَةٍ ما يُحِبُّ، وإِلَّا مَالَ إِلَى غَيرِهَا. وقال ابنُ سِيدَه: فُلانٌ عَلى حَرْفٍ من أَمْرِه: أي نَاحِيَةٍ منه، إذا رَأَى شَيْئاً لا يُعْجِبُه عَدَلَ عنه، وفي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ(١): أيْ علَى وَجْهٍ وَاحِدٍ، أي: إذا لم يَرَ ما يُحِبُّ انْقَلَبَ علَى وَجْهِه، وقيل: هُوَ أَنْ يَعْبُدَهُ علَى السَّرَّاءِ لا(٢) الضَّرَّاءِ، قال الأَزْهَرِيُّ: كأَنَّ الخَيْرَ والخِصْبَ نَاحِيَةٌ، والضُّرَّ وَالشَّرَّ والمَكْرُوهَ نَاحِيَةٌ أُخْرَى، فهما حَرْفَانِ، وعلَى العَبْدِ أَن يَعْبُدَ خَالِقَه علَى حَالَتَي السَّرَّاءِ والضَّرَّاءِ، ومَن عَبَدَ الله علَى السَّرَّاءِ وَحْدَها دُونَ أَن يعبُدَه علَى الضَّرَّاءِ يَبتَلِيهِ الله بها، فقد عَبَدَهُ علَى حَرْفٍ، ومَنْ عَبَدَهُ كَيْفَمَا تَصَرَّفَتْ به الحالُ، فقد عَبَدَهُ عِبَادَةَ عَبْدٍ مُقِرٍّ بأَّن له خَالِقًا يُصَرِّفُه كيفَ شاءَ، وأَنَّه إِن امْتَحَنَه بالَّلأْوَاءِ، وأَنْعَمَ عَلَيه بالسَّرَاءِ، فهو في ذلك عادِلٌ، أَوْ مُتَفَضِّلٌ أَو على شَكٍّ، وَهذا قَوْلُ الزَّجَّاج {فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ} أي: خِصْبٌ وكَثْرَةٌ مَالٍ، {اطْمَأَنَّ بِهِ} وَرَضِيَ بدِينِه {وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ} اخْتِبارٍ بِجَدْبٍ وقِلَّةِ مَالٍ، {انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ} أي: رَجَعَ عن دِينِهِ إلَى الكُفْرِ وعِبَادَةِ الأَوْثَانِ، أوْ عَلَى غَيْرِ طُمْأَنِينَةٍ علَى أَمْرِهِ، وَهذا قَوْلُ ابنِ عَرَفَةَ، أيْ: لَا يَدْخُلُ في الدِّينِ مُتَمَكِّنًا، وَمَرْجِعُهُ إِلَى قَوْلِ الزَّجَّاج.
  وفي الحَدِيثِ: قال ﷺ: «نَزَلَ(٣) الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، كُلُّهَا شَافٍ كَافٍ، فَاقْرَؤُوا(٤) كَمَا عُلِّمْتُمْ»، قال أبو عُبَيْدٍ: أي علَى سَبْعِ لَغَاتِ مِنْ لُغاتٍ الْعَرَبِ، قال: ولَيْسَ مَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ في الْحَرْف الْواحِدِ عَلَى سَبْعَةٍ أَوْجُهٍ، هذا لم يُسْمَعْ به، زَادَ غيرُ أَبي عُبَيْدٍ: وإِنْ جاءَ علَى سَبْعَةٍ أو عَشَرَةٍ أو أَكْثَرَ، نَحو مَلِك يَوْمِ الدِّينِ(٥) و {وَعَبَدَ الطّاغُوتَ}(٦)، قال أَبو عبيد: ولكِنِ الْمَعْنَى: هذِه اللُّغَاتُ السَّبْعُ مُتَفَرِّقَةٌ في الْقُرْآنِ، فبَعْضُه بِلُغَةِ قُرَيْشٍ، وبَعْضُه بِلُغَةِ أَهْلِ اليَمَنِ، وبَعضُهُ بلُغَةِ هَوَازِنَ، وبَعضُهُ بلُغَةِ هُذَيْلٍ، وَكذلِكَ سائرُ اللُّغَاتِ، ومَعَانِيها في هذا كُلِّه وَاحِدَةٌ، ومِمَّا يُبَيِّنُ ذلِكَ قَوْلُ ابنِ مَسْعُودٍ ¥: «إِنّي قد سمعتُ القَرَأةَ(٧)، فوَجَدْتُهم مُتَقَارِبِينَ، فَاقْرَؤُوا كما عُلِّمْتُمْ، إِنَّما هو كقَوْلِ أَحَدِكُم: هَلُمَّ، وتَعَالَ، وأَقْبِلْ» قال ابنُ الأَثِيرِ: وفيه أَقْوَالٌ غَيْرُ ذلِك، هذا أَحْسَنُهَا، ورَوَى الأَزْهَرِيُّ: أَن أَبا العباسِ النَّحْوِي - وهو وَاحِدُ عَصْرِه - قد ارْتَضَى ما ذَهَبَ إِليه أَبو عُبَيْدٍ، واسْتَصْوَبَه، قال: وهذِه السَّبْعَةُ الْأَحْرُفُ التي مَعْنَاها اللُّغَاتُ، غَيْرُ خَارِجَةٍ مِن الذي كُتِبَ في مَصَاحِفِ المُسْلِمين، التي اجْتَمَع عليها السَّلَفُ المَرْضِيُّونَ، والخَلَفُ المُتَّبِعُونَ، فمَن قَرَأَ بحَرْفٍ ولا يُخالِفُ المُصْحَفَ بِزيَادَةٍ أَو نُقْصَانٍ، أو تَقْدِيمِ مُؤَخَّرٍ، أَوْ تَأْخِيرِ مُقَدَّم، وقد قَرَأَ به إِمامٌ مِن أَئِمَّةِ القُرّاءِ المُشْتَهَرِين في الأَمْصَارِ، فقد قَرَأَ بحَرْفٍ مِن الحُرُوفِ السَّبْعَةِ التي نَزَلَ القُرْآنُ بها، ومَن قَرَأَ بحَرْفٍ شَاذٍّ يُخَالِفُ المُصْحَفَ، وخَالَفَ في ذلِك جُمْهُورَ القُرَّاءِ(٨) المَعْرُوفِين فهو غيرُ مُصِيبٍ، وهذا مَذْهَبُ أَهل الدِّين وَالعِلْم، الذين هم القُدْوَةُ، ومَذْهَبُ الرَّاسِخِينَ، في عِلْمِ القُرْآنِ قَدِيماً وحَدِيثاً، وإلى هذا أَوْمَأَ [أَبو العباس النحوي و](٩) أَبو بَكْرِ بنُ الأَنْبارِيِّ في كتاب له أَلَّفَهُ في اتِّبَاعِ ما في المُصْحَف الإمامِ، ووَافَقَهُ علَى ذلك أَبو بكر بنُ مُجَاهِدٍ مُقْرِئُ أَهلِ العِراق، وغيرُه من الأَثْباتِ المُتَقِنِين، قال: ولا يَجوزُ عندي غيرُ ما قالُوا، والله تعالَى يُوَفِّقُنا لِلاتِّباعِ، وَيُجَنِّبُنَا الابْتِدَاعَ، آمينَ.
  وحَرَفَ لِعِيَالِهِ، يَحْرِفُ مِن حَدِّ ضَرَبَ: أي كَسَبَ مِن ههُنَا وههُنَا، مِثْل يَقْرِشُ ويَقْتَرِشُ، قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ.
  وقال أَبو عُبَيْدَةَ: حَرَفَ الشَّيْءَ عَنْ وَجْهِهِ حَرْفاً: صَرَفَهُ وقال غيرُه: حَرَفَ عَيْنَهُ حَرْفَةً، بالفَتْحِ: مَصْدَرٌ، وليست لِلْمَرَّةِ: كَحَلَهَا بالمِيلِ، وأَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ:
(١) سورة الحج الآية ١١.
(٢) على هامش القاموس عن نسخة أخرى: لا على الضرّاء.
(٣) كذا بالأصل واللسان والنهاية: وضبطت بالقلم في التهذيب «نُزِّلَ» على ما لم يسم فاعله.
(٤) قوله: فاقرأوا كما علمتم، من كلام ابن مسعود، كما في التهذيب وَاللسان والنهاية. وسيرد قوله قريباً.
(٥) سورة الفاتحة الآية ٤.
(٦) سورة المائدة الآية ٦٠.
(٧) عن النهاية وبالأصل «القراء» وفي التهذيب واللسان: القراءة.
(٨) في التهذيب: «القرأة» والأصل كاللسان.
(٩) زيادة عن التهذيب.