[عرجف]:
  وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَفَ) بَعْضَه وأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ(١): أيْ جازَى حَفْصَةَ رَضِيَ الله تَعالَى عَنْها ببَعْضِ ما فَعَلَتْ قال الفَرّاءُ: من قَرَأَ «عَرَّفَ» بالتّشْديدِ، فمَعْناه أَنّه عَرَّفَ حَفْصَةَ بعضَ الحَدِيثِ وترَكَ بَعْضاً، ومن قَرأَ بالتَّخْفِيف، أَرادَ غَضِبَ من ذلِكَ، وجازَى عَلَيهِ، قال: ولعَمْرِي جازَى حَفْصَةَ بطَلاقِها، قال: وهو وَجْهٌ حَسَنٌ، قرأَ بذلِك أَبو عَبْدِ الرَّحْمنِ السُّلَمِيّ.
  أَو مَعْناهُ: أَقَرَّ ببَعْضِه (وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ)، ومنه قولُهم: أَنا أَعْرِفُ للمُحْسِنِ والمُسِئِ: أي لا يَخْفَى عليَّ ذلكَ ولا مُقابَلَتُه بما يُوافِقُه وفي حدِيثِ عَوْفِ بن مالِكٍ: «لتَرُدَّنَّهُ أَو لأُعَرِّفَنَّكَها عندَ رسُولِ الله ﷺ» أي لأُجازِيَنَّك بها حتَّى تَعْرِف(٢) سُوءَ صَنِيعِك، وهي كلمةٌ تُقالُ عند التَّهْدِيدِ والوَعِيدِ، وقالَ الأَزْهَري: قَرَأَ الكِسائِيُّ وَالأَعْمشُ(٣) عن أَبِي بَكْرٍ عن عاصِمٍ «عَرَف بَعْضُه» خفيفةً، وَقرأَ حَمْزةُ ونافِعٌ وابنُ كَثِيرٍ وأَبو عَمْرٍو وابنُ عامِرٍ اليَحْصُبِيُّ بالتّشْدِيدِ.
  والعَرْفُ: الرِّيحُ طيِّبَةً كانَتْ أَو مُنْتِنةً يُقال: ما أَطْيَبَ عَرْفَه! كما في الصِّحاحِ، وأَنشدَ ابنُ سِيدَه:
  ثَناءٌ كَعُرْفِ الطِّيبِ يُهْدَى لأَهْلِه ... وَلَيْسَ له إلّا بَنِي خالِدٍ أَهْلُ
  وَقال البُرَيْقُ(٤) الهُذَلِيُّ في النَّتْنِ:
  فلَعَمْرُ عَرْفِكِ ذِي الصُّماخِ كما ... عَصَبَ السِّفادُ بغَضْبةِ اللِّهْمِ(٥)
  وأَكْثَرُ اسْتِعمالِه في الطَّيِّبَةِ ومنه الحَدِيثُ: «من فَعَل كَذَا وَكَذَا لم يَجِدْ عَرْفَ الجَنَّةِ» أي: رِيحَها الطَّيِّبَةَ.
  وفي المثل: «لا يَعْجَزُ مَسْكُ السَّوْءِ عن عَرْفِ السَّوْءِ» كما في الصِّحاحِ، قال الصاغانيُّ: يُضْرَبُ للَّئِيمِ الذي لا يَنْفَكُ عن قُبْحِ فِعْلِه، شُبِّهَ بجِلْدٍ لَم يَصْلُحْ للدِّباغِ فنُبِذَ جانِباً، فأَنْتَنَ.
  والعَرْفُ: نَباتٌ، أو الثُّمامُ، أو نَبْتٌ ليْسَ بحَمْضٍ ولا عِضاهٍ من الثُّمامِ كذا في المُحيطِ واللِّسانِ.
  والعَرْفَةُ بهاءٍ: الرِّيحُ.
  والعَرْفَةُ: اسمُ من اعْتَرَفَهُم اعْتِرافاً: إذا سَأَلَهُم عن خَبَرٍ ليَعْرِفَه، ومنه قولُ بِشْرِ بنِ أَبي خازِمٍ:
  أَسائِلَةٌ عُمَيْرَةُ عن أَبِيها ... خِلالَ الجَيْشِ تَعْتَرِفُ الرِّكابَا(٦)
  ويُكْسَرُ.
  والعَرْفَةُ أيضاً: قُرْحَةٌ تَخْرُجُ في بَياضِ الكَفِّ نقله الجوهريُّ عن ابنِ السِّكِّيتِ.
  ويُقال: عُرِف الرَّجلُ كعُنِيَ عَرْفاً، بالفَتْحِ وفي بعضِ النُّسخِ عِرْفانًا بالكسرِ، فهو معْرُوفٌ: خَرَجَتْ به تِلكَ القُرْحَةُ، كما في الصِّحاح.
  والمَعْرُوفُ: ضِدُّ المُنْكَرِ قال الله تعالَى: {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ}(٧) وفي الحَدِيث: «صَنائِعُ المَعْرُوفِ تَقِي مَصارِعَ السُّوءِ».
  وَقال الرّاغِبُ: المَعْرُوفُ: اسمٌ لكلِّ فِعْلٍ يُعْرَفُ بالعَقْلِ وَالشَّرْعِ حُسْنُه، والمُنْكَرُ: ما يُنْكَرُ بِهِما، قال تَعالى: {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}(٨) وقالَ تعالَى: {وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً}(٩) ومن هذا قيل للاقْتِصادِ في الجُودِ: مَعْرُوفٌ، لَمّا كانَ ذلِك مُسْتَحْسَنًا في العُقولِ، وبالشَّرْعِ نحو: {وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ}(١٠) وقولُه: {وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ}(١١) أي بالاقْتِصادِ، وَالإِحسانِ، وقولُه: (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ
(١) سورة التحريم الآية ٣ والقراءة: {عَرَّفَ}.
(٢) عن اللسان وبالأصل «يعرف».
(٣) الأصل واللسان عن الأزهري، وفي التهذيب: الأعشى.
(٤) كذا بالأصل واللسان والبيت ليس في شعره في ديوان الهذليين، وهو من أبيات وردت في شرح أشعار الهذليين في شعر الأعلم، أخي صخر الغي الهذلي، ج ١/ ٣٢٤.
(٥) عجزه بالأصل:
عصب السفار بعصبة اللهم
وَالمثبت عن شرح أشعار الهذليين.
(٦) التهذيب برواية: خلال الركب.
(٧) سورة لقمان الآية ١٧.
(٨) سورة آل عمران الآية ١١٠.
(٩) سورة الأحزاب الآية ٣٢.
(١٠) سورة النساء الآية ٦.
(١١) سورة البقرة الآية ٢٤١.