تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[عرجف]:

صفحة 375 - الجزء 12

  وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَفَ) بَعْضَه وأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ⁣(⁣١): أيْ جازَى حَفْصَةَ رَضِيَ الله تَعالَى عَنْها ببَعْضِ ما فَعَلَتْ قال الفَرّاءُ: من قَرَأَ «عَرَّفَ» بالتّشْديدِ، فمَعْناه أَنّه عَرَّفَ حَفْصَةَ بعضَ الحَدِيثِ وترَكَ بَعْضاً، ومن قَرأَ بالتَّخْفِيف، أَرادَ غَضِبَ من ذلِكَ، وجازَى عَلَيهِ، قال: ولعَمْرِي جازَى حَفْصَةَ بطَلاقِها، قال: وهو وَجْهٌ حَسَنٌ، قرأَ بذلِك أَبو عَبْدِ الرَّحْمنِ السُّلَمِيّ.

  أَو مَعْناهُ: أَقَرَّ ببَعْضِه (وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ)، ومنه قولُهم: أَنا أَعْرِفُ للمُحْسِنِ والمُسِئِ: أي لا يَخْفَى عليَّ ذلكَ ولا مُقابَلَتُه بما يُوافِقُه وفي حدِيثِ عَوْفِ بن مالِكٍ: «لتَرُدَّنَّهُ أَو لأُعَرِّفَنَّكَها عندَ رسُولِ الله » أي لأُجازِيَنَّك بها حتَّى تَعْرِف⁣(⁣٢) سُوءَ صَنِيعِك، وهي كلمةٌ تُقالُ عند التَّهْدِيدِ والوَعِيدِ، وقالَ الأَزْهَري: قَرَأَ الكِسائِيُّ وَالأَعْمشُ⁣(⁣٣) عن أَبِي بَكْرٍ عن عاصِمٍ «عَرَف بَعْضُه» خفيفةً، وَقرأَ حَمْزةُ ونافِعٌ وابنُ كَثِيرٍ وأَبو عَمْرٍو وابنُ عامِرٍ اليَحْصُبِيُّ بالتّشْدِيدِ.

  والعَرْفُ: الرِّيحُ طيِّبَةً كانَتْ أَو مُنْتِنةً يُقال: ما أَطْيَبَ عَرْفَه! كما في الصِّحاحِ، وأَنشدَ ابنُ سِيدَه:

  ثَناءٌ كَعُرْفِ الطِّيبِ يُهْدَى لأَهْلِه ... وَلَيْسَ له إلّا بَنِي خالِدٍ أَهْلُ

  وَقال البُرَيْقُ⁣(⁣٤) الهُذَلِيُّ في النَّتْنِ:

  فلَعَمْرُ عَرْفِكِ ذِي الصُّماخِ كما ... عَصَبَ السِّفادُ بغَضْبةِ اللِّهْمِ⁣(⁣٥)

  وأَكْثَرُ اسْتِعمالِه في الطَّيِّبَةِ ومنه الحَدِيثُ: «من فَعَل كَذَا وَكَذَا لم يَجِدْ عَرْفَ الجَنَّةِ» أي: رِيحَها الطَّيِّبَةَ.

  وفي المثل: «لا يَعْجَزُ مَسْكُ السَّوْءِ عن عَرْفِ السَّوْءِ» كما في الصِّحاحِ، قال الصاغانيُّ: يُضْرَبُ للَّئِيمِ الذي لا يَنْفَكُ عن قُبْحِ فِعْلِه، شُبِّهَ بجِلْدٍ لَم يَصْلُحْ للدِّباغِ فنُبِذَ جانِباً، فأَنْتَنَ.

  والعَرْفُ: نَباتٌ، أو الثُّمامُ، أو نَبْتٌ ليْسَ بحَمْضٍ ولا عِضاهٍ من الثُّمامِ كذا في المُحيطِ واللِّسانِ.

  والعَرْفَةُ بهاءٍ: الرِّيحُ.

  والعَرْفَةُ: اسمُ من اعْتَرَفَهُم اعْتِرافاً: إذا سَأَلَهُم عن خَبَرٍ ليَعْرِفَه، ومنه قولُ بِشْرِ بنِ أَبي خازِمٍ:

  أَسائِلَةٌ عُمَيْرَةُ عن أَبِيها ... خِلالَ الجَيْشِ تَعْتَرِفُ الرِّكابَا⁣(⁣٦)

  ويُكْسَرُ.

  والعَرْفَةُ أيضاً: قُرْحَةٌ تَخْرُجُ في بَياضِ الكَفِّ نقله الجوهريُّ عن ابنِ السِّكِّيتِ.

  ويُقال: عُرِف الرَّجلُ كعُنِيَ عَرْفاً، بالفَتْحِ وفي بعضِ النُّسخِ عِرْفانًا بالكسرِ، فهو معْرُوفٌ: خَرَجَتْ به تِلكَ القُرْحَةُ، كما في الصِّحاح.

  والمَعْرُوفُ: ضِدُّ المُنْكَرِ قال الله تعالَى: {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ}⁣(⁣٧) وفي الحَدِيث: «صَنائِعُ المَعْرُوفِ تَقِي مَصارِعَ السُّوءِ».

  وَقال الرّاغِبُ: المَعْرُوفُ: اسمٌ لكلِّ فِعْلٍ يُعْرَفُ بالعَقْلِ وَالشَّرْعِ حُسْنُه، والمُنْكَرُ: ما يُنْكَرُ بِهِما، قال تَعالى: {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}⁣(⁣٨) وقالَ تعالَى: {وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً}⁣(⁣٩) ومن هذا قيل للاقْتِصادِ في الجُودِ: مَعْرُوفٌ، لَمّا كانَ ذلِك مُسْتَحْسَنًا في العُقولِ، وبالشَّرْعِ نحو: {وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ}⁣(⁣١٠) وقولُه: {وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ}⁣(⁣١١) أي بالاقْتِصادِ، وَالإِحسانِ، وقولُه: (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ


(١) سورة التحريم الآية ٣ والقراءة: {عَرَّفَ}.

(٢) عن اللسان وبالأصل «يعرف».

(٣) الأصل واللسان عن الأزهري، وفي التهذيب: الأعشى.

(٤) كذا بالأصل واللسان والبيت ليس في شعره في ديوان الهذليين، وهو من أبيات وردت في شرح أشعار الهذليين في شعر الأعلم، أخي صخر الغي الهذلي، ج ١/ ٣٢٤.

(٥) عجزه بالأصل:

عصب السفار بعصبة اللهم

وَالمثبت عن شرح أشعار الهذليين.

(٦) التهذيب برواية: خلال الركب.

(٧) سورة لقمان الآية ١٧.

(٨) سورة آل عمران الآية ١١٠.

(٩) سورة الأحزاب الآية ٣٢.

(١٠) سورة النساء الآية ٦.

(١١) سورة البقرة الآية ٢٤١.