تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[زيف]:

صفحة 261 - الجزء 12

  وقَوْلُ أَبِي ذُؤَيْبٍ يَصِفُ الحَرْبَ:

  وَزَافَتْ كَمَوْجِ الْبَحْرِ تَسْمُو أَمَامَهَا ... وَقَامَتْ عَلَى سَاقٍ وآنَ التَّلاحُقُ⁣(⁣١)

  قيل: الزَّيْفُ هنا: أن تَدْفَع مُقَدَّمَهَا بمُؤَخَّرِهَا، كذا في اللِّسَانِ، ولم أَجِدْهُ في شِعْرِه⁣(⁣٢).

  وزَافَتِ الدَّرَاهِمُ، زُيُوفاً، وَزُيُوفَةً، بضَمِّهِمَا: صَارَتْ مَرْدُودَةً لِغِشٍّ فيها، وفي المُحْكَمِ: زَافَ الدِّرْهَمُ، يَزِيفُ: رَدُؤَ، يُقَال: دِرْهَمٌ زَيْفٌ، وزَائِفٌ، وَشَاهِدُ زَيْفٍ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

  تَرى الْقَوْمَ أَشْبَاهاً إِذَا نَزَلُوا مَعاً ... وَفي الْقَوْمِ زَيْفٌ مِثْلُ زَيْفِ الدَّرَاهِمِ

  وَأَنْشَدَ ابنُ بَرِّيّ لشاعرٍ:

  لَا تُعْطِهِ زَيْفاً ولَا نَبَهْرَجَا

  وَشَاهِدُ زَائِفٍ قَوْلُ المُزَرِّدِ:

  وَمَا زَوَّدُونِي غَيْرَ سَحْقِ عِمَامَةٍ ... وَخَمْسُ مِئٍى مِنْهَا قَسِيٌّ وزَائِفُ

  أَو الْأُوْلَى رَدِيئَةٌ مِن كَلامِ العامَّةِ، كما قَالَه ابنُ دُرَيْدٍ: ج: زِيَافٌ، بالكَسْرِ وأَزْيَافٌ.

  وزَافَ فُلانٌ الدَّرَاهِمَ: جَعَلَهَا زُيُوفاً، عن اللِّحْيَانِيِّ، كَزَيَّفَهَا تَزْيِيفاً.

  وزَافَ الْحَائِطَ، زَيْفاً: قَفْزَهُ، عن كُرَاعٍ.

  والزَّيْفُ: الإِفْرِيزُ، وهو الطَّنَفُ الذِي يَقِي الْحَائِطَ، وَيُحِيطُ بِه في أَعْلَى الدَّارِ، وبه فُسِّرَ قَوْلُ عَدِيِّ بنِ زَيْدٍ العِبَادِيِّ:

  تَرَكُونِي لَدَى حَدِيدٍ وأَعْرَا ... ضِ قُصُورٍ لِزَيْفِهِنَّ مَرَاقِي⁣(⁣٣)

  ويُقَال: الزَّيْفُ هنا: الدَّرَجُ مِن الْمَرَاقِي، وَالأَعْرَاضُ: الأَوْسَاطُ، وقِيلَ: الجَوَانِبُ، يُرِيدُ أَنَّهُم إذا مَشَوْا فيها فكأَنَّما يَصْعَدُونَ في دَرَجٍ ومَرَاقٍ، وإِنَّمَا عَنَى السِّجْنَ الذي كان حُبِسَ فيه.

  وقيل: الزَّيْفُ المشرَفُ في القُصُورِ، الْوَاحِدَةُ بِهَاءٍ وَقيل: إِنَّما سُمِّيَ بذلك لأَنَّ الحَمَامَ يَزِيفُ عليها مِن شُرْفَةٍ إِلَى شُرْفَةٍ.

  والزَّائِفُ، والزَّيَّافُ: الْأَسَدُ، لِتَبَخْتُرِهِ في مِشْيَتِهِ كالبَعِيرِ، وَالتَّشْدِيدُ للمُبَالَغَةِ، قال عمرُو بنُ مَعْدِي كَرِبَ ¥، يذْكُر أَسَداً شَبَّهَ نَفْسَهُ به:

  يَزِيفُ كما يَزِيفُ الفَحْ ... لُ فَوْقَ شُؤُونِهِ زَبَدُهُ

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه:

  الزَّيَّافَةُ من النُّوقِ: المُخْتَالَةُ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ قَوْلَ عَنْتَرَةَ:

  يَنْبَاعُ مِنْ ذِفْرَى غَضُوبٍ جَسْرَةٍ ... زَيَّافَةٍ مِثْلِ الْفَنِيقِ الْمُكْدمِ⁣(⁣٤)

  وَزَافَ البِنَاءُ، وغيرُه: طَالَ، وارْتَفَعَ.

  وَيُجْمَعُ الزَّيْفُ مِن الدَّرَاهِم علَى: الزُّيُوفِ، ومنه قَوْلُ امْرِئِ القَيْسِ:

  كَأَنَّ صَلِيلَ الْمَرْوِ حِينَ تَشُدُّهُ ... صَلِيلُ زُيُوفٍ يُنْتَقَدْنَ بِعَبْقَرَا⁣(⁣٥)

  وَيُجْمَعُ الزَّائِفُ، على الزُيِّفِ، ومنه قَوْلُ هُدْبَةَ بنِ الخَشْرَمِ:

  تَرَى وَرَقَ الْفِتْيَانِ فِيهَا كَأَنَّهُمْ ... دَرَاهِمُ مِنْهَا زَاكِيَاتٌ وزُيَّفٌ⁣(⁣٦)

  وَزَيَّفَ فُلانًا: بَهْرَجَهُ، وقيل: صَغَّرَ به، وحَقَّرَه، وهو مَجَازٌ، مَأْخُوذٌ مِن الدِّرْهمِ الزَّائِفِ، وهو الرَّدِيءُ.

  وَقيل: أَصْلُ التَّزْيِيفِ، تَميِيزُ الرَّائجِ مِن الزَّائِفِ، ثم اسْتُعْمِلَ في الرَّدِّ والإِبْطَالِ، كما في المِصْباحِ والعِنَايةِ.


(١) ديوان الهذليين ١/ ١٥٣ ويروى:

وَماجت كموج البحر أرخى سدوله ... وَقامت على ساقٍ

(٢) كذا والبيت موجود في شعره ديوان الهذليين ١/ ١٥٣ وشرح أشعار الهذليين ١/ ١٥٧.

(٣) اللسان والتهذيب برواية: لدى قصور.

(٤) بالأصل «المكرم» والمثبت عن شرح المعلقات العشر ص ١٢٨ وقوله «ينباع» يقصد به «ينبع» لكنه أشبع الفتحة لضرورة الوزن فتولدت من الاشباع ألف.

(٥) الديوان وفيه «تشذه» أي تفرقه، وفي معجم البلدان: «تطيره» بدل «تشده».

(٦) ويروى:

إذا ورق الفتيان صاروا كأنهم ... دراهم منها جائزات وزيّفٌ