تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[علهف]:

صفحة 400 - الجزء 12

  نقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وقِيلَ: هو الَّذِي لا يُحْسِنُ الرُّكُوبَ، وقيل: هو الذي لا عَهْدَ له بُرُكوبِ الخَيْلِ، قال امْرُؤُ القَيْسِ يصفُ فَرَساً:

  يُزِلُّ الغُلامَ الخِفَّ عن صَهَواتِه ... وَيُلْوِي بأَثْوابِ العَنِيفِ المُثَقَّلِ⁣(⁣١)

  وَشاهِدُ الجَمْعِ:

  لم يَرْكَبُوا الخَيْلَ إِلا بعْدَ ما هَرِمُوا ... فَهُم ثِقالٌ على أَكْتافِها عُنُفُ

  والعَنِيفُ: الشَّدِيدُ من القَوْلِ ومنه قَوْلُ أَبِي صَخْرٍ الهُذَلِيِّ يُعَرِّضُ بتَأَبَّطَ شَرَّاً:

  فإِنَّ ابنَ تُرْنَى إذا جِئْتُكُمْ ... أَراهُ يُدافِعُ قَوْلاً عَنِيفاً⁣(⁣٢)

  والعَنِيفُ أَيضاً: الشِّدِيدُ من السَّيْرِ.

  وقال الكِسائِيُّ: يُقال: كانَ ذلك مِنّا عُنْقَةً، بالضَّمِّ وعُنُفَةً بضَمَّتَيْنِ، واعْتِنافاً: أي ائْتِنافاً قلِبَت الهمزةُ عيْنًا، وَهذه هي عَنْعَنَةُ بني تمِيم.

  وعُنْفُوانُ الشّيْءِ، بالضِّمِّ وعَلَيه اقتصر الجَوْهرِيُّ، وهو فُعْلُوان من العُنْفِ، ويَجُوزُ أَن يكونَ أَصلُه أُنْفُوان فقُلِبَت الهمزةُ عينًا وزاد ابنُ عبّادٍ: عُنْفُوُّه، مشَدّدَةً: أي أَوَّلُه كما في الصِّحاحِ، أَو أَوّلُ بَهْجتِه كما في العينِ والتّهْذِيبِ، وقد غَلَب على الشَّبابِ والنباتِ، قال عَدِيُّ بنُ زَيْدٍ العِبادِيُّ:

  أَنْشَأْتَ تَطَّلِبُ الّذِي ضَيَّعْتَه ... في عُنْفُوانِ شَبابِك المُتَرَجْرِجِ

  وَفي حَدِيثِ مُعاوِيَةَ: «عُنْفُوان المَكْرَعِ» أي: أَوَّله، وَشاهِدُ النّباتِ قولُه:

  ما ذَا تَقُولُ نِيئُها تَلَمَّسُ ... وقد دَعاهَا العُنْفُوانُ المُخْلِسُ

  ويُقال: هُمْ يَخْرُجُونَ عُنْفُوانًا عَنْفاً عَنْفاً، بالفَتْحِ أي: أَوَّلاً فأَوَّلاً وقال أَبو عَمْرٍو: العَنَفَةُ، محرَّكَةً: الَّذِي يَضْرِبُه الماءُ فيُدِيرُ الرَّحَى.

  قال: والعَنَفَة أَيضاً: ما بَيْنَ خَطَّيِ الزَّرْعِ.

  وقال غيرُه: اعْتَنَفَ الأَمْرَ: إذا أَخَذَه بعُنْفٍ وشِدَّةٍ.

  واعْتَنَفَه: ابْتَدَأَهُ قال اللَّيْثُ: وبعضُ بَنِي تَمِيم يَقُول: اعْتَنَفَ الأَمْرَ، بمَعْنَى ائْتَنَفَهُ وهذِه هي العَنْعَنةُ.

  وقال أَبُو عُبَيْدٍ⁣(⁣٣): اعْتَنَفَ الشَّيْءَ: جَهِلَه ووَجَدَ لَه عَلَيهِ مَشَقّة وعُنْفاً، ومنه قَوْلُ رُؤْبةَ:

  بأَرْبَعٍ لا يَعْتَنِفْنَ العَفْقَا

  أي: لا يَجْهَلْنَ شِدَّةَ العَدْوِ.

  أَو اعْتَنَفَه اعْتِنافاً: إذا أَتاهُ ولَم يكُنْ له بِهِ عِلْمٌ قال أَبو نُخَيْلَةَ السَّعْدِيُّ يَرْثي ضِرارَ بنَ الحارثِ العَنْبَرِيَّ:

  نَعَيْتُ امْرَأً زَيْنًا إِذَا تُعْقَدُ الحُبَى ... وَإِنْ أُطْلِقَتْ لم تَعْتَنِفْهُ الوَقائِعُ

  أي: ليسَ يُنْكِرُها⁣(⁣٤).

  واعْتَنَفَ الطَّعامَ والأَرْضَ اعْتِنافاً: كَرِهَهُما قال الباهِلِيُّ: أَكَلْتُ طَعاماً فاعْتَنَفْتُه؛ أي: أَنْكَرْتُه، قال الأَزْهَرِيُّ: وذلِك إذا لم يُوافِقْه، وقالَ غيرُه: اعْتَنفَ الأَرْضَ: إذا كرِههَا. وَاسْتَوْخمَها.

  واعْتَنفتْنِي الأَرْضُ نَفْسُها: نَبَتْ⁣(⁣٥)، ولَم تُوافِقْنِي وَأَنْشدَ ابنُ الأَعْرابِيِّ:

  إذا اعْتَنفَتْنِي بلْدَةٌ لم أَكُنْ لَها ... نَسِيًّا، ولم تُسْدَدْ عليَّ المَطالِبُ⁣(⁣٦)

  ويُقال: هذه إِبلٌ مُعْتَنِفَةٌ: إذا كانَتْ في أَرْضٍ لا تُوافِقُها.

  ويُقال: اعْتَنَفَ المَجْلِسَ: إذا تَحَوَّلَ عنهُ كائْتَنَفَ، ومنه


(١) ديوانه، وتقدم في خفف. انظر ما لاحظناه هناك.

(٢) ديوان الهذليين ٢/ ٧٣ في شعر صخر الغي، وليس كما ورد بالأصل أنه لأبي صخر. وقوله: ابن ترنى كأنه يهجّن أمه، فابن ترنى وابن فرتنى من أسماء العبيد.

(٣) في التهذيب: أبو عبيدة.

(٤) مكانها في التهذيب واللسان: يريد: لم تجده الوقائع جاهلاً بها.

(٥) في اللسان: واعتنفته الأرضُ نفسها: نَبَتْ عَلَيه.

(٦) التهذيب برواية: «نسيباً» وقد ورد البيت فيه وفي اللسان شاهداً على الاعتناف بمعنى الكراهة.