تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الصاد مع الفاء

صفحة 322 - الجزء 12

  والصَّرَفيُّ، محرَّكةً، من النَّجائِبِ: مَنْسُوبٌ إلى الصَّرَفِ، قالهُ اللَّيْثُ، أَو الصَّوابُ بالدّالِ وصَحَّحُوه، وقد تقدّم.

  وقال ابنُ الأَعرابِيّ: أَصْرَفَ الشاعرُ شِعْرَهُ: إذا أَقْوَى فيه وخالَفَ بين القافَيَتَيْنِ، يُقال: أَصْرَفَ الشاعرُ القافيَةَ، قال ابنُ بَرِّي: ولم يَجِيءْ أَصْرَفَ غيره، أَو هو الإِقْواءُ، بِالنَّصْبِ ذكره المُفَضِّلُ بنُ محمّدٍ الضَّبِّيُّ الكَوفيُّ، ولم يَعْرِف البَغدادِيُونَ الإِصْرافَ، والخَليلُ لا يُجيزُه - أي الإِقْواءَ - بالنَّصْبِ، وكذا أَصحابُه لا يُجيزُونَه وقَدْ جاءَ في شِعْرِ العربِ، ومنه قَولُه:

  أَطْعَمْتُ جابانَ حتَّى اسْتَدَّ مَعْرِضُه ... وَكاد ينْقَدُّ لَوْ لا أَنَّهُ طافَا

  وَيَنْقَدُّ، أي: يَنْشَقُّ:

  فقُلْ لجابانَ يَتْرُكْنا لطِيَّتِه ... نَوْمُ الضُّحَى بَعْدَ نَوْمِ اللَّيْلِ إِسْرافُ

  وَبعضُ الناسِ يَزْعُمُ أنَّ قولَ امْرِئِ القَيْسِ:

  فَخَرَّ لرَوْقَيْه وأَمْضَيْتُ مُقْدِماً ... طُوالَ القَرَا والرَّوْقِ أَخْنَسَ ذَيّالِ⁣(⁣٢)

  من الإِقْوَاءِ بالنَّصْب، لأَنَه وَصَلَ الفعْلَ إلى أَخْنَسَ.

  وتَصْرِيفُ الآيات: تَبْيِينُها ومنه قَوْلُه تَعالَى: {وَصَرَّفْنَا الْآياتِ}⁣(⁣٣).

  والتَّصْرِيف في الدَّراهِمِ والبِياعاتِ: إِنْفاقُها هكذا في سائرِ النُّسخ، والصواب: تَصْرِيفُ الدَّراهِمِ في البِياعاتِ كُلِّها إِنْفاقُها، كما هو نَصّ العُباب، وفي اللِّسان: التَّصْرِيفُ في جَميعِ البِياعاتِ: إِنْفاقُ الدَّراهِمِ، فتَأَمَّلْ ذلك.

  والتَّصْرِيفُ في الكَلامِ: اشْتِقاقُ بَعْضِه من بَعْض.

  والتصريف في الرِّياحِ: تَحْوِيلُها من وَجْهٍ إلى وَجْهٍ ومن حالٍ إلى حالٍ، قال اللَّيْثُ: تَصْرِيفُ الرِّياحِ صَرْفُها من جِهَةٍ إلى جِهَةٍ، وكذلك تَصْرِيفُ السُّيُولِ والخُيُولِ وَالأُمورِ والآياتِ، وقال غيرُه: تَصْرِيفُ الرِّياحِ: جَعْلُها جَنُوباً وشَمالاً وصَباً ودَبُورًا، فجَعَلَها ضُرُوباً في أَجْناسِها.

  والتَّصْرِيفُ في الخَمْرِ: شُرْبُها صِرْفاً أي غيرَ ممزوجةٍ: وصَرّفتُهُ في الأَمرِ تصريفاً فتَصَرَّفَ فيهِ أي: قَلَّبْتُه: فَتَقَلَّبَ.

  ويُقال: اصطَرَفَ لِعيالِهِ: إذا تَصَرَّفَ في طَلَبِ الكَسْبِ قال العَجّاجُ:

  قد يَكْسِبُ المالَ الهِدانُ الجافي ... بغَيْرِ ما عَصْفٍ ولا اصْطِرافِ

  هكذا أَنْشَدَه الجَوهرِيُّ، والمَشْطورُ الثانِي للعَجّاج دُونَ الأَول، والرِّوايَةُ فيه: «مِنْ غير لا عَصْفٍ».

  وَلرُؤْبَةَ أُرْجُوزةٌ على هذا الرَّوِيِّ، وليسَ المَشْطُورانِ ولا أَحدُهُما فِيها، قاله الصاغانِيّ.

  واسْتَصْرَفْتُ الله المَكارِهَ: أي سَأَلْتُه صَرْفَها عَنِّي.

  وانْصَرَفَ: انْكَفَّ هكذا في النُّسَخِ، والصوابُ انْكَفَأَ، كما هو نَصُّ العُبابِ، وهو مُطاوِعُ صَرَفَه عن وَجْهِه فانْصَرَفَ، وقوله تعالى: {ثُمَّ انْصَرَفُوا}⁣(⁣٤) أي: رَجَعُوا عن المَكانِ الذي اسْتَمَعُوا فيه، وقِيلَ: انْصَرَفُوا عن العَمَلِ بشَيءٍ مما سَمِعُوا.

  والاسْمُ على ضَرْبَيْنِ: مُنْصَرِفٌ، وغيرُ مُنْصَرِفٍ قال الزَّمَخْشَرِيُّ: الاسمُ يمتَنِعُ من الصَّرْفِ متى اجْتَمَع فيه اثنانِ من أَسْبابِ تِسْعَةٍ، أو تَكَرَّرَ واحِدٌ، وهي: العَلَمِيّة والتّأنِيثُ اللّازِمُ لَفْظاً أو مَعْنًى، نحو: سُعادَ وَطَلْحَةَ.

  وَوَزْن الفِعْلِ الذي يَغْلِبُه في نَحْوِ⁣(⁣٥) أَفْعَل، فإِنَّه فيه أَكْثَرُ منه في الإِسْمِ، أو يَخُصُّه في نحو: ضَرَبَ، إن سُمِّيَ به.

  وَالوَصْفِيّة في نحو: أَحْمَرَ.


(١) في القاموس: «أطمعتُ» وعلى هامشه على نسخة أخرى «أطعمت» كالأصل والتكملة. وفي التكملة «مغرضه» بدل «معرضه». وجابان: اسم جمل.

(٢) ديوانه ط بيروت ص ١٤٤ برواية:

فجال الصوار واتقين بقرهبٍ طويلٍ

(٣) سورة الأحقاف الآية ٢٧ والأصل {وَلَقَدْ صَرَّفْنا ...}.

(٤) سورة التوبة الآية ١٢٧.

(٥) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «وزن».