تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[زأف]:

صفحة 243 - الجزء 12

  مُسْتَقْبِلِينَ شَمَالَ الشَّأْمِ تَضْرِبُنَا ... بِحَاصِبٍ كَنَدِيفِ الْقُطْنِ مَنْثُورِ⁣(⁣١)

  علَى عَمَائِمِنَا تُلْقَى وأَرْحُلُنَا ... علَى زَوَاحِفَ نُزْجِيهَا مَحَاسِيرِ

  ومَزَاحِفُ الْحَيَّاثِ: آثارُ انْسِيَابِها، ومَوَاضِعُ مَدَبِّهَا، وَمنه قَوْلُ المُتَنَخِّلِ الهُذَلِيِّ:

  كَأَنَّ مَزاحِفَ الْحَيَّاتِ فِيهِ ... قُبَيْلَ الصُّبْحِ آثَارُ السَّيَاطِ⁣(⁣٢)

  وَفي الصحاح: «فيها»، وهو غَلَطٌ، فإِنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ إلى «أَبْيَضَ صَارِم» في البيتِ قَبْلَهُ⁣(⁣٣).

  ومن المَجَازِ: خَرَجُوا يَقْرُونَ مَزَاحِفَ السَّحَابِ، أي: مَصَابَّهُ، وحَيْثُ وَقَعَ قَطْرُهُ، وزَحَفَ إِليه، قال أَبو وَجْزَةَ:

  أَخْلَى بِلِينَةَ والرَّنْقَاء مَرْتَعَهُ ... يَقْرُو مَزَاحِفَ جَوْنٍ سَاقِطِ الرَّبَبِ

  أَراد: سَاقِطَ الرَّبَابِ، فقَصَرَهُ.

  والْمُزَيْحِفَةُ، مُصَغَّرًا ة: بِزَبِيدَ، حَرَسَهَا الله تَعَالَى.

  وزُحَيْفٌ، كَزُبَيْرٍ: جَبَلٌ بَيْنَ ضَرِيَّةَ ومَغِيبِ الشَّمْسِ، وبِجانِبِهِ بِئْرٌ، يُقَال لها: بِئْرُ زُحَيْفٍ، وله يَوْمٌ مَعْلُومٌ، قالوا:

  نَحْنُ صَبَحْنَا قَبْلَ مَن يُصَبِّحُ ... يَوْمَ زُحَيْفٍ والأَعَادِي جُنَّحُ

  كَتائِباً فيها بُنُودٌ تَلْمَحُ

  ونَارُ الزَّحْفَتَيْنِ: نَارُ الشِّيحِ، والْأَلَاءِ، لِأَنَّه يُسْرِعُ الاشْتِعَالُ فِيهِمَا، فيُزْحَفُ عنهما، كما في الصِّحاحِ، وفي المُحْكَمِ: نَارُ الزَّحْفَتَيْنِ: نَارُ العَرْفَجِ، وذلك أَنَّها سَرِيعَةُ الْأَخْذِ فيه، لِأَنَّه ضِرَامٌ، فإِذا الْتَهَبَتْ زَحَفَ عنها مُصْطَلُوها أُخُراً، ثم لا تَلْبَثُ أَنْ تَخْبُوَ، فيَزْحَفُونَ إِليها رَاجِعِينَ، وقال ابنُ بَرِّيّ: المعروفُ أَنَّهُ نارُ العَرْفَجِ، ولذلك يُدْعَى أَبا سَرِيعٍ، لِسُرْعَةِ النَّارِ فيهِ، وتُسَمَّى نَارُهُ نَارَ الزَّحْفَتَيْنِ، لأَنَّهُ يُسْرِعُ الالْتِهَابُ فيُزْحَفُ عنه، ثم لا يَلْبَثُ أَنْ يَخْبُوَ فيُزْحَفَ إِليه، وأَنْشَدَ أَبو العَمَيْثَلِ:

  وَسَوْدَاءِ الْمَعَاصِمِ لم يُغَادِرْ ... لَهَا كَفَلاً صِلَاءُ الزَّحْفَتَيْنِ

  وَفي الصِّحاحِ: قيل لِامْرَأَةٍ مِن العَرَبِ: مَا لَنَا نَراكُنَّ رُسْحاً؟ فقالَتْ: أَرْسَحَتْنا نَارُ الزَّحْفَتَيْنِ. وفي الأَساسِ: أَرْسَحَهُنَّ⁣(⁣٤) نارُ الزَّحْفَتَيْنِ وهي نَارُ العَرْفَجِ، لأَنَّهَا سَريعةُ الوَقْدَةِ والخَمْدَةِ، فلا يَبْرَحْنَ يَتَقَدَّمْنَ ويتَأَخَّرْنَ، زَحْفاً إِليْها وَعنْهَا.

  والزَّحَنْفَفَةُ مِن الرِّجَالِ: الذي يَكَادُ عُرْقُوبَاهُ يَصْطَكَّانِ، قالَهُ ابنُ عَبَّادٍ، قال: وهو أَيضا مَنْ يَزْحَفُ علَى الْأَرْضِ، قلتُ: إِمَّا إِعْيَاءً أو كِبَرًا.

  ورَجُلٌ زُحَفَةٌ زُحَلَةٌ، كَتُؤَدَةٍ⁣(⁣٥) فيهما: هو مَن لا يَسِيحُ في الْبِلَادِ، كما في المُحِيطِ، وفي الأَسَاسِ: رَحَّالُ إلى قُرْبٍ، وَليس بسَيَّاحٍ ولا طَيَّاحٍ في البلادِ.

  وقد سَمَّوْا زَاحِفاً، وزَحَّافاً، كَشَدَّادٍ، كذا في الجَمْهَرَةِ.

  ويُقَال: أَزْحَفَ لنا بَنُو فُلَانٍ، إِزْحَافاً: إذا صَارُوا يَزْحَفُونَ إِلينا زَحْفاً، لِيُقَاتِلُونا.

  وقال أَبو الصَّقْرِ: أَزْحَفَ فُلانٌ إِزْحَافاً: إذا بَلَغَ، وانْتَهى إلى غَايَةِ مَا طَلَبَ وأَرادَ.

  وأَزْحَفَ الْبَعِيرُ: أَعْيَا، فقَامَ علَى صَاحِبِه، فَهُوَ مُزْحِفٌ، قال ابنُ بَرِّيّ: شَاهِدُه قَوْلُ بِشْرِ بنِ أبي خَازِمٍ:

  فَإِلَى ابنِ أُمِّ إِيَاسَ: أُرْحِلُ نَاقَتِي ... عَمْرٍو فَتَبْلُغُ حَاجَتِي أَوْ تُزْحِفُ⁣(⁣٦)

  قلتُ: وكذا قَوْلُ العَجَّاجِ، يَصِفُ الثَّوْرَ والكِلابَ:

  وأَوْغَفَتْ شَوَارِعاً وأَوْغَفَا⁣(⁣٧)


(١) ديوانه ١/ ٢١٣ والحاصب: الريح الشديدة تحمل الحصباء.

(٢) ديوان الهذليين ٢/ ٢٥.

(٣) كذا بالأصل تبعاً للسان، والبيت في شعره بعده لا قبله وتمامه في الديوان:

شربت بجمّه وصدرت عنه ... وَأبيضَ صارمٍ ذكرٍ إباطي

(٤) في الأساس: أرسحتهنّ.

(٥) في القاموس: كهُمَزَةٍ.

(٦) بالأصل «قال» والمثبت «إلى» عن الديوان. وقوله ابن ام إياس صوابه «أم أناس» وهي أم أناس بنت ذهل بن شيبان.

(٧) بالأصل:

وَأدْغفت شوارعا وأدغفا

وَالمثبت عن الديوان ص ٨٤.