تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[سدف]:

صفحة 267 - الجزء 12

  وقيل: هو بعْدَ الجُنْحِ، قال:

  وَلَقَدْ رَأَيْتُكَ بِالْقَوَادِمِ مَرَّةً ... وَعَلَيَّ مِنْ سَدَفِ العَشِيِّ لِيَاحُ⁣(⁣١)

  وقال ابنُ عَبَّادٍ: النَّعْجَةُ مِن الضَّأْنِ تُسَمَّى السَّدَفَ، وهي التي لها سَوَادٌ كسَوَادِ اللَّيْلِ، وتُدْعَى لِلْحَلْبِ بسَدَفْ سَدَفْ.

  وكَزُبَيْرٍ، سُدَيْفٌ بنُ إِسْمَاعِيلَ بنِ مَيْمُونٍ، شَاعِرٌ.

  وَالسُّدُوفُ، بالضَّمِّ: الشُّخُوصُ تَرَاهَا مِن بَعِيدٍ، وَقال الصَّاغانِيُّ: الصَّوَابُ بِالشِّينِ المُعْجَمَةِ⁣(⁣٢)، كما سيأْتِي، قلتُ: والصَّحِيحُ أَنَّهُمَا لُغَتَانِ.

  والْأَسْدَفُ: الأَسْوَدُ المُظْلِمُ، وأَنْشَدَ يَعْقُوبُ.

  فَلَمَّا عَوَى الذِّئْبُ مُسْتَعْقِرًا ... أَنِسْنَا بِه والدُّجَى أَسْدَفُ

  والسِّدافَةُ، كَكِتَابَةٍ: الْحِجَابُ، ومنه قَوْلُ أُمِّ سَلَمَةَ لِعَائِشَةَ رضي الله تَعَالَى عنهما، لمَّا ارادَت الخُرُوجَ إلى البَصْرَةِ: «تَرَكَتِ عُهَّيْدَى النَّبِيِّ ، وبعَيْنِ الله مَهْوَاكِ، وَعلَى رَسُولِهِ تَرِدِينَ، قد وَجَّهْتِ سِدَافَتَهُ» أَرادَتْ بِالسِّدَافَةِ الحِجَابَ والسِّتْرَ، وتَوْجِيهُها: كَشْفُهَا، أي: هَتَكْتِ السِّتْرَ، أيْ أَخَذْتِ وَجْهَهَا، وَيُقَال: وَجَّهَ فُلانٌ سِدَافَتَه: إذا تَرَكها وَحَرَجَ منها، وقيلَ للسِّتْرِ: سِدَافَةٌ، لأَنَّهُ يُسْدَفُ، أي: يُرْخَى عَلَيه، وقيل: أَرادتْ: أَزَلْتِهَا عَن مَكَانِهَا الذي أُمِرْتِ أَنْ تَلْزَمِيهِ، وجَعَلْتِها أَمَامَكِ، وَيروى: «سِجَافَتَهُ» بالجِيم، وقد مَرّتْ الإِشَارَةُ إِليه.

  والسَّدِيفُ، كَأَمِيرٍ: شَحْمُ السَّنَامِ، وفي الصِّحاحِ: السِّنَامُ، وزَادَ غيرُه: المُقَطَّعُ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ للشَّاعِر - وهو المُخَبَّلُ السَّعْدِيُّ -:

  إذا مَا الْخَصِيفُ الْعَوْثَبَانِيُّ سَاءَنَا ... تَرَكْنَاهُ واخْتَرْنَا السَّدِيفَ الْمُسَرْهَدَا⁣(⁣٣)

  وَأنْشَدَ الصَّاغَانِيُّ لِطَرَفَةَ:

  فَظَلَّ الْإِمَاءُ يَمْتَلِلْنَ حُوَارَهَا

  ويُسْعَى عَلَيْنَا بِالسَّدِيفِ الْمُسَرْهَدِ

  وقال أَبو عمرٍو: أَسْدَفَ، وأَغْدَفَ، وأَزْدَفَ: نَامَ، وقال أَبو عُبَيْدَةَ⁣(⁣٤). أَسْدَفَ اللَّيْلُ، وأَزْدَفَ، وأَشْدَفَ: إذا أَرْخَى سُتُورَهُ، وأَظْلَمَ، قال العَجَّاجُ:

  وأَقْطَعُ اللَّيْلَ إذا مَا أَسْدَفَا⁣(⁣٥)

  نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وقال ابنُ بَرِّيّ: ومِثْلُه للخَطَفَى جَدِّ جَرِيرٍ:

  يَرْفَعْنَ بِاللَّيْلِ إِذَا مَا أَسْدَفَا ... أَعْنَاقَ جِنَّانٍ وهَاماً رُجَّفَا

  وأَسْدَفَ الْفَجْرُ: أَضَاءَ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، ونَصُّه: أَسْدَفَ الصُّبْحُ، وقال أَبو عُبَيْدَةَ: الإِسْدَافُ مِن الأَضْدَادِ، وأَسْدَفَ: تَنَحَّى قال أَبو عمرٍو: إذا كان الرَّجُلُ قائماً بالبَاب، قُلْتَ له: أَسْدِفْ، أي: تَنَحَّ عن البابِ، حتى يُضِيءَ البَيْتُ.

  وأَسْدَفَ السِّتْرَ: رَفَعَهُ، قلتُ: وهو من الأَضْدادِ أَيضاً، لأَنَّهُ تقدَّم: أَسْدَفَ السِّتْرَ: أَرْخَاهُ.

  وأَسْدَفَ الرَّجُلُ: أَظْلَمَتْ عَيْنَاهُ مِن جُوعٍ أو كِبَرٍ، وَهو مَجَازٌ.

  وفي لُغَة هَوَازِنَ: أَسْدَفَ: أَسْرَجَ، مِن السِّرَاج، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ.

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه:

  أَسْدَفَ⁣(⁣٦) القَوْمُ: دَخَلُوا في السُّدْفَةِ، والسَّدَفُ، مُحَرَّكَةً: اللَّيْلُ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ:

  نَزُورُ الْعَدُوَّ علَى نَأْتِيهِ ... بِأَرْعَنَ كَالسَّدَفِ الْمُظْلَمِ

  وَأَنْشَدَ ابنُ بَرِّيّ للهُذَلِيِّ:

  وَمَاءٍ وَرَدْتُ عَلَى خِيفَةٍ ... وَقد جَنَّهُ السَّدَفُ الْمُظْلِمُ⁣(⁣٧)


(١) البيت في اللسان «روح» برواية: رياح بالراء المكسورة. والمثبت كاللسان هنا.

(٢) كذا بالأصل، والذي في التكملة: والسُّدُوف: الشخوص تراها من بعد.

(٣) تقدم البيت في خصف، وانظر ما لاحظناه هناك.

(٤) الأصل واللسان وفي التهذيب: «أبو عبيد».

(٥) قبله في أراجيزه:

أدفعها بالراح كي تزحلفا

(٦) عن اللسان وبالأصل «سدف القوم».

(٧) ديوان الهذليين ٣/ ٥٦ في شعر البريق الهذلي، وبرواية «الأدهم» بدل «المظلم».